التَّشْرِيكَ.
(وَيَجُوزُ) لِمَنْ تَحِلُّ ذَكَاتُهُ لَا لِغَيْرِهِ (الِاصْطِيَادُ) أَيْ أَكْلُ الْمُصَادِ بِالشَّرْطِ الْآتِي فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. (بِكُلِّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ وَأَصْلُ الشَّفْرَةِ حَدُّ السِّكِّينِ وَشَفْرَةُ السَّيْفِ حَدُّهُ وَشَفِيرُ جَهَنَّمَ حَرْفُهَا وَشَفِيرُ الْوَادِي طَرَفُهُ وَشَفِيرُ الْعَيْنِ مَنْبَتُ شَعْرِ الْجَفْنِ وَالْإِحْدَادُ وَاجِبٌ فِي الْكَالَّةِ وَمَنْدُوبٌ فِي غَيْرِهَا وَيُنْدَبُ مُوَارَاتُهَا عَنْهَا فِي حَالِ إحْدَادِهَا، فَيُكْرَهُ أَنْ يَحُدَّهَا قُبَالَتَهَا فَقَدْ رُوِيَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِرَجُلٍ وَاضِعٍ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَةِ شَاةٍ وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ وَهِيَ تَلْحَظُ إلَيْهَا بِبَصَرِهَا فَقَالَ لَهُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَتَيْنِ هَلَّا أَحْدَدْت شَفْرَتَك قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا؟» اهـ. شَبْرَخِيتِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (ذَبِيحَتَهُ) أَيْ مَذْبَحَهَا فَقَطْ. لَا يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ لِأَنَّهُ حَالَةُ إخْرَاجِ نَجَاسَةٍ كَالْبَوْلِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بِأَنَّ هَذَا حَالَةٌ يُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِهَا. وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ بِخِلَافِ تِلْكَ شَوْبَرِيٌّ. وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الذَّبِيحَةُ لِلتَّقَرُّبِ كَالْأُضْحِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (لِلْقِبْلَةِ) وَهُوَ فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ آكَدُ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ ذَبْحِهَا) أَيْ وَإِرْسَالِ الْجَارِحَةِ.
قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ) وَالْأَكْمَلُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقِيلَ لَا يَقُولُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لِأَنَّ الذَّبْحَ فِيهِ تَعْذِيبٌ وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لَا يُنَاسِبَانِهِ. وَقِيلَ: يَأْتِي بِهِمَا لِأَنَّ فِي الذَّبْحِ رَحْمَةً لِلْآكِلِينَ فَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْقَصَّابَ إذَا سَمَّى عِنْدَ الذَّبْحِ قَالَتْ: الذَّبِيحَةُ أَخِ أَخِ وَذَلِكَ أَنَّهَا اسْتَطَابَتْ الذَّبْحَ مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَلَذَّذَتْ. وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَزِيدُ الذَّابِحُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ لِأَنَّ فِي الذَّبْحِ تَعْذِيبًا وَقَطْعًا وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ اسْمَانِ رَقِيقَانِ وَلَا قَطْعَ مَعَ الرِّقَّةِ، وَلَا عَذَابَ مَعَ الرَّحْمَةِ. وَلِذَلِكَ قَالَ نُوحٌ لِأَصْحَابِهِ: {ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: ٤١] . وَلَمْ يَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ مِنْ الرَّحْمَةِ. وَكَانَ فِي قِصَّةِ نُوحٍ هَلَاكُ قَوْمِهِ أَيْ هَلَاكُ مَنْ لَمْ يَرْكَبْ فِيهَا وَالرَّحْمَةُ لَا تَقْتَضِي الْهَلَاكَ وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَرْكِهَا أَيْ الْبَسْمَلَةِ. فَلَوْ تَرَكَهَا وَلَوْ عَمْدًا حَلَّتْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَنَا ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] ، وَهُمْ لَا يَذْكُرُونَهَا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] . فَالْمُرَادُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ غَيْرِ اللَّهِ يَعْنِي مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: ٣] وَسِيَاقُ الْآيَةِ دَالٌّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَالْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فِسْقًا هِيَ الْإِهْلَالُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥] . وَالْإِجْمَاعُ قَامَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَبِيحَةَ مُسْلِمٍ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَيْهَا لَيْسَ بِفِسْقٍ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الْمُرَادُ بِهِ الْمَيْتَةُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: ١٢١] وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: كُلُوا مَا قَتَلْتُمْ أَيْ ذَكَّيْتُمْ وَلَا تَأْكُلُوا مَا قَتَلَ اللَّهُ يَعْنِي الْمَيْتَةَ. وَيُسَنُّ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنْ يُكَبِّرَ اللَّهَ تَعَالَى ثَلَاثًا قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَبَعْدَهَا.
كَذَلِكَ وَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْهُ مِنِّي وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ ذَبْحٍ هُوَ عِبَادَةٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ حَرُمَتْ الذَّبِيحَةُ. فَإِنْ أَرَادَ أَذْبَحُ بِاسْمِ اللَّهِ وَأَتَبَرَّكُ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ. فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا. شَرْحُ الْمَنْهَجِ مَعَ ز ي مُلَخَّصًا وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الذَّابِحُ، أَيْ وَالصَّائِدُ كَمَا فِي أَصْلِهِ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ وَلَا بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ أَيْ وَلَا بِاسْمِ اللَّهِ وَرَسُولِ اللَّهِ بِالْجَرِّ كَمَا فِي أَصْلِهِ لِلتَّشْرِيكِ. فَإِنَّ قَصَدَ التَّبَرُّكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ كَقَوْلِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِرَفْعِ مُحَمَّدٍ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ: فَفِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ يَحْرُمُ مَعَ حِلِّ الذَّبِيحَةِ وَإِذَا أَرَادَ التَّشْرِيكَ يَكْفُرُ. وَتَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ وَإِنْ أَرَادَ وَأَتَبَرَّكُ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ كُرِهَ مَعَ حِلِّ الذَّبِيحَةِ. وَبِخَطِّ الزِّيَادِيِّ خَارِجَ الْحَاشِيَةِ مَا نَصُّهُ، قَالَ شَيْخُنَا: أَفْتَى أَهْلُ بُخَارَى بِتَحْرِيمِ مَا يُذْبَحُ عِنْدَ لِقَاءِ السُّلْطَانِ تَقَرُّبًا إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ إلَخْ) . وَالْإِوَزُّ الْعِرَاقِيُّ الْمَعْرُوفُ يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ وَأَكْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ مُلَّاكًا مَعْرُوفِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ. وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَيَجُوزُ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute