للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَنْبِيهٌ: تَنَاوَلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ فِي بِئْرٍ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَكَاتِهِ فَيَحِلُّ بِجَرْحِهِ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ. وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الزَّوَائِدِ وَلَا يَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْجَارِحَةِ، وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ فَوْقَ بَعِيرٍ فَغَرَزَ رُمْحًا فِي الْأَوَّلِ حَتَّى نَفَذَ مِنْهُ إلَى الثَّانِي حَلَّا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالثَّانِي قَالَهُ الْقَاضِي فَإِنْ مَاتَ الْأَسْفَلُ بِثِقَلِ الْأَعْلَى لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ دَخَلَتْ الطَّعْنَةُ إلَيْهِ وَشَكَّ هَلْ مَاتَ بِهَا أَوْ بِالثِّقَلِ لَمْ يَحِلَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ.

(وَيُسْتَحَبُّ فِي الذَّكَاةِ) أَيْ ذَكَاةِ الْحَيَوَانِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ (أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (قَطْعُ) كُلِّ (الْحُلْقُومِ) وَهُوَ مَجْرَى النَّفَسِ (وَ) الثَّانِي قَطْعُ كُلِّ (الْمَرِيءِ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزَةِ فِي آخِرِهِ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. (وَ) الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ قَطْعُ كُلِّ (الْوَدَجَيْنِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ مُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ وَقِيلَ بِالْمَرِيءِ وَهُمَا الْوَرِيدَانِ مِنْ الْآدَمِيِّ، لِأَنَّهُ أَوْحَى وَأَسْهَلَ لِخُرُوجِ الرُّوحِ فَهُوَ مِنْ الْإِحْسَانِ فِي الذَّبْحِ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَطْعُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: مُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَطْعَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مُسْتَحَبٌّ. لَا أَنَّ قَطْعَ كُلِّ وَاحِدٍ مُسْتَحَبٌّ عَلَى انْفِرَادِهِ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ الْبَاقِي إذْ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَاجِبٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَالْمُجْزِئُ مِنْهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحِلِّ (شَيْئَانِ) وَهُمَا (قَطْعُ) كُلِّ الْحُلْقُومِ وَ (كُلُّ الْمَرِيءِ) مَعَ وُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ أَوَّلَ قَطْعِهِمَا لِأَنَّ الذَّكَاةَ صَادَفَتْهُ وَهُوَ حَيٌّ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ حَيَوَانٍ ثُمَّ ذَكَّاهُ فَإِنْ لَمْ يُسْرِعْ قَطَعَهُمَا وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بَلْ انْتَهَى لِحَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ صَارَ مَيْتَةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ.

قَوْلُهُ: (مَا لَوْ تَرَدَّى) أَيْ سَقَطَ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ لِكَوْنِهِ فِيهِ خِلَافٌ وَمَا قَبْلَهُ بِاتِّفَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ لَكِنْ بِكَيْفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهِيَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ وَالْمُدَّعَى هُنَا الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (مَعَ الْقُدْرَةِ) أَيْ فَيُسْتَبَاحُ بِهِ مَعَ الْعَجْزِ. اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَخَلَتْ إلَخْ) مَحَلَّهُ إذَا شَكَكْنَا هَلْ صَادَفَتْهُ حَيًّا أَوْ لَا أَمَّا إذَا عَلِمْنَا أَنَّهَا صَادَفَتْهُ حَيًّا وَشَكَكْنَا هَلْ مَاتَ بِهَا أَوْ بِثِقَلِ الْأَعْلَى حَلَّ شَرْحُ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَوْحَى) أَيْ أَسْرَعُ وَأَسْهَلُ وَالْمَرِيءُ تَحْتَ الْحُلْقُومِ.

قَوْلُهُ: (مَعَ وُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ) وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْقَطْعِ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ يَجُوزُ التَّعَدُّدُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَلَوْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوَضْعِ فِي آخِرِ مَرَّةٍ ق ل قَوْلُهُ: (أَوَّلَ قَطْعِهِمَا) أَيْ إنْ أَسْرَعَ فِي الذَّبْحِ فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ دَفْعَةً وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ عِنْدَ آخِرِ قَطْعٍ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الذَّكَاةَ صَادَفَتْهُ وَهُوَ حَيٌّ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ حَيَوَانٍ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ وَالتَّنْظِيرُ ذَكَرَهُمَا م ر فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهُمَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ ذَبَحَهُ مِنْ قَفَاهُ أَوْ مِنْ صَفْحَةِ عُنُقِهِ، عَصَى لِلْعُدُولِ عَنْ مَحَلِّ الذَّبْحِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ. فَإِنْ أَسْرَعَ فِي ذَلِكَ فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَلَوْ ظَنًّا بِقَرِينَةٍ حَلَّ لِمُصَادَفَةِ الذَّكَاةِ لَهُ وَهُوَ حَيٌّ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ ذَكَّاهُ. وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بَلْ وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ لَمَّا انْتَهَى إلَى قَطْعِ الْمَرِيءِ فَلَا يَحِلُّ لِصَيْرُورَتِهِ مَيْتَةً. وَكَذَا إدْخَالُ السِّكِّينِ بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ مَثَلًا لِيَقْطَعَ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ دَاخِلَ الْجِلْدِ لِأَجْلِ جِلْدِهِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ. وَهُوَ أَنْسَبُ مِنْ صَنِيعِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ ذَكَّاهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ دُونَ الْيَدِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُسْرِعْ قَطَعَهُمَا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُسْرِعَ الذَّابِحُ فِي الذَّبْحِ فَلَوْ تَأَتَّى بِحَيْثُ ظَهَرَ انْتِهَاءُ الشَّاةِ قَبْلَ قَطْعِ الْمَذْبَحِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لَمْ تَحِلَّ لِتَقْصِيرِهِ. اهـ. ز ي وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ تَكُنْ بِمَعْنَى أَوْ فِي نُسْخَةٍ فَإِنْ شَرَعَ فِي قَطْعِهِمَا وَعَلَيْهَا فَالْوَاوُ ظَاهِرَةٌ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَلَا يَضُرُّ رَفْعُ السِّكِّينِ وَإِعَادَتُهَا فَوْرًا وَلَا قَلْبُهَا لِيَأْخُذَ عَلَيْهَا مَا بَقِيَ مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَلَا إلْقَاؤُهَا لِيَأْخُذَ غَيْرَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا ذُكِرَ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ قِصَرُ الْفَصْلِ عُرْفًا اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ. م د وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ لِوُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ أَوَّلَ قَطْعِهِمَا وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ وُقُوعِ الْفِعْلِ مِنْهُ هَلْ هُوَ مُحَلَّلٌ أَوْ مُحَرَّمٌ فَهَلْ يَحِلُّ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمُجْزِئَةِ. فَرْعٌ: يَحْرُمُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَلَوْ لِإِرَاحَتِهِ كَالْحِمَارِ الزَّمِنِ مَثَلًا لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>