فَلَا يُفِيدُهُ الذَّبْحُ بَعْدَ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ ذَبَحَ شَخْصٌ حَيَوَانًا وَأَخْرَجَ آخَرُ أَمْعَاءَهُ أَوْ نَخَسَ خَاصِرَتَهُ مَعًا، لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ لَمْ يَتَمَحَّضْ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ قَالَ أَصْلُ الرَّوْضَةِ: سَوَاءٌ أَكَانَ مَا قَطَعَ بِهِ الْحُلْقُومَ مَا يُذَفَّفُ لَوْ انْفَرَدَ أَوْ كَانَ يُعِينُ عَلَى التَّذْفِيفِ وَلَوْ اقْتَرَنَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ بِقَطْعِ رَقَبَةِ الشَّاةِ مِنْ قَفَاهَا بِأَنْ أَجْرَى سِكِّينًا مِنْ الْقَفَا وَسِكِّينًا مِنْ الْحُلْقُومِ حَتَّى الْتَقَيَا فَهِيَ مَيْتَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ إنَّمَا حَصَلَ بِذِبْحَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِوُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ.
بَلْ يَكْفِي الظَّنُّ بِوُجُودِهَا بِقَرِينَةٍ وَلَوْ عُرِفَتْ بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ أَوْ انْفِجَارِ الدَّمِ وَمَحِلِّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ.
فَلَوْ وَصَلَ بِجُرْحٍ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَفِيهِ شِدَّةُ الْحَرَكَةِ ثُمَّ ذُبِحَ لَمْ يَحِلَّ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ عِنْدَ الذَّبْحِ تَارَةً تُتَيَقَّنُ وَتَارَةً تُظَنُّ بِعَلَامَاتٍ وَقَرَائِنَ فَإِنْ شَكَكْنَا فِي اسْتِقْرَارِهَا، حُرُمَ لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ وَتَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ. فَإِنْ مَرِضَ أَوْ جَاعَ. فَذَبَحَهُ وَقَدْ صَارَ آخَرُ رَمَقٍ حَلَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ بِحَالِ الْهَلَاكِ عَلَيْهِ. وَلَوْ مَرِضَ بِأَكْلِ نَبَاتٍ مُضِرٍّ حَتَّى صَارَ آخَرُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَرْعٌ: لَوْ اضْطُّرَّ شَخْصٌ لِأَكْلِ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ لِأَنَّ الذَّبْحَ يُزِيلُ الْعُفُونَةَ أَوْ لَا لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يُفِيدُ؟ وَقَعَ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى قَتْلِهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ اتَّفَقَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْأَسْهَلُ لِخُرُوجِ الرُّوحِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَحِلَّ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ اجْتِمَاعِ مُقْتَضٍ وَمَانِعٍ فَيَغْلِبُ الْمَانِعُ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ عُرِفَتْ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: كَشِدَّةِ الْحَرَكَةِ إلَخْ وَيَكُونُ مِثَالًا لِلْقَرِينَةِ.
قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْحَيَاةِ مُسْتَقِرَّةً قَطْعًا أَوْ ظَنًّا الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَاعْتُبِرَتْ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ لِيَخْرُجَ مَا إذَا فُقِدَتْ، وَكَانَ فَقْدُهَا لِسَبَبٍ مِنْ جَرْحٍ أَوْ انْهِدَامِ سَقْفٍ أَوْ أَكْلِ نَبَاتٍ ضَارٍّ لِوُجُودِ مَا يَحِلُّ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ. أَمَّا إذَا كَانَ لِمَرَضٍ فَيَحِلُّ مَعَ فَقْدِهَا اهـ. فَالْحَاصِلُ: أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ إلَّا عِنْدَ تَقَدُّمِ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ وَالْمُرَادُ بِالْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ مَا يُوجَدُ مَعَهَا الْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ بِقَرَائِنَ وَأَمَارَاتٍ فَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، وَمِنْ أَمَارَتِهَا انْفِجَارُ الدَّمِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْأَصَحُّ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ وَأَمَّا الْحَيَاةُ الْمُسْتَمِرَّةُ فَهِيَ الْبَاقِيَةُ إلَى خُرُوجِهَا بِذَبْحٍ أَوْ نَحْوِهِ. وَأَمَّا حَرَكَةُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ فَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا سَمْعٌ وَلَا إبْصَارٌ وَلَا حَرَكَةُ اخْتِيَارٍ. اهـ. شَرْحُ م ر وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
حَيَاةٌ لَهَا اسْتِمْرَارُ إنْ بَقِيَتْ إلَى ... فَرَاغٍ لِآجَالٍ تَمُوتُ لَقَدْ ظَهَرْ
وَصِفْهَا بِالِاسْتِقْرَارِ إنْ وُجِدَتْ بِهَا ... صِفَاتُ اخْتِيَارٍ مَعَ قَرَائِنَ تُعْتَبَرْ
وَعِيشَةُ مَذْبُوحٍ فَسَمِّ إذَا خَلَتْ ... عَنْ السَّمْعِ أَوْ نَحْوِ اخْتِيَارٍ كَذَا الْبَصَرْ
وَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ تَقَدُّمٍ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْحَيَوَانَ سَوَاءٌ الْمَأْكُولُ وَالْآدَمِيُّ إذَا صَارَ آخِرُ رَمَقٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، كَانَ كَالْمَيِّتِ وَمَعْنَاهُ فِي الْمَأْكُولِ أَنَّهُ إذَا ذُبِحَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَحِلُّ وَفِي الْآدَمِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُقْسَمَ التَّرِكَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَإِذَا وَضَعَتْ الْمَرْأَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا أَوْ كَانَ ذَلِكَ بِلَا سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ كَانَ كَالْحَيِّ، وَمَعْنَاهُ فِي الْمَأْكُولِ أَنَّهُ إذَا ذُبِحَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَلَّ وَفِي الْآدَمِيِّ أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي عِدَّةُ امْرَأَتِهِ إذَا وَضَعَتْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَكَذَا جَمِيعُ أَحْكَامِ الْمَيِّتِ.
قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ) : عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ تَقَدُّمِ مَا يَحِلُّ إلَخْ. س ل وَأَقَرَّهُ ع ش وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ مَرِضَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحِلَّ) أَيْ مَا لَمْ تُوجَدْ بَعْدَ ذَبْحِهِ حَرَكَةٌ شَدِيدَةٌ أَوْ انْفِجَارُ دَمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر: قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَرِضَ) اسْتَدْرَكَ بِهَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَقَوْلُهُ: سَبَبٌ أَيْ فِعْلٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَإِلَّا فَالسَّبَبُ مَوْجُودٌ هُنَا وَهُوَ الْمَرَضُ.
قَوْلُهُ: (حَلَّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ ز ي.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَرِضَ بِأَكْلِ نَبَاتٍ مُضِرٍّ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ النُّفَّاخُ الْحَاصِلُ مِنْ