للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثِيرًا وَالْهِنْدُ تُعَظِّمُهُ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْخِصَالِ الْمَحْمُودَةِ. وَقِرْدٍ وَهُوَ حَيَوَانٌ ذَكِيٌّ سَرِيعُ الْفَهْمِ يُشْبِهُ الْإِنْسَانَ فِي غَالِبِ حَالَاتِهِ فَإِنَّهُ يَضْحَكُ وَيَضْرِبُ وَيَتَنَاوَلُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ وَيَأْنَسُ بِالنَّاسِ. وَمِنْ ذِي النَّابِ: الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْفَهْدُ وَابْنُ آوَى بِالْمَدِّ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَهُوَ فَوْقَ الثَّعْلَبِ وَدُونَ الْكَلْبِ طَوِيلُ الْمَخَالِبِ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ الذِّئْبِ وَشَبَهٌ مِنْ الثَّعْلَبِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَأْوِي إلَى عُوَاءِ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ وَلَا يَعْوِي إلَّا لَيْلًا إذَا اسْتَوْحَشَ وَالْهِرَّةُ وَلَوْ وَحْشِيَّةً.

(وَيَحْرُمُ مِنْ الطُّيُورِ) كُلُّ (مَا لَهُ مِخْلَبٌ قَوِيٌّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ لِلطَّيْرِ كَالظُّفْرِ لِلْإِنْسَانِ (يَجْرَحُ بِهِ) كَالصَّقْرِ وَالْبَازِ وَالشَّاهِينِ وَالنَّسْرِ وَالْعُقَابِ وَجَمِيعِ جَوَارِحِ الطَّيْرِ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ: وَمِمَّا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ بِالْحِلِّ الْأَنْعَامُ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَإِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: ١٨] .

قَوْلُهُ: (وَقِرْدٍ) فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ. اهـ. دَمِيرِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَيَتَنَاوَلُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ) وَقَدْ أَهْدَى مَلِكُ النُّوبَةِ إلَى الْمُتَوَكِّلِ قِرْدًا خَيَّاطًا وَآخَرَ صَائِغًا وَأَهْلُ الْيَمَنِ يُعَلِّمُونَ الْقِرْدَ الْقِيَامَ بِحَوَائِجِهِمْ وَحِفْظَ دَكَاكِينِهِمْ. وَقَدْ مَسَخَ اللَّهُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ قِرَدَةً كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَمْسُوخِ هَلْ يُعْقِبُ أَوْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الثَّانِي رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ هَلْ هِيَ مِمَّا مُسِخَ؟ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا أَوْ يُعَذِّبْ قَوْمًا فَيَجْعَلَ لَهُمْ نَسْلًا وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ» . اهـ. . وَفِي عَجَائِبِ الْمَخْلُوقَاتِ مَنْ تَصَبَّحَ بِوَجْهِ قِرْدٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَتَاهُ السُّرُورُ وَلَا يَكَادُ يَحْزَنُ وَاتَّسَعَ رِزْقُهُ وَأَحَبَّتْهُ النِّسَاءُ حُبًّا شَدِيدًا وَأُعْجِبْنَ مِنْهُ اهـ. مِنْ مُخْتَصَرِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ لِلسُّيُوطِيِّ وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ عَلَّمَ قِرْدًا النُّزُولَ إلَى الدَّارِ وَإِخْرَاجَ الْمَتَاعِ ثُمَّ نَقَبَ وَأَرْسَلَ الْقِرْدَ فَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ لِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ اخْتِيَارًا وَنَقَلَ الْبَغَوِيّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَعَلَيْهَا مَا عَلَى وَاطِئِ الْبَهِيمَةِ فَتُعَزَّرُ فِي الْأَصَحِّ وَتُحَدُّ فِي قَوْلٍ وَتُقْتَلُ فِي قَوْلٍ. وَالْقِرْدَةُ تَلِدُ فِي الْبَطْنِ الْوَاحِدِ عَشَرَةً وَاثْنَيْ عَشَرَ اهـ. دَمِيرِيٌّ. قَوْلُهُ (وَمِنْ ذِي النَّابِ الْكَلْبُ) اُنْظُرْ لِمَ فَصَلَ هَذَا.

قَوْلُهُ: (إلَى عُوَاءِ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ) وَهُوَ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ عَوَى الْكَلْبُ وَالذِّئْبُ وَابْنُ آوَى يَعْوِي بِالْكَسْرِ عُوَاءً بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ اهـ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَصِيَاحُهُ كَصِيَاحِ الصِّبْيَانِ. يَأْكُلُ مَا يَصِيدُهُ مِنْ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِ تَخَافُهُ الدَّجَاجُ، أَكْثَرَ مِنْ الثَّعْلَبِ لِأَنَّهُ إذَا مَرَّ تَحْتَهَا وَهِيَ عَلَى جِدَارٍ أَوْ شَجَرٍ سَقَطَتْ، وَخَوَاصُّهُ إذَا كَانَتْ أَسْنَانُهُ بِبَيْتٍ كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ أَهْلِهِ.

وَلَحْمُهُ يَنْفَعُ الْجُنُونَ وَالصَّرْعَ الْعَارِضَ، وَإِذَا عَلَّقَ عَيْنَهُ الْيُمْنَى عَلَى أَحَدٍ أَمِنَ مِنْ النَّظْرَةِ اهـ. قَوْلُهُ: (وَالْهِرَّةُ إلَخْ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَمَّا حَمَلَ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ قَالَ أَصْحَابُهُ كَيْفَ نَطْمَئِنُّ أَوْ تَطْمَئِنُّ مَوَاشِينَا وَمَعَنَا الْأَسَدُ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحُمَّى وَكَانَتْ أَوَّلَ حُمَّى نَزَلَتْ بِالْأَرْضِ فَهُوَ لَا يَزَالُ مَحْمُومًا، ثُمَّ شَكَوْا الْفَأْرَةَ فَقَالُوا: الْفُوَيْسِقَةُ تُفْسِدُ عَلَيْنَا طَعَامَنَا وَمَتَاعَنَا فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى الْأَسَدِ فَعَطَسَ فَخَرَجَتْ مِنْهُ الْهِرَّةُ فَخَافَتْ الْفَأْرَةُ مِنْهَا» اهـ. دَمِيرِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ وَحْشِيَّةً) وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالنِّمْسِ. وَقِيلَ غَيْرُهُ فَهِيَ حَرَامٌ وَيَلْحَقُ بِهَا فِي الْحُرْمَةِ ابْنُ الْمُقْرِضِ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ فَقَافٍ سَاكِنَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ، فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَوْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ. وَيُقَالُ لَهُ الدُّلَقُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ أَصْغَرُ مِنْ الْفَأْرِ كَحْلَاءُ اللَّوْنِ طَوِيلَةُ الظَّهْرِ تَقْتُلُ الْحِمَارَ وَتَقْرِضُ النَّبَاتَ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَمِمَّا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ بِالْحِلِّ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ.

قَوْلُهُ: (الْأَنْعَامُ) سُمِّيَتْ نَعَمًا لِنُعُومَةِ وَطْئِهَا إذَا مَشَتْ حَتَّى لَا يُسْمَعَ لِأَقْدَامِهَا وَقْعٌ أَوْ لِعُمُومِ النِّعْمَةِ فِيهَا لِكَثْرَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا مِنْ دَرٍّ وَنَسْلٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَرُكُوبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ الْإِبِلُ) وَمِنْ خَوَاصِّهَا أَنَّهَا مِنْ الْأَحْرَارِ فَلَا يَنْزُو عَلَى أُمِّهِ، وَلَا عَلَى أُخْتِهِ حَتَّى إنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ سَتَرَ نَاقَةً بِثَوْبٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلَيْهَا وَلَدَهَا فَلَمَّا عَرَفَ ذَلِكَ عَمَدَ إلَى إحْلِيلِهِ فَأَكَلَهُ ثُمَّ حَقَدَ عَلَى صَاحِبِهِ فَقَتَلَهُ، وَلَيْسَ لَهُ مَرَارَةٌ وَلِذَلِكَ كَثُرَ صَبْرُهُ. وَمِنْ خَوَاصِّ شَحْمِهِ أَنَّهُ مَتَى وُضِعَ فِي مَوْضِعٍ هَرَبَتْ مِنْهُ الْحَيَّاتُ وَسَنَامُهُ يُدَقُّ وَيُطْلَى بِهِ الْبَوَاسِيرُ فَيُسَكِّنُ وَجَعَهُ، وَالْمَضْمَضَةُ بِلَبَنِهَا تَنْفَعُ الْأَسْنَانَ الْمَأْكُولَةَ وَيُزِيلُ صُفْرَةَ الْوَجْهِ، أَكْلًا وَطِلَاءً، قَالَ ابْنُ سِينَا

<<  <  ج: ص:  >  >>