للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ حَيَوَانٌ مَعْرُوفٌ أَخْبَثُ مِنْ الْأَسَدِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَنَمُّرِهِ وَاخْتِلَافِ لَوْنِ جَسَدِهِ يُقَالُ تَنَمَّرَ فُلَانٌ أَيْ تَنَكَّرَ وَتَغَيَّرَ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ غَالِبًا إلَّا غَضْبَانَ مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ إذَا شَبِعَ نَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَرَائِحَةُ فِيهِ طَيِّبَةٌ وَذِئْبٍ بِالْهَمْزِ وَعَدَمِهِ حَيَوَانٌ مَعْرُوفٌ مَوْصُوفٌ بِالِانْفِرَادِ وَالْوَحْدَةِ وَمِنْ طَبْعِهِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى فَرِيسَةٍ شَبِعَ مِنْهَا وَيَنَامُ بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ وَالْأُخْرَى يَقْظَى حَتَّى تَكْتَفِيَ الْعَيْنُ النَّائِمَةُ مِنْ النَّوْمِ ثُمَّ يَفْتَحُهَا وَيَنَامُ بِالْأُخْرَى لِيَحْرُسَ بِالْيَقْظَى وَيَسْتَرِيحَ بِالنَّائِمَةِ. وَدُبٍّ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَقِيلَ وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَالْفِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ كُنْيَتُهُ ذَلِكَ وَاسْمُهُ مَحْمُودٌ وَهُوَ صَاحِبُ حِقْدٍ وَلِسَانُهُ مَقْلُوبٌ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَتَكَلَّمَ وَيَخَافُ مِنْ الْهِرَّةِ خَوْفًا شَدِيدًا وَفِيهِ مِنْ الْفَهْمِ مَا يَقْبَلُ بِهِ التَّأْدِيبَ وَالتَّعْلِيمَ وَيُعَمِّرُ أَيْ يَعِيشُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ) وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ السِّبَاعِ فَبِهِ شَبَهٌ مِنْ الْأَسَدِ إلَّا أَنَّهُ أَصْغَرُ مِنْهُ مُنَقَّطُ الْجِلْدِ نُقَطًا سَوْدَاءَ. وَهُوَ صِنْفَانِ عَظِيمُ الْجُثَّةِ صَغِيرُ الذَّنَبِ وَبِالْعَكْسِ، وَكُلُّهُ ذُو قَهْرٍ وَقُوَّةٍ وَسَطْوَةٍ، وَإِذَا مَرِضَ أَكَلَ الْفَأْرَ فَيَزُولُ مَرَضُهُ. وَقِيلَ إنَّ النَّمِرَةَ لَا تَضَعُ وَلَدَهَا إلَّا مُطَوَّقًا بِحَيَّةٍ وَهِيَ تَعِيشُ وَتَنْهَشُ إلَّا أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ وَفِيهِ أَلْغَزَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ بِقَوْلِهِ:

هَاتِ لِي مَا اسْمُ شَيْءٍ ... حَيَوَانٍ فِيهِ شَرُّ

إنْ تُصَحِّفْهُ فَحُلْوٌ ... لَكِنْ الثُّلُثَانِ مُرُّ

اهـ. سُيُوطِيٌّ وَقَوْلُهُ: إنْ تُصَحِّفْهُ بِأَنْ تَقْلِبَ النُّونَ تَاءً تَقُولُ تَمْرٌ وَثُلُثَاهُ مُرٌّ وَهُمَا الْمِيمُ وَالرَّاءُ.

قَوْلُهُ: (وَرَائِحَةُ فِيهِ) أَيْ فَمِهِ.

قَوْلُهُ: (إلَى فَرِيسَةٍ) أَيْ مَفْرُوسَةٍ أَيْ مُصَادَةٍ اصْطَادَهَا.

قَوْلُهُ: (وَالْأُخْرَى يَقْظَى) أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ وَإِلَّا فَهُوَ نَائِمٌ حَقِيقَةً نَوْمًا كَامِلًا لَكِنْ جَعَلَ اللَّهَ لَهُ قُوَّةً عَلَى فَتْحِ إحْدَى عَيْنَيْهِ وَتَغْمِيضِ الْأُخْرَى لِيَرَى مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَيَقِّظٌ قَالَ الشَّاعِرُ:

يَنَامُ بِإِحْدَى مُقْلَتَيْهِ وَيَتَّقِي ... بِأُخْرَى الْمَنَايَا فَهْوَ يَقْظَانُ نَائِمُ

لِأَنَّ قَلْبَهُ يَنَامُ فَهُوَ كَأَهْلِ الْكَهْفِ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ مَفْتُوحَةً: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: ١٨] .

قَوْلُهُ: (وَدُبٍّ) وَكُنْيَتُهُ: أَبُو جُهَيْنَةَ وَهُوَ يُحِبُّ الْعُزْلَةَ. فَإِذَا جَاءَ الشِّتَاءُ دَخَلَ غَارَهُ الَّذِي اتَّخَذَهُ وَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يَطِيبَ الْهَوَاءُ، وَإِذَا جَاعَ يَمْتَصُّ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَنْدَفِعُ بِذَلِكَ الْجُوعُ وَيَخْرُجُ فِي الرَّبِيعِ أَسْمَنَ مَا يَكُونُ وَالذَّكَرُ يُسَافِدُ أَيْ يَطَأُ أُنْثَاهُ مُضَّجِعَةً عَلَى الْأَرْضِ وَلِشِدَّةِ شَهْوَةِ أُنْثَاهُ تَدْعُو الْآدَمِيَّ إلَى وَطْئِهَا اهـ. دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالْفِيلِ) ذَكَرَ الْقُزْوِينِيُّ أَنَّ فَرْجَ الْفِيلَةِ تَحْتَ إبْطِهَا فَإِذَا كَانَتْ وَقْتَ الضِّرَابِ ارْتَفَعَ وَبَرَزَ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ إتْيَانِهَا، وَأَلْغَزَ بَعْضُهُمْ فِي الْفِيلِ بِقَوْلِهِ:

مَا اسْمُ شَيْءٍ تَرْكِيبُهُ فِي ثَلَاثٍ ... وَهُوَ ذُو أَرْبَعٍ تَعَالَى الْإِلَهُ

حَيَوَانٌ وَالْقَلْبُ مِنْهُ نَبَاتٌ ... لَمْ يَكُنْ عِنْدَ جُوعِهِ يَرْعَاهُ

فِيكَ تَصْحِيفُهُ وَلَكِنْ إذَا مَا ... عَكَسُوهُ يَصِيرُ لِي ثُلُثَاهُ

فَأَجَابَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّ قَلْبَ فِيلٍ لِيفٌ اهـ. وَقَوْلُهُ: الْقُزْوِينِيُّ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْوَاوِ نِسْبَةً إلَى قُزْوِينَ قَالَهُ: فِي اللُّبِّ.

قَوْلُهُ: (وَيُعَمِّرُ) هُوَ بِالتَّشْدِيدِ فِي السِّنِّ وَبِالتَّخْفِيفِ فِي الْبُنْيَانِ وَنَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

وَعَمَّرَ بِالتَّشْدِيدِ فِي السِّنِّ قَدْ أَتَى ... كَمَا أَنَّ فِي الْبُنْيَانِ تَخْفِيفَهُ وَجَبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>