قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ قِيَامٌ عَلَى ثَلَاثٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
وَأَنْ يَكُونَ نَحْرُ الْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ مُضْجَعَةً لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ وَتَتْرُكُ رِجْلَهَا الْيُمْنَى بِلَا شَدٍّ وَتُشَدُّ بَاقِي الْقَوَائِمِ وَيُسَنُّ لِلذَّابِحِ أَنْ يَحِدَّ سِكِّينَهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» وَأَنْ يُوَجِّهَ لِلْقِبْلَةِ ذَبِيحَتَهُ وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ ذَبْحِهَا: بِسْمِ اللَّهِ. وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ لِإِيهَامِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْحَالِ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَعْرِفَةٍ بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (أَيْ قِيَامٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَيْ قِيَامًا لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِصَوَافَّ فَإِنْ خِيفَ نِفَارُهَا فَبَارِكَةً غَيْرَ مُضْجَعَةٍ بِرْمَاوِيٌّ وَسَمِّ.
قَوْلُهُ: (لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ) لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ الْآلَةِ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ فَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ اُسْتُحِبَّ لَهُ اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ وَلَا يُضْجِعُهَا عَلَى يَمِينِهَا كَمَا أَنَّ مَقْطُوعَ الْيَمِينِ لَا يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ بِسَبَّابَةِ الْيُسْرَى شَوْبَرِيٌّ وَرَمْلِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يُحِدَّ إلَخْ) وَلَوْ ذَبَحَ بِسِكِّينٍ كَالَّةٍ حَلَّ بِشَرْطَيْنِ أَنْ لَا يَحْتَاجَ الْقَطْعُ إلَى قُوَّةِ الذَّابِحِ وَأَنْ يَقْطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ. قَبْلَ انْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ. اهـ. س ل وَيُنْدَبُ إمْرَارُهَا بِرِفْقٍ وَتَحَامُلٍ يَسِيرٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَيُكْرَهُ أَنْ يُحِدَّهَا قُبَالَتَهَا وَأَنْ يَذْبَحَ وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى تَنْظُرُ إلَيْهَا وَيُكْرَهُ لَهُ إبَانَةُ رَأْسِهَا حَالًا وَزِيَادَةُ الْقَطْعِ وَكَسْرُ الْعُنُقِ وَقَطْعُ عُضْوٍ مِنْهَا وَتَحْرِيكُهَا وَنَقْلُهَا حَتَّى تَخْرُجَ رُوحُهَا. وَالْأَوْلَى سَوْقُهَا إلَى الْمَذْبَحِ بِرِفْقٍ وَعَرْضُ الْمَاءِ عَلَيْهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا شَرْحُ م ر. قَالَ: ع ش عَلَيْهِ وَالْمُخَاطَبُ بِالْأَوْلَوِيَّةِ مَالِكُهَا إنْ بَاشَرَ الذَّبْحَ وَمُقَدِّمَاتِهِ، فَإِنْ فَوَّضَ أَمْرَ الذَّبْحِ إلَى غَيْرِهِ وَسَلَّمَهَا لَهُ طُلِبَ مِنْهُ فِعْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (سِكِّينَةٌ) سُمِّيَتْ سِكِّينًا لِأَنَّهَا تُسَكِّنُ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ وَمُدْيَةً لِأَنَّهَا تَقْطَعُ مُدَّةَ الْحَيَاةِ وَشَفْرَةً لِإِذْهَابِهَا الْحَيَاةَ، مِنْ شَفَرَ الْمَالُ ذَهَبَ لِأَنَّهَا تُذْهِبُ حَيَاةَ صَاحِبِهَا اهـ: قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَتَلْتُمْ) أَيْ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا إذْ لَا قَتْلَ فِي الشَّرْعِ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَتْلُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ بِالصَّلْبِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ بِالرَّجْمِ لِوُرُودِ النَّصِّ بِذَلِكَ قِيلَ: وَنَحْوُ حَشَرَاتٍ وَسِبَاعٍ وَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ لِأَنَّهَا مُؤْذِيَةٌ. وَقِيلَ خَرَجَتْ بِالنَّصِّ فَلَا حَظَّ لَهَا فِي الْإِحْسَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ جَوَازُ قَتْلِهَا أَوْ وُجُوبُهُ لَا يُنَافِي إحْسَانَ كَيْفِيَّتِهِ. وَإِحْسَانُ الْقِتْلَةِ اخْتِيَارُ أَسْهَلِ الطُّرُقِ وَأَخَفِّهَا إيلَامًا وَأَسْرَعِهَا إزْهَاقًا وَأَسْهَلِ وُجُوهِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ فِي الْعُنُقِ، وَلِذَا يُكْرَهُ قَتْلُ الْقَمْلِ وَالْبَقِّ، وَالْبَرَاغِيثِ وَسَائِرِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعْذِيبِ وَفِي الْحَدِيثِ «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ النَّارِ» قَالَ الْجُزُولِيُّ وَابْنُ نَاجِيٍّ: وَهَذَا مَا لَمْ يُضْطَرَّ لِكَثْرَتِهِمْ فَيَجُوزُ حَرْقُ ذَلِكَ بِالنَّارِ لِأَنَّ فِي تَنْقِيَتِهَا بِغَيْرِ النَّارِ حَرَجًا وَمَشَقَّةً وَيَجُوزُ نَشْرُهَا فِي الشَّمْسِ قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ: وَقَتْلُهَا بِغَيْرِ النَّارِ بِالْقَعْصِ أَيْ الْقَصْعِ وَالْفَرْكِ جَائِزٌ لِقَوْلِهِ: وَقَدْ مَثَّلَ عَنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ تُؤْذِي أَحَدًا فَقَالَ: «مَا يُؤْذِيك فَلَكَ أَذِيَّتُهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْذِيَك» وَمَا خُلِقَ لِلْأَذِيَّةِ فَابْتِدَاؤُهُ بِالْأَذِيَّةِ جَائِزٌ هـ شَبْرَخِيتِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا ذَبَحْتُمْ) مَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ مِنْ الْبَهَائِمِ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ بِالْكَسْرِ هَيْئَةُ الذَّبْحِ وَجَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ» بِفَتْحِ الذَّالِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ الْمَصْدَرُ وَهِيَ الَّتِي فِي أَكْثَرِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَإِحْسَانُ الذَّبْحِ فِي الْبَهَائِمِ الرِّفْقُ فَلَا يَصْرَعُهَا بِعُنْفٍ. وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ بِأَنْ يَأْخُذَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى جِلْدَ حَلْقِهَا مِنْ لَحْيِهَا الْأَسْفَلِ بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يَظْهَرَ مِنْ الْبَشَرَةِ مَوْضِعُ الشَّفْرَةِ وَيُضْجِعُ مَا يُرَادُ ذَبْحُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِلذَّابِحِ حَيْثُ كَانَ يَفْعَلُ بِالْيَمِينِ أَكْثَرَ أَوْ كَانَ أَضْبَطَ وَهُوَ الَّذِي يَفْعَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا وَأَمَّا الْأَعْسَرُ فَيُضْجِعُهَا عَلَى الْأَيْمَنِ وَالنِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ مَعَ الذِّكْرِ وَقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْمُقَدَّمِ لَا مِنْ الْقَفَا. اهـ. شَبْرَخِيتِيٌّ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَعْسَرُ فَيُضْجِعُهَا عَلَى الْأَيْمَنِ لَعَلَّهُ جَرَى فِي ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ. وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ م ر أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ وَلَا يُضْجِعُهَا عَلَى يَمِينِهَا وَقَوْلُهُ: وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُ مَا زَادَ وَلَوْ بِانْفِصَالِ رَأْسِهِ وَقَالَ مَالِكٌ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ دُونَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ أَيْضًا وَلَوْ ذَبَحَهُ بِآلَتَيْنِ مِنْ خَلْفٍ وَأَمَامٍ فَالْتَقَيَا لَمْ يَحِلَّ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ شَخْصٌ حَشْوَتَهُ أَيْ مَصَارِينَهُ أَوْ نَخَسَهُ فِي خَاصِرَتِهِ حَالَ ذَبْحِهِ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ: وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ قِيلَ: بِحُرْمَتِهَا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي التَّعْذِيبِ وَالرَّاجِحُ: الْجَوَازُ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلْيُحِدَّ) بِسُكُونِ اللَّامِ وَضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَحَدَّ وَبِفَتْحِهَا مِنْ حَدَّ وَالشَّفْرَةُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ تُضَمُّ وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute