للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُؤْمَرُونَ بِذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ خَيْطٌ غَلِيظٌ يُشَدُّ فِي الْوَسَطِ فَوْقَ الثِّيَابِ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا فِي الرَّجُلِ. أَمَّا الْمَرْأَةُ، فَتَشُدُّهُ تَحْتَ الْإِزَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ. لَكِنْ مَعَ ظُهُورِ بَعْضِهِ حَتَّى يَحْصُلَ بِهِ فَائِدَةٌ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيَسْتَوِي فِيهِ سَائِرُ الْأَلْوَانِ، قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَلَيْسَ لَهُمْ إبْدَالُهُ بِمِنْطَقَةٍ وَمِنْدِيلٍ وَنَحْوِهِمَا وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْغُبَارِ وَالزُّنَّارِ أَوْلَى وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَمَنْ لَبِسَ مِنْهُمْ قَلَنْسُوَةً يُمَيِّزُهَا عَنْ قَلَانِسِنَا بِعَلَامَةٍ فِيهَا وَإِذَا دَخَلَ الذِّمِّيُّ مُجَرَّدًا حَمَّامًا فِيهِ مُسْلِمُونَ، أَوْ تَجَرَّدَ عَنْ ثِيَابِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ حَمَّامٍ جَعَلَ وُجُوبًا فِي عُنُقِهِ خَاتَمَ حَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا يَجْعَلُهُ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ.

قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَالْخَاتَمُ طَوْقٌ يَكُونُ فِي الْعُنُقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِبُ الْقَطْعُ بِمَنْعِهِمْ مِنْ التَّشَبُّهِ بِلِبَاسِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعَاظُمِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُمْنَعُونَ مِنْ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّطَاوُلِ وَالْمُبَاهَاةِ وَتَجْعَلُ الْمَرْأَةُ خُفَّهَا لَوْنَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّمْيِيزُ بِكُلِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ بَلْ يَكْفِي بَعْضُهَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَلَا يَنْبَغِي لِفَعَلَةِ الْمُسْلِمِينَ وَصُيَّاغِهِمْ أَنْ يَعْمَلُوا لِلْمُشْرِكِينَ كَنِيسَةً أَوْ صَلِيبًا وَأَمَّا نَسْجُ الزَّنَانِيرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ فِيهَا صَغَارًا لَهُمْ. (وَيُمْنَعُونَ) أَيْ الذُّكُورُ الْمُكَلَّفُونَ فِي بِلَادِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَوْقَ الثِّيَابِ فَجَمْعُ الْخِيَارِ مَعَ الزُّنَّارِ تَأْكِيدٌ وَمُبَالَغَةٌ فِي الشُّهْرَةِ وَالتَّمْيِيزِ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَتَعْبِيرِي بِأَوْ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ اهـ وَقَوْلُهُ: فَجَمْعُ الْغِيَارِ مَعَ الزُّنَّارِ أَيْ فِي عِبَارَةِ أَصْلِهِ أَوْ فِيمَا يَفْعَلُ بِهِمْ.

قَوْلُهُ: (خَيْطٌ غَلِيظٌ) فِيهِ أَلْوَانٌ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (فَوْقَ الثِّيَابِ) أَيْ لِلذُّكُورِ وَيَمْتَنِعُ إبْدَالُهُ بِنَحْوِ مِنْدِيلٍ أَوْ مِنْطَقَةٍ وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ لُبْسِ نَحْوِ دِيبَاجٍ وَطَيْلَسَانٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ أَيْضًا مِنْ إظْهَارِ عِيدٍ لَهُمْ، وَكَذَا مِنْ نَحْوِ: لَطْمٍ وَنَوْحٍ وَقِرَاءَةِ نَحْوِ تَوْرَاةٍ، وَإِنْجِيلٍ وَلَوْ بِكَنَائِسِهِمْ وَلَا يُمْنَعُونَ مِمَّا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ، كَفِطْرِ رَمَضَانَ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ تَكْلِيفُهُمْ بِالْفُرُوعِ وَلِذَلِكَ حَرُمَ بَيْعُ الْمُفْطِرَاتِ لَهُمْ فِيهِ لِمَنْ عَلِمَ وَلَوْ بِالظَّنِّ أَنَّهُمْ يَتَعَاطُونَهَا نَهَارًا لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ قَوِيَّةٍ عَلَى الدَّلَالَةِ بِالتَّهَاوُنِ بِالدِّينِ. وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ دُخُولَهُمْ الْمَسَاجِدَ. اهـ. ق ل. عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَشُدُّهُ تَحْتَ الْإِزَارِ إلَخْ) رَدَّهُ ابْنُ حَجَرٍ بِأَنَّ فِيهِ تَشْبِيهًا بِمَا يَخْتَصُّ عَادَةً بِالرَّجُلِ وَقَدْ يُقَالُ: جَعْلُهُ تَحْتَ الْإِزَارِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُخْتَصِّ بِالرِّجَالِ كَمَا فِي سم عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ فِي الزُّنَّارِ. قَوْلُهُ: (بِمِنْطَقَةٍ) أَيْ تُجْعَلُ فِي الْوَسَطِ وَكَذَا مِنْدِيلٌ يُجْعَلُ عَلَى الْوَسَطِ بَدَلَهُ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ مُسْلِمُونَ) وَتُمْنَعُ ذِمِّيَّةٌ مِنْ حَمَّامٍ بِهِ مُسْلِمَةٌ تَرَى مِنْهَا مَا لَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ فَلَوْ لَمْ تُمْنَعْ الذِّمِّيَّةُ حَرُمَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ الدُّخُولُ مَعَهَا حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَحَرُمَ عَلَى زَوْجِهَا أَيْضًا تَمْكِينُهَا مِنْ الدُّخُولِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (خَاتَمُ حَدِيدٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ لَا غَيْرُ وَيُقَالُ: فِيهِ خَتْمٌ وَخَاتَامٌ وَأَمَّا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ فَيَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ رَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا مِنْ لَحْنِ الْعَامَّةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالْخَاتَمُ طَوْقٌ) لَيْسَ هَذَا مُتَعَيِّنًا بَلْ يَصِحُّ إبْقَاءُ الْخَاتَمِ عَلَى حَقِيقَتِهِ.

قَوْلُهُ: (بَلْ يَكْفِي بَعْضُهَا) وَمِنْ الْبَعْضِ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْعِمَامَةُ الْمُعْتَادَةُ لَهُمْ الْآنَ وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لُبْسُ الْعِمَامَةِ الْمُعْتَادَةِ لَهُمْ وَإِنْ جَعَلَ عَلَيْهِ عَلَامَةً تُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ كَوَرَقَةٍ بَيْضَاءَ مَثَلًا أَمْ لَا لِأَنَّ فِعْلَ مَا ذُكِرَ يَخْرُجُ بِهِ الْفَاعِلُ عَنْ زِيِّ الْكُفَّارِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَةَ لَا يَهْتَدِي فِيهَا لِتَمْيِيزٍ عَنْ غَيْرِهِ حَيْثُ كَانَتْ الْعِمَامَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ زِيِّ الْكُفَّارِ خَاصَّةً وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْحُرْمَةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ لُبْسِ طُرْطُورِ الْيَهُودِيِّ مَثَلًا عَلَى سَبِيلِ السُّخْرِيَةِ فَيُعَزَّرُ فَاعِلُ ذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (لِفَعَلَةِ الْمُسْلِمِينَ) جَمْعُ فَاعِلٍ كَفَاسِقٍ وَفَسَقَةٍ وَكَافِرٍ وَكَفَرَةٍ وَفَاجِرٍ وَفَجَرَةٍ.

قَوْلُهُ: (كَنِيسَةً) رَاجِعٌ لِلْفَعَلَةِ وَالصَّلِيبُ لِلصُّيَّاغِ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا نَسْجُ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الزُّنَّارَ خَيْطٌ غَلِيظٌ يُشَدُّ فِي الْوَسَطِ وَحِينَئِذٍ فَمَا مَعْنَى نَسْجِهِ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. فَرْعٌ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَا يُمْنَعُ ذِمِّيٌّ لُبْسَ حَرِيرٍ وَتَعَمُّمًا وَتَطَيْلُسًا وَإِفْطَارًا فِي رَمَضَانَ اهـ وَعَدَمُ مَنْعِهِ مِنْ الْإِفْطَارِ لَا يُنَافِي حُرْمَتَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى شَيْخُنَا م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْقِيَ الذِّمِّيَّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>