للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا وَمَا فِيهِ نَفْعٌ وَمَضَرَّةٌ لَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِنَفْعِهِ وَلَا يُكْرَهُ لِضَرَرِهِ.

وَيُكْرَهُ قَتْلُ مَا لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ كَالْخَنَافِسِ وَالْجُعَلَانِ، وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ مَعْرُوفَةٌ تُسَمَّى الزُّعْقُوقَ. وَالْكَلْبُ غَيْرُ الْعَقُورِ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مُبَاحَةٌ، وَتَحْرُمُ الرَّخَمَةُ وَهُوَ طَائِرٌ أَبْيَضُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِإِحْضَارِ الْوَلَدِ فَوَجَدَهُ يُشْبِهُ وَالِدَهُ، فَأَلْحَقَهُ بِهِ فَصَارَتْ إذَا سَفَدَهَا صَاحَتْ، ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ: لَا تُمَكِّنِيهِ أَبَدًا حَتَّى تُشْهِدِينَ عَلَى ذَلِكَ الطَّيْرَ لِئَلَّا يَجْحَدَ بَعْدَهَا فَصَارَتْ إذَا سَفَدَهَا صَاحَتْ: وَقَالَتْ: يَا طُيُورُ اشْهَدُوا فَإِنَّهُ سَفَدَنِي، وَالْعُقَابُ سَيِّدُ الطَّيْرِ وَالنَّسْرُ عَرِيفُهَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: " أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا فَقَدَ الْهُدْهُدَ أَيْ فَإِنَّ الْهُدْهُدَ كَانَ دَلِيلًا عَلَى الْمَاءِ، فَإِنَّ الْهُدْهُدَ يَرَى الْمَاءَ تَحْتَ الْأَرْضِ كَمَا يُرَى الْمَاءُ فِي الزُّجَاجَةِ فَلَمَّا فَقَدَ سُلَيْمَانُ الْمَاءَ تَفَقَّدَ الْهُدْهُدَ. فَلَمْ يَجِدْهُ فَدَعَا بِالْعُقَابِ سَيِّدِ الطُّيُورِ وَأَشَدِّهَا بَأْسًا فَقَالَ عَلَيَّ بِالْهُدْهُدِ السَّاعَةَ فَرَفَعَ الْعُقَابُ نَفْسَهُ حَتَّى الْتَصَقَ بِالْهَوَاءِ فَصَارَ يَنْظُرُ إلَى الدُّنْيَا كَالْقَصْعَةِ بَيْنَ يَدَيْ الرَّجُلِ ثُمَّ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا فَرَأَى الْهُدْهُدَ مُقْبِلًا مِنْ نَحْوِ الْيَمَنِ، فَانْقَضَّ عَلَيْهِ فَقَالَ الْهُدْهُدُ: أَسْأَلُك بِحَقِّ الَّذِي أَقْدَرَك عَلَيَّ وَقَوَّاك إلَّا مَا رَحِمْتَنِي فَقَالَ لَهُ: الْوَيْلُ لَك إنَّ نَبِيَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ حَلَفَ أَنْ يُعَذِّبَك أَوْ يَذْبَحَك ثُمَّ أَتَى بِهِ فَلَقِيَهُ النُّسُورُ وَعَسَاكِرُ الطَّيْرِ فَخَوَّفُوهُ وَأَخْبَرُوهُ بِتَوَعُّدِ سُلَيْمَانَ فَقَالَ الْهُدْهُدُ مَا قَدْرِي وَمَا أَنَا أَوَ مَا اسْتَثْنَى نَبِيُّ اللَّهِ؟ قَالُوا: بَلَى قَالَ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ. قَالَ الْهُدْهُدُ: فَنَجَوْت إذًا فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سُلَيْمَانَ رَفَعَ رَأْسَهُ وَأَرْخَى ذَنَبَهُ وَجَنَاحَيْهِ تَوَاضُعًا لِسُلَيْمَانَ فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أَيْنَ كُنْت عَنْ خِدْمَتِك وَمَكَانِك لَأُعَذِّبَنَّك عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّك فَقَالَ الْهُدْهُدُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ اُذْكُرْ وُقُوفَك بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ وُقُوفِي بَيْنَ يَدَيْك فَاقْشَعَرَّ جِلْدُ سُلَيْمَانَ، وَارْتَعَدَ وَعَفَا عَنْهُ " قِيلَ عَنَى سَيِّدُنَا سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالْعَذَابِ الشَّدِيدِ، الَّذِي يُعَذِّبُ بِهِ الْهُدْهُدَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إلْفِهِ، وَقِيلَ: إلْزَامُهُ خِدْمَةَ أَقْرَانِهِ، وَقِيلَ صُحْبَةُ الْأَضْدَادِ اهـ. دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَفَأْرَةٍ) بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَيَوَانِ أَفْسَدَ مِنْ الْفَأْرِ وَلَا أَعْظَمَ أَذًى مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُبْقِي عَلَى حَقِيرٍ وَلَا جَلِيلٍ، وَلَا يَأْتِي عَلَى شَيْءٍ إلَّا أَهْلَكَهُ وَأَتْلَفَهُ، وَكُنْيَةُ الْفَأْرِ أُمُّ خَرَابٍ، وَمِنْ شَأْنِهَا أَنَّهَا تَأْتِي الْقَارُورَةَ الضَّيِّقَةَ الرَّأْسِ، فَتَحْتَالُ حَتَّى تُدْخِلَ فِيهَا ذَنَبَهَا فَكُلَّمَا ابْتَلَّ بِالدُّهْنِ أَخْرَجَتْهُ وَمَصَّتْهُ حَتَّى لَا تَدَعَ فِيهَا شَيْئًا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَذَهَبَتْ الْجَارِيَةُ فَوَجَدَتْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعِيهَا فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا أَيْ السَّجَّادَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُخَمِّرُ الْوَجْهَ أَيْ تُغَطِّيهِ فَأَحْرَقْت مِنْهَا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتُحْرِقَكُمْ» اهـ. وَأَمَّا الْقَنَادِيلُ الْمُعَلَّقَةُ فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ خِيفَ حَرِيقٌ بِسَبَبِهَا، دَخَلَتْ فِي الْأَمْرِ بِالْإِطْفَاءِ وَإِنْ أُمِنَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَرْكِهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الَّتِي عَلَّلَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا انْتَفَتْ عِلَّةٌ زَالَ الْمَنْعُ، وَفِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: «خَمْسٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ الْفَأْرَةُ وَالْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْحَيَّةُ» بَدَلَ الْعَقْرَبِ، وَفِي رَاوِيَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ ذَكَرَ السَّبُعَ الْعَادِي مَعَ الْخَمْسِ. قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ: السِّرُّ فِي قَتْلِ الْحَيَّةِ أَنَّهَا خَانَتْ آدَمَ بِإِدْخَالِ إبْلِيسَ الْجَنَّةَ بَيْنَ فَكَّيْهَا، وَالْغُرَابُ بَعَثَهُ نَبِيُّ اللَّهِ نُوحٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ مِنْ السَّفِينَةِ لِيَأْتِيَهُ بِخَبَرِ الْأَرْضِ فَتَرَكَ أَمْرَهُ وَأَقْبَلَ عَلَى جِيفَةٍ، وَالْفَأْرُ عَمَدَتْ إلَى حِبَالِ سَفِينَةِ سَيِّدِنَا نُوحٍ فَقَطَعَتْهَا وَأَخَذَتْ الْفَتِيلَةَ لِتُحْرِقَ الْبَيْتَ أَيْضًا فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِهَا.

قَوْلُهُ: (وَالْبُرْغُوثِ) وَاحِدُ الْبَرَاغِيثِ وَضَمُّ بَائِهِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَهُوَ مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَهُ الْوَثْبُ الشَّدِيدُ، وَمِنْ لُطْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ، أَنَّهُ يَثِبُ إلَى وَرَائِهِ لِيَرَى مَنْ يَصِيدُهُ لِأَنَّهُ لَوْ وَثَبَ إلَى أَمَامِهِ لَكَانَ ذَلِكَ أَسْرَعَ إلَى حِمَامِهِ وَهُوَ مِنْ الْخَلْقِ الَّذِي يَعْرِضُ لَهُ الطَّيَرَانُ، كَمَا يَعْرِضُ لِلنَّمْلِ وَهُوَ يَنْشَأُ أَوَّلًا مِنْ التُّرَابِ لَا سِيَّمَا فِي الْأَمَاكِنِ الْمُظْلِمَةِ. وَيُقَالُ إنَّهُ عَلَى صُورَةِ الْفِيلِ لَهُ أَنْيَابٌ يَعَضُّ بِهَا، وَخُرْطُومٌ يَمُصُّ بِهِ اهـ. دَمِيرِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْبَقُّ) الْبَقَّةُ الْبَعُوضَةُ، وَالْجَمْعُ الْبَقُّ وَيُقَالُ: إنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ النَّفَسِ الْحَارِّ وَلِشِدَّةِ رَغْبَتِهِ فِي الْإِنْسَانِ إذَا شَمَّ رَائِحَةَ الْآدَمِيِّ رَمَى نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَثِيرٌ بِمِصْرَ وَمَا شَاكَلَهَا مِنْ الْبِلَادِ، اهـ. دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالْجُعْلَانِ وَيُقَالُ لَهُ أَبُو جُعْرَانَ) وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالْعَيْنُ سَاكِنَةٌ وَالنَّاسُ يُسَمُّونَهُ أَبُو جِعْرَانَ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الْجَعْرَ الْيَابِسَ وَيَدَّخِرُهُ لِبَيْتِهِ وَهُوَ دُوَيْبَّةٌ مَعْرُوفَةٌ تُسَمَّى الزُّعْقُوقَ شَيْخُنَا وَهُوَ بِضَمِّ الزَّايِ تَعَضُّ الْبَهَائِمَ فِي فُرُوجِهَا فَتَهْرُبُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْخُنْفُسَاءِ شَدِيدُ السَّوَادِ فِي بَطْنِهِ لَوْنُ حُمْرَةٍ لِلذَّكَرِ قَرْنَانِ يُوجَدُ كَثِيرًا فِي مَرَاحِ الْبَقَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>