للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ خَوْفًا مِنْ عُدُولِهِمْ عَنْ مَحَلِّ الذَّبْحِ

وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ الْأَعْمَى لِذَلِكَ وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ بِرَمْيٍ وَكَلْبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ جَوَارِحِ السِّبَاعِ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَصْدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الصَّيْدَ. وَأَمَّا صَيْدُ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ فَمُقْتَضَى عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ حَلَالٌ. وَهُوَ مَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى

(وَذَكَاةُ الْجَنِينِ) حَاصِلَةٌ (بِذَكَاةِ أُمِّهِ) فَلَوْ وُجِدَ جَنِينٌ مَيِّتًا أَوْ عَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ سَوَاءٌ أَشْعَرَ أَمْ لَا فِي بَطْنِ مُذَكَّاةٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ ذَكَاتُهَا بِذَبْحِهَا أَوْ إرْسَالِ سَهْمٍ أَوْ نَحْوِ كَلْبٍ عَلَيْهَا لِحَدِيثِ: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» أَيْ ذَكَاتُهَا الَّتِي أَحَلَّتْهَا أَحَلَّتْهُ تَبَعًا لَهَا وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا وَذَكَاتُهَا ذَكَاةٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحِلَّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ لَحَرُمَتْ ذَكَاتُهَا مَعَ ظُهُورِ الْحَمْلِ كَمَا لَا تُقْتَلُ الْحَامِلُ قَوَدًا، أَمَّا إذَا خَرَجَ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ كَمَا قَالَ: (إلَّا أَنْ يُوجَدَ حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً وَأَمْكَنَهُ ذَكَاتُهُ. (فَيُذَكَّى) وُجُوبًا فَلَا يَحِلُّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْكُنَ عَقِبَ ذَبْحِ أُمِّهِ فَلَوْ اضْطَرَبَ فِي الْبَطْنِ بَعْدَ ذَبْحِ أُمِّهِ، زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ سَكَنَ لَمْ يَحِلَّ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْفُرُوقِ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْأَصْحَابِ إذَا مَاتَ بِذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَكَاتِهَا كَانَ مَيْتَةً لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ ذَكَاةَ الْأُمِّ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ وَالْحَدِيثُ يُشِيرُ إلَيْهِ انْتَهَى. وَعَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

ذَبْحِهِمْ صَيْدُهُمْ بِسَهْمٍ، أَوْ كَلْبٍ فَيَحِلُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ الْأَعْمَى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ دَلَّهُ بَصِيرٌ عَلَى الْمَذْبَحِ لَكِنْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ خِلَافُهُ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ فِي الْجُمْلَةِ.

قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ) أَيْ خَوْفًا عَنْ عُدُولِهِ مِنْ مَحَلِّ الذَّبْحِ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ) أَمَّا صَيْدُهُ السَّمَكَ فَيَصِحُّ. إنْ قُلْت لَوْ أَحَسَّ الْبَصِيرُ بِصَيْدٍ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ شَجَرَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَرَمَاهُ حَلَّ بِالْإِجْمَاعِ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَعْمَى. قُلْت يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا مُبْصِرٌ بِالْقُوَّةِ فَلَا يُعَدُّ عُرْفًا رَمْيُهُ عَبَثًا بِخِلَافِ الْأَعْمَى شَرْحِ م ر. فَرْعٌ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا أَوْلَى النَّاسِ بِالذَّكَاةِ الرَّجُلُ الْعَاقِلُ الْمُسْلِمُ، ثُمَّ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ، ثُمَّ الصَّبِيُّ الْمُسْلِمُ، ثُمَّ الْكِتَابِيُّ، ثُمَّ الْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فِي مَعْنَى الْأَخِيرَيْنِ اهـ. س ل.

وَقَوْلُهُ: ثُمَّ الْمَجْنُونُ إلَخْ قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَصِرْ مُلْقًى كَالْخَشَبَةِ لَا يُحِسُّ وَلَا يُدْرِكُ، وَإِلَّا فَكَالنَّائِمِ وَلَا فَرْقَ فِي الْقِسْمَيْنِ بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَغَيْرِهِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ. اهـ. .

قَوْلُهُ: (وَذَكَاةُ الْجَنِينِ) انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَيْسَ عَلَقَةً وَلَا مُضْغَةً وَكَذَا جَنِينٌ فِي جَوْفِ هَذَا الْجَنِينِ ق ل أَيْ إنْ تَصَوَّرَ فَلَا بُدَّ أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ صُورَةُ الْحَيَوَانِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ نَفْخُ الرُّوحِ كَمَا قَالَهُ م ر. آخِرًا وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: يُعْتَبَرُ نَفْخُ الرُّوحِ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَشْعَرَ) أَيْ وُجِدَ لَهُ شَعْرٌ.

قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: حَلَّ لِحَدِيثِ إلَخْ لِيَكُونَ جَوَابًا لِلَوْ. قَوْلُهُ: (ذَكَاةُ الْجَنِينِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ ذَكَاتُهَا إلَخْ، وَقَالَ م د.

قَوْلُهُ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ بِرَفْعِ ذَكَاةُ أَيْ الثَّانِيَةُ وَبَعْضُ النَّاسِ يَنْصِبُهَا، وَيَجْعَلُهَا بِالنَّصْبِ دَلِيلًا لِإِيجَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ذَبْحَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ عِنْدَهُ إلَّا بِذَبْحِهِ، وَيَقُولُ تَقْدِيرُهُ كَذَكَاةِ أُمِّهِ حُذِفَتْ الْكَافُ فَانْتَصَبَ وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ، لِأَنَّ الرِّوَايَةَ الْمَعْرُوفَةَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ، خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَذَكَاةُ أُمِّهِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَالتَّقْدِيرُ ذَكَاةُ أُمِّ الْجَنِينِ ذَكَاةٌ لَهُ لِأَنَّ الْخَبَرَ: مَا حَصَلَتْ بِهِ الْفَائِدَةُ، وَأَمَّا رِوَايَةُ النَّصْبِ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا فَتَقْدِيرُهَا: ذَكَاةُ الْجَنِينِ حَاصِلَةٌ وَقْتَ ذَكَاةِ أُمِّهِ قَالَ ق ل: وَيَجُوزُ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَهُوَ الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ عِنْدَنَا، وَالْكَافُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يَحِلُّ عِنْدَهُ إلَّا بِذَبْحِهِ كَأُمِّهِ اهـ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: كَذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ بَلْ هُوَ لَحْنٌ لِأَنَّ النَّصْبَ بِإِسْقَاطِ الْخَافِضِ فِي مَوَاضِعَ مَعْرُوفَةٍ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ بِشَرْطٍ لَيْسَ مَوْجُودًا هُنَا اهـ. تَهْذِيبُ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ لِلنَّوَوِيِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْحَيَوَانَ إذَا لَمْ تُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَالْمُضْغَةُ وَالْعَلَقَةُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ خِلَافٍ طَوِيلٍ كَمَا قَالَهُ: الْبِشْبِيشِيُّ وَلَوْ حَمَلَتْ مَأْكُولَةٌ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ امْتَنَعَ ذَبْحُهَا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ حَتَّى تَضَعَ زي.

قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْكُنَ) رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ اضْطَرَبَ) أَيْ تَحَرَّكَ.

قَوْلُهُ: (لَا مَحَالَةَ) أَيْ قَطْعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>