للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَصْلٍ وَلَا حَدٍّ أَوْ بِسَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ أَوْ انْخَنَقَ وَمَاتَ بِأُحْبُولَةِ مَنْصُوبَةٍ كَذَلِكَ، أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ عَلَى طَرَفِ جَبَلٍ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَمَاتَ حَرُمَ الصَّيْدُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: أَمَّا فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ. فَلِأَنَّهَا مَوْقُوذَةٌ فَإِنَّهَا مَا قُتِلَ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا حَدَّ لَهُ وَأَمَّا مَوْتُهُ بِالسَّهْمِ وَالْبُنْدُقَةِ وَمَا بَعْدَهُمَا بِشَيْئَيْنِ: مُبِيحٌ وَمُحَرَّمٌ. فَغَلَبَ الْمُحَرَّمُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْمَيْتَاتِ وَأَمَّا الْمُنْخَنِقَةُ بِالْأُحْبُولَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} [المائدة: ٣] .

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الذَّابِحُ فَقَالَ: (وَتَحِلُّ ذَكَاةُ) وَصَيْدُ (كُلِّ مُسْلِمٍ) وَمُسْلِمَةٍ (وَكِتَابِيٍّ) وَكِتَابِيَّةٍ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُنَا لِأَهْلِ مِلَّتِهِمَا قَالَ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: ٥] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّمَا أُحِلَّتْ ذَبَائِحُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلَا أَثَرَ لِلرِّقِّ فِي الذَّابِحِ فَتَحِلُّ ذَكَاةُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ وَإِنْ حَرُمَ مُنَاكَحَتُهَا لِعُمُومِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ.

(وَلَا تَحِلُّ ذَكَاةُ مَجُوسِيٍّ وَلَا وَثَنِيٍّ) وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّا لَا كِتَابَ لَهُ وَلَوْ شَارَكَ مَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ مُسْلِمًا فِي ذَبْحٍ أَوْ اصْطِيَادٍ حَرُمَ الْمَذْبُوحُ وَالْمُصَادُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ وَالْمَجُوسِيُّ كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ عَلَى صَيْدٍ فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ آلَةَ الْمَجُوسِيِّ فِي صُورَةِ السَّهْمَيْنِ أَوْ كَلْبُ الْمُسْلِمِ، كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ فِي صُورَةِ الْكَلْبَيْنِ فَقَتَلَ الصَّيْدَ أَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ. بَلْ أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَلَّ وَلَوْ انْعَكَسَ مَا ذُكِرَ أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا وَحَصَلَ الْهَلَاكُ بِهِمَا أَوْ جَهِلَ ذَلِكَ أَوْ جَرَحَاهُ مُرَتَّبًا وَلَكِنْ لَمْ يَذْفِفْهُ الْأَوَّلُ فَهَلَكَ بِهِمَا حَرُمَ الصَّيْدُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَكْسِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ. فَائِدَةٌ:

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَالْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّابِحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ تَمْيِيزُ حَلَالِ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ مِنْ حَرَامِهِمَا وَتَنْبِيهٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ لِبَقَاءِ دَمِهَا.

وَيَحِلُّ ذَبْحُ وَصَيْدُ صَغِيرٍ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ مُمَيِّزٍ لِأَنَّ قَصْدَهُ صَحِيحٌ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ مِنْهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَانْدَرَجَ تَحْتَ الْأَدِلَّةِ كَالْبَالِغِ وَكَذَا صَغِيرٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٌ وَسَكْرَانُ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا وَإِرَادَةً فِي الْجُمْلَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الَّذِي هُوَ الصَّيْدُ فَإِنَّهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا. وَالْكَلَامُ فِي بُنْدُقِ الطِّينِ أَمَّا الرَّصَاصُ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ، نَعَمْ إنْ عَلِمَ حَاذِقٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُصِيبُ نَحْوَ جَنَاحٍ كَبِيرٍ فَيُثْبِتُهُ فَقَطْ، احْتَمَلَ الْحِلَّ، وَمِثْلُ الطِّينِ مَا لَوْ كَانَ رَصَاصًا مِنْ غَيْرِ نَارٍ،. اهـ. س ل.

بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (بِأُحْبُولَةٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الشَّرَكُ الْمَعْرُوفُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ وَلَكِنْ تَدَحْرَجَ مِنْ جَنْبٍ إلَى جَنْبٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ وَقَالَ سم: أَمَّا لَوْ لَمْ يَسْقُطْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ.

قَوْلُهُ: (وَمَا بَعْدَهُمَا) وَهُوَ السَّاقِطُ مِنْ الْجَبَلِ بَعْدَ إصَابَةِ السَّهْمِ لَهُ.

قَوْلُهُ: (بِشَيْئَيْنِ) الْأَوْلَى فَبِشَيْئَيْنِ بِالْفَاءِ لِأَجْلِ أَمَّا.

قَوْلُهُ: (لِأَهْلِ مِلَّتِهِمَا) لَمْ يَقُلْ مُنَاكَحَتُنَا لَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا الْبَابَ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ النِّكَاحِ فَإِنَّ غَيْرَ الْإِسْرَائِيلِيِّ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهِ فِي دِينِهِ قَبْلَ نَسْخِهِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، وَلَكِنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ لِأَنَّهُ تَحِلُّ مُنَاكَحَةُ أَهْلِ دِينِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِيمَا إذَا عُلِمَ دُخُولُ أَوَّلِ الْآبَاءِ فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ نَسْخِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا وَثَنِيٍّ) وَلَا مُرْتَدٍّ لِعَدَمِ حِلِّ مُنَاكَحَتِهِ م ر. قَوْلُهُ: (فِي ذَبْحٍ) أَيْ بِآلَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جَارِحَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فَإِنَّ كُلًّا لَهُ آلَةٌ.

قَوْلُهُ: (أَوْ جُهِلَ ذَلِكَ) أَيْ الْمَعِيَّةُ وَالتَّرْتِيبُ.

قَوْلُهُ: (فَهَلَكَ بِهِمَا) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ فَقَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَكْسِ هَذَا مَعْلُومٌ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ ذَبْحُ وَصَيْدُ صَغِيرٍ) أَيْ مَذْبُوحُهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يُخَاطَبُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ كَرَاهَةُ الْفِعْلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُكْرَهُ مَذْبُوحُ الْمَذْكُورَيْنِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ الْمَذْبَحَ فَتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا صَغِيرٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ) أَيْ مُطِيقٌ لِلذَّبْحِ، بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَيْهِ كَمَا فِي م ر.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ حِلِّ ذَبْحِ النَّائِمِ اهـ. شَرْحُ م ر. وَمِثْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>