الطِّيبِ فَكَأَنَّ قَاضِيَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُ طِيبَ نَفْسِهِ بِإِخْرَاجِ الْأَذَى وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالِاسْتِجْمَارِ مِنْ الْجِمَارِ وَهُوَ الْحَصَى الصِّغَارُ وَتُطْلَقُ الثَّلَاثَةُ عَلَى إزَالَةِ مَا عَلَى الْمَنْفَذِ لَكِنْ الْأَوَّلَانِ يَعُمَّانِ الْحَجَرَ وَالْمَاءَ وَالثَّالِثُ يَخْتَصُّ بِالْحَجَرِ.
(وَاجِبٌ) مِنْ خُرُوجِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَغَيْرِهِمَا، مِنْ كُلِّ خَارِجٍ مُلَوَّثٍ وَلَوْ نَادِرًا كَدَمٍ وَوَدْيٍ إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ لَا عَلَى الْفَوْرِ بَلْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فِيهِ عَلَى فَتْحِ اللَّامِ وَعَلَى كَسْرِهَا بِمَعْنَى أَنَّ الْفَتْحَةَ لَا تَخْتَلِفُ. وَمَحَلُّ فَتْحِ التَّاءِ بَعْدَ إذْ إنْ كَانَ الْعَامِلُ فِيهَا الْمُقَدَّرَ يَقُولُ: وَأَمَّا إذَا كَانَ أَقُولُ فَتَضُمُّ التَّاءُ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ تَقْدِيرُ تَقُولُ قَبْلَ إذَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُحَشِّي بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ يَقْطَعُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَغَيْرِهِ فَكَانَ إلَخْ. لِأَنَّ الْقَطْعَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي ذِي الْأَجْزَاءِ الَّتِي فِيهَا شِدَّةُ اتِّصَالٍ فَمَا هُنَا شَبِيهٌ بِالْقَطْعِ الْحَقِيقِيِّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (فَكَأَنَّ قَاضِيَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُ إلَخْ) لَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِكَأَنَّ؛ لِأَنَّ قَاضِيَ الْحَاجَةِ قَدْ لَا يُلَاحِظُ بِإِخْرَاجِ الْأَذَى طِيبَ نَفْسِهِ، أَوْ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مِنْ الْعِطْرِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، وَقَاضِي الْحَاجَةِ لَا يَطْلُبُ طِيبَ نَفْسِهِ بِالْعِطْرِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ الِاسْتِطَابَةُ الِاسْتِنْجَاءُ. يُقَالُ اسْتَطَابَ وَأَطَابَ إطَابَةً؛ لِأَنَّ الْمُسْتَنْجِيَ تُطَيَّبُ نَفْسُهُ بِإِزَالَةِ الْخُبْثِ عَنْ الْمَخْرَجِ.
قَوْلُهُ: (وَتُطْلَقُ الثَّلَاثَةُ) وَهِيَ الِاسْتِنْجَاءُ وَالِاسْتِطَابَةُ وَالِاسْتِجْمَارُ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَاجِبٌ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَالِاسْتِنْجَاءُ أَيْ الْفِعْلُ وَهُوَ الْإِزَالَةُ فَغَيَّرَهُ الشَّارِحُ وَجَعَلَ قَوْلَهُ اسْتِفْعَالٌ خَبَرًا لَهُ فَيُقَدَّرُ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ وَاجِبٍ وَمُبْتَدَأٌ بِأَنْ يُقَالَ وَهُوَ وَاجِبٌ، وَيَصِحُّ إبْقَاءُ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى حَالِهِ وَيُقَدَّرُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ اسْتِفْعَالٌ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَالِاسْتِنْجَاءُ وَوَزْنُهُ اسْتِفْعَالٌ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَاجِبٌ فِي حَقِّ غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ لِطَهَارَةِ فَضَلَاتِهِمْ. وَفِي حَاشِيَةِ الرَّحْمَانِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ تَنْبِيهٌ: فَضَلَاتُ الْأَنْبِيَاءِ طَاهِرَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَاسْتِنْجَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا مُبَالَغَةٌ فِي الطَّهَارَةِ لِأَجْلِ التَّشْرِيعِ وَالتَّنْزِيهِ عَنْهَا لِقَذَارَتِهَا وَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ: الْأَوَّلُ: الْوُجُوبُ وَهُوَ مِنْ كُلِّ خَارِجٍ مُلَوَّثٍ. الثَّانِي: الِاسْتِحْبَابُ وَهُوَ مِنْ دُودٍ وَبَعْرٍ بِلَا لَوْثٍ. الثَّالِثُ: الْكَرَاهَةُ وَهُوَ مِنْ الرِّيحِ. الرَّابِعُ: الْحَرَامُ وَهُوَ بِالْمَطْعُومِ الْمُحْتَرَمِ. الْخَامِسُ: الْإِبَاحَةُ وَهُوَ الْأَصْلُ، وَتَوَقَّفَ ع ش فِي كَوْنِ الْأَصْلِ فِيهِ الْإِبَاحَةَ، وَقَالَ: وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَمَا صُورَتُهُ، إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ مُبَاحٌ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَوُجُوبُهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ، بَلْ عِنْدَ إرَادَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ أَوْ خَوْفِ الِانْتِشَارِ أَيْ انْتِشَارِ النَّجَاسَةِ. أَيْ وَإِنْ كَانَ يُجْزِئُ فِيهِ الْجَامِدُ؛ لِأَنَّ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ التَّضَمُّخِ الَّذِي هُوَ اسْتِعْمَالُ النَّجَاسَةِ فِي بَدَنِهِ فَغَيْرُ عُذْرٍ إلَّا أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ كَمَا فِي ح ل. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الِاسْتِنْجَاءُ وَاجِبٌ فَوْرًا عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ دَخَلَ وَقْتُهَا وَلَمْ يُرِدْ فِعْلَهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَجَبَ الِاسْتِنْجَاءُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا بِسَعَةِ الْوَقْتِ وَمُضَيَّقًا بِضِيقِهِ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ، وَلَوْ اقْتَضَى الْحَالُ تَأْخِيرَ الِاسْتِنْجَاءِ فَخَفَّفَ بَوْلَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يُصِيبَهُ جَازَ اهـ. م ر سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ مَا يُجَفِّفُ بِهِ الْمَحَلَّ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: (مِنْ كُلِّ خَارِجٍ مُلَوَّثٍ) وَإِنْ كَانَ قَذَرًا لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ، وَيَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ، وَإِنْ لَمْ يُزِلْ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ صِغَارِ الْخَزَفِ الْمُزِيلَةِ ح ف. وَصَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ.
وَقَوْلُهُ: (مُلَوَّثٍ) أَيْ خَارِجٍ مِنْ الْفَرْجِ وَلَوْ قَلِيلًا يُعْفَى عَنْهُ بَعْدَ الْحَجَرِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَيَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ، وَإِنْ لَمْ يُزِلْ مِنْهُ شَيْئًا، وَقَدْ يُقَالُ مَا فَائِدَتُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَظِيرُهُ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِ الْأَقْرَعِ اهـ. رَحْمَانِيٌّ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمُلَوَّثِ الْمَنِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَادِرًا) الْغَايَةُ تَقْتَضِي أَنَّ النَّادِرَ فِيهِ خِلَافٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ أَمْ لَا؟ . نَعَمْ يَكْفِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ ع ش، فَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ بِالنَّظَرِ لِلْحَجَرِ وَلِلتَّعْمِيمِ بِالنَّظَرِ لِلْمَاءِ.
قَوْلُهُ: (إزَالَةً) قِيلَ إنَّهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْفَاعِلَ لَمْ يَتَّحِدْ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ الْإِزَالَةِ الشَّخْصُ، وَفَاعِلَ الْوُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفَاعِلُ اتَّحَدَ بِالْمَعْنَى وَالتَّأْوِيلِ وَالتَّقْدِيرِ، وَيَسْتَنْجِي الشَّخْصُ وُجُوبًا إزَالَةً أَوْ يُقَالُ إنَّهُ عَلَى لُغَةِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الِاتِّحَادَ فِي الْفَاعِلِ. وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إزَالَةٌ أَيْضًا فَكَأَنَّهُ قَالَ تَجِبُ الْإِزَالَةُ لِأَجْلِ الْإِزَالَةِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ مِنْ تَعْلِيلِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إزَالَةٌ خَاصَّةٌ. وَقَوْلُهُ: إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ عَامٌّ لِكُلِّ نَجَاسَةٍ. وَأَجَابَ ح ف: بِأَنَا نُجَرِّدُ الِاسْتِنْجَاءَ عَنْ مَعْنَى إزَالَةِ