الْيَدَيْنِ طَوِيلُ الرِّجْلَيْنِ قَصِيرٌ عَكْسُ الزَّرَافَةِ لِأَنَّهُ بُعِثَ بِوَرِكِهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِبَله وَأَكَلَ مِنْهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَثَعْلَبٌ لِأَنَّهُ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَلَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْحُصَيْنِ وَالْأُنْثَى ثَعْلَبَةٌ وَكُنْيَتُهَا أُمُّ هُوَيْلٍ وَيَرْبُوعٌ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَطِيبُهُ وَنَابُهُ ضَعِيفٌ وَفَنَكٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنُّونِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَطِيبُهُ وَهُوَ حَيَوَانٌ يُؤْخَذُ مِنْ جِلْدِهِ الْفَرْوَ لِلِينِهِ وَخِفَّتِهِ وَسَمُّورٌ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ. وَسِنْجَابٌ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَطِيبُ ذَلِكَ وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ ثَعَالِبِ التُّرْكِ وَقُنْفُذٌ بِالذَّالِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
شَبَقٍ شَدِيدٍ لَكِنْ الْأُنْثَى أَشَدُّ فَرُبَّمَا رَكِبَتْ الذَّكَرَ، لِشِدَّةِ شَهْوَتِهَا لِلْجِمَاعِ وَتَصِيرُ عَامًا ذَكَرًا وَعَامًا أُنْثَى كَالضَّبُعِ. قِيلَ: وَقَدْ صَادَ رَجُلٌ أَرْنَبًا فَوَجَدَ لَهُ آلَةَ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَشَقَّ بَطْنَهُ فَوَجَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَالْأَرْنَبَةُ تَنَامُ مَفْتُوحَةَ الْعَيْنِ فَرُبَّمَا ظَنَّهَا الْقَنَّاصُ مُسْتَيْقِظَةً اهـ دَمِيرِيٌّ. قَوْلُهُ: (الْعَنَاقَ) أَيْ أُنْثَى الْمَعْزِ. قَوْلُهُ: (عَكْسُ الزَّرَافَةِ) أَيْ مَعْنًى وَحُكْمًا وَهِيَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَضَمِّهَا مُخَفَّفَةُ الرَّاءِ تُكْنَى أُمَّ عِيسَى وَهِيَ حَسَنَةُ الْخَلْقِ طَوِيلَةُ الْعُنُقِ وَالْيَدَيْنِ قَصِيرَةُ الرِّجْلَيْنِ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ قُوتَهَا فِي الشَّجَرِ فَخَلَقَهَا كَذَلِكَ لِتَسْتَعِينَ عَلَى ذَلِكَ وَلَهَا رَأْسُ إبِلٍ وَقَرْنَا بَقَرٍ، وَجِلْدُ نَمِرٍ، وَأَظْلَافُ ثَوْرٍ وَذَنَبُ ظَبْيٍ. وَإِذَا مَشَتْ قَدَّمَتْ رِجْلَهَا الْيُسْرَى وَيَدَهَا الْيُمْنَى. وَهَذَا بِعَكْسِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كُلِّهَا وَهِيَ تَبْعَرُ أَيْ رَوْثُهَا كَالْبَعِيرِ يَكُونُ بَعْرًا وَتَجْتَرُّ وَفِي طَبْعِهَا الْأُنْسُ وَالْوُدُّ لِلنَّاسِ، قِيلَ: وَالزَّرَافَةُ فِي الْأَصْلِ هِيَ الْجَمَاعَةُ فَسُمِّيت بِذَلِكَ لِتَوَلُّدِهَا مِنْ جَمَاعَةِ الْحَيَوَانِ لِأَنَّهَا مِنْ حَيَوَانَاتٍ ثَلَاثٍ مِنْ النَّاقَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَالْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَالضِّبْعَانِ. وَهُوَ ذَكَرُ الضِّبَاعِ فَيَقَعُ عَلَى النَّاقَةِ فَتَلِدُ حَيَوَانًا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَيَقَعُ عَلَى الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ فَتَلِدُ مِنْهُ الزَّرَافَةَ وَقِيلَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ دَوَابَّ وَوُحُوشٍ مُخْتَلِفَةٍ، يَقَعْنَ عَلَى الْأُنْثَى فَتَخْتَلِطُ مِيَاهُهَا فَيَخْلُقُ اللَّهُ مِنْهَا خَلْقًا مُخْتَلِفَ الشَّكْلِ وَأُنْكِرَ عَلَى قَائِلِ هَذَا دُونَ قَائِلِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّهُمَا أَصَحُّ وَحُكْمُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ، دَمِيرِيٌّ وَرَدَّ ذَلِكَ الْحَافِظُ وَقَالَ بَلْ هِيَ نَوْعٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ كَالْخَيْلِ وَغَيْرِهَا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَلِدُ مِثْلَهُ اهـ. سُيُوطِيٌّ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ. وَأَمَّا الزَّرَافَةُ فَهَلْ تَحِلُّ أَوْ لَا فِيهَا تَرَدُّدٌ وَالْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا تَحْرُمُ وَفِي الْعُبَابِ أَنَّهَا حَلَالٌ وَبِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ قِيلَ: إنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ سَبْعِ حَيَوَانَاتٍ لِأَنَّ الزَّرَافَةَ بِمَعْنَى الْجَمَاعَةِ لُغَةً اهـ. وَقَرَّرَ شَيْخُنَا م د فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّ الزَّرَافَةَ حَيَوَانٌ يُشْبِهُ الْإِبِلَ بِرَقَبَتِهِ وَالْبَقَرَ بِرَأْسِهِ وَقَرْنَيْهِ وَالنَّمِرَ بِلَوْنِ جِلْدِهِ، وَيَكْبُرُ إلَى أَنْ يَصِيرَ عُلْوَ النَّخْلَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِوَرِكِهَا) أَيْ الْأَرَانِبِ فَيُفِيدُ أَنَّهَا مُؤَنَّثَةٌ مَعْنًى فَهُوَ كَزَيْنَبِ وَقَوْلُهُ: قِيلَ وَهُوَ حَيَوَانٌ التَّذْكِيرُ بِالنَّظَرِ لِلَّفْظِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: أَنَّثَهُ لِتَأْوِيلِهِ بِالدَّابَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَثَعْلَبٌ) بِمُثَلَّثَةِ أَوَّلَهُ وَأُنْثَاهُ يَسْفِدُهَا الْعُقَابُ، أَيْ يَطَؤُهَا كَذَا قَالُوا وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ لَا يَحِلُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا أَمْرٌ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، فَإِنْ تَحَقَّقَ عُمِلَ بِهِ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ق ل. وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى حِلِّ أَكْلِهِ وَكَرِهَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَحَرَّمَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِهِ؛ وَمِنْ حِيلَتِهِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ أَنَّهُ يَتَمَاوَتُ وَيَنْفُخُ بَطْنَهُ وَيَرْفَعُ قَوَائِمَهُ حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَإِذَا قَرُبَ عَلَيْهِ الْحَيَوَانُ وَثَبَ عَلَيْهِ وَصَادَهُ وَحِيلَتُهُ هَذِهِ لَا تَتِمُّ عَلَى كَلْبِ الصَّيْدِ، قِيلَ لِلثَّعْلَبِ مَالَكَ تَعْدُو أَكْثَرَ مِنْ الْكَلْبِ؟ فَقَالَ: إنِّي أَعْدُو لِنَفْسِي وَالْكَلْبُ يَعْدُو لِغَيْرِهِ. وَمِنْ الْعَجِيبِ فِي قِسْمَةِ الْأَرْزَاقِ أَنَّ الذِّئْبَ يَصِيدُ الثَّعْلَبَ فَيَأْكُلُهُ وَيَصِيدُ الثَّعْلَبُ الْقُنْفُذَ فَيَأْكُلُهُ وَيَصِيدُ الْقُنْفُذُ الْأَفْعَى، فَيَأْكُلُهَا وَالْأَفْعَى تَصِيدُ الْعُصْفُورَ فَتَأْكُلُهُ، وَالْعُصْفُورُ يَصِيدُ الْجَرَادَةَ فَيَأْكُلُهَا. وَالْجَرَادُ يَلْتَمِسُ فِرَاخَ الزَّنَابِيرِ فَيَأْكُلُهَا وَالزُّنْبُورُ يَصِيدُ النَّحْلَةَ فَيَأْكُلُهَا. وَالنَّحْلَةُ تَصِيدُ الذُّبَابَةَ فَتَأْكُلُهَا وَالذُّبَابَةُ تَصِيدُ الْبَعُوضَةَ فَتَأْكُلُهَا. وَمِمَّا يُرْوَى مِنْ حِيَلِ الثَّعْلَبِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ كُنَّا بِسَفَرٍ فِي أَرْضِ الْيَمَنِ فَوَضَعْنَا سُفْرَتَنَا لِنَتَعَشَّى فَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَقُمْنَا لِنُصَلِّيَ ثُمَّ نَتَعَشَّى وَتَرَكْنَا السُّفْرَةَ كَمَا هِيَ وَقُمْنَا إلَى الصَّلَاةِ. وَكَانَ فِيهَا دَجَاجَتَانِ فَجَاءَ الثَّعْلَبُ فَأَخَذَ إحْدَى الدَّجَاجَتَيْنِ فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ أَسِفْنَا عَلَيْهَا وَقُلْنَا: حُرِمْنَا طَعَامَنَا، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إذْ جَاءَ الثَّعْلَبُ وَفِي فَمِهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ الدَّجَاجَةُ فَوَضَعَهَا فَبَادَرْنَا إلَيْهِ لِنَأْخُذَهَا وَنَحْنُ نَحْسَبُهُ الدَّجَاجَةَ فَلَمَّا قُمْنَا جَاءَ إلَى الْأُخْرَى وَأَخَذَهَا مِنْ السُّفْرَةِ وَأَصَبْنَا الَّذِي قُمْنَا إلَيْهِ لِنَأْخُذَهُ فَإِذَا هُوَ لِيفٌ قَدْ هَيَّأَهُ مِثْلَ الدَّجَاجَةِ. اهـ. دَمِيرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيَرْبُوعٌ) نَوْعٌ مِنْ الْفَأْرِ كَابْنِ عِرْسٍ وَحِلُّهُمَا مُسْتَثْنًى مِنْهُ ق ل. فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ رَقِيقَةٌ تُعَادِي الْفَأْرَ تَدْخُلُ جُحْرَهُ وَتُخْرِجُهُ. قَوْلُهُ: (وَقُنْفُذٌ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا اهـ.
مُخْتَارٌ. وَفِي الْمِصْبَاحِ بِضَمِّ الْقَافِ وَتُفْتَحُ لِلتَّخْفِيفِ اهـ. قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَحِلُّ أَكْلُ الْقُنْفُذِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute