وَالزَّرَافَةُ: وَهِيَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَضَمِّهَا، وَبِتَحْرِيمِهَا جَزَمَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. وَمَنَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ التَّحْرِيمَ، وَحَكَى أَنَّ الْبَغَوِيَّ أَفْتَى بِحِلِّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ: وَمَنْقُولُ اللُّغَةِ أَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ مِنْ الْوَحْشِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ مَا فِي الْمَجْمُوعِ سَهْوٌ وَصَوَابُهُ الْعَكْسُ اهـ. وَهَذَا الْخِلَافُ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْوُجُودِ إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ فَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَيَحِلُّ كُرْكِيٌّ وَبَطٌّ وَإِوَزٌّ وَدَجَاجٌ وَحَمَامٌ وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ وَمَا عَلَى شَكْلِ عُصْفُورٍ. وَإِنْ اخْتَلَفَ لَوْنُهُ كَعَنْدَلِيبِ وَهُوَ الْهَزَارُ وَصَعْوَةَ وَهِيَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْحَافِظُ ابْن مَنْدَهْ أَنَّ الَّذِينَ أَرْدَفَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ نَفْسًا وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِمْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْدَفَهُ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَهَى أَنْ يَرْكَبَ ثَلَاثَةٌ عَلَى دَابَّةٍ» وَفِي حَدِيثِ شُعْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ نَاوِلْنِي مِنْ الْبَطْحَاءِ فَأَفْقَهَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَغْلَةَ فِي كَلَامِهِ فَانْقَضَّتْ بِهِ حَتَّى كَادَ بَطْنُهَا يَمَسُّ الْأَرْضَ فَتَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْحَصَى فَنَفَخَ فِي وُجُوهِهِمْ وَقَالَ: شَاهَتْ الْوُجُوهُ حم لَا يُبْصِرُونَ» اهـ. دَمِيرِيٌّ وَقَوْلُهُ فَأَفْقَهَ اللَّهُ أَيْ أَفْهَمَ.
قَوْلُهُ: (لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ فَرَسٍ وَحِمَارٍ) أَهْلِيٍّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَوْ اشْتَبَهَ حَيَوَانٌ فَلَمْ يُدْرَ مِمَّا تَوَلَّدَ؟ فَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُؤْكَلَ فَإِنْ أُرِيدَ أَكْلُهُ رُجِعَ إلَى خِلْقَتِهِ فَإِنْ أَشْبَهَ مَا يَحِلُّ حَلَّ، أَوْ مَا يَحْرُمُ، حَرُمَ، وَلَوْ وَلَدَتْ شَاةٌ شَبَهَ كَلْبٍ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ نَزَا عَلَيْهَا حَلَّ، إذْ قَدْ يَحْصُلُ الْخَلْقُ عَلَى خِلَافِ صُورَةِ الْأَصْلِ، وَالْوَرَعُ أَنْ لَا يُؤْكَلَ وَيُسْتَبْعَدُ الْحِلُّ لَوْ وَلَدَتْ شَبَهَ آدَمِيٍّ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ نَزَا عَلَيْهَا وَيَدِقُّ الْفَرْقُ سم. وَقَدْ وَقَعَ فِي وَقْتِنَا أَنَّ الشَّاةَ وَلَدَتْ مَا فِيهِ صُورَةُ الْآدَمِيِّ فَظُنَّ بِصَاحِبِهَا سُوءٌ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ بِحُصُولِ مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (الْعَكْسُ) أَيْ عَكْسُ الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالْحِلِّ. قَوْلُ: (فَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ) أَيْ الْقَائِلُونَ بِالْحِلِّ.
قَوْلُهُ: (وَبَطٌّ) وَهُوَ الْوَزُّ الَّذِي لَا يَطِيرُ فَيَكُونُ عَطْفُ الْوَزِّ عَلَيْهِ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ. قَوْلُهُ: (وَإِوَزٌّ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَطِّ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. فَمَا قِيلَ: إنَّهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ سَبْقُ قَلَمٍ قَالَ الْقَزْوِينِيُّ: إذَا شُوِيَتْ خُصْيَةُ الْإِوَزِّ وَأَكْلَهَا الرَّجُلُ وَجَامَعَ امْرَأَتَهُ مِنْ وَقْتِهِ فَإِنَّهَا تَعْلَقُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالصُّفْرَةُ مِنْ كُلِّ بَيْضٍ أَلْطَفُ مِنْ الْبَيَاضِ اهـ. دَمِيرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَدَجَاجٌ مُثَلَّثُ الدَّالِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ مِنْ الضَّمِّ وَالْكَسْرِ وَاحِدُهُ دَجَاجَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِقْبَالِهَا وَإِدْبَارِهَا يُقَالُ دَجَّ الْقَوْمُ يَدُجُّونَ دَجًّا إذَا مَشَوْا رُوَيْدًا وَكُنْيَتُهَا أُمُّ حَفْصَةَ وَأَمُّ الْوَلِيدِ وَأَمُّ جَعْفَرٍ وَأَمُّ عُقْبَةَ وَأَمُّ نَافِعٍ. وَإِذَا هَرِمَتْ الدَّجَاجَةُ انْقَطَعَ فِرَاخُهَا لِأَنَّ بَيْضَهَا لَمْ يَبْقَ لَهُ مُحٌّ وَتَأْكُلُ الْفُولَ وَالْحَبَّ، كَبَهَائِمِ الطَّيْرِ وَالْخُبْزَ وَاللَّحْمَ وَالذُّبَابَ كَسِبَاعِ الطَّيْرِ فَلَهَا شَبَهٌ بِهِمَا وَتُوصَفُ بِقِلَّةِ النَّوْمِ وَسُرْعَةِ الْيَقَظَةِ، قِيلَ فَنَوْمُهَا وَاسْتِيقَاظُهَا بِمِقْدَارِ خُرُوجِ نَفَسِهَا وَرُجُوعِهِ وَذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ الْجُبْنِ وَلِهَذَا تَقْصِدُ فِي نَوْمِهَا الْأَمَاكِنَ الْمُرْتَفِعَةَ فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ بَادَرَتْ إلَيْهَا، وَتَبِيضُ فِي كُلِّ السَّنَةِ إلَّا شَهْرَيْنِ مِنْ الشِّتَاءِ وَمِنْهَا مَا يَبِيضُ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ وَيَتِمُّ خَلْقُ بَيْضِهَا فِي عَشْرَةِ أَيَّامِ وَيَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لَيِّنَ الْقِشْرِ فَإِذَا أَصَابَهُ الْهَوَاءُ يَبِسَ وَبَيَاضُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَنِيِّ فَيَنْشَأُ مِنْهُ الرُّوحُ وَصَفَارُهُ بِمَنْزِلَةِ دَمِ الْحَيْضِ فَيَتَغَذَّى بِهِ الْفَرْخُ كَمَا يَتَغَذَّى الْجَنِينُ بِدَمِ الْحَيْضِ وَالْبَيْضَةُ ذَاتُ الصَّفَارَيْنِ يَخْرُجُ مِنْهَا فَرْخَانِ وَقَدْ رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْأَغْنِيَاءَ بِاِتِّخَاذِ الْغَنَمِ وَالْفُقَرَاءَ بِاِتِّخَاذِ الدَّجَاجِ وَقَالَ عِنْدَ اتِّخَاذِ الْأَغْنِيَاءِ الدَّجَاجَ يَأْذَنُ اللَّهُ بِهَلَاكِ الْقُرَى» قِيلَ: وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَغْنِيَاءَ إذَا ضَيَّقُوا عَلَى الْفُقَرَاءِ فِي مَكَاسِبِهِمْ وَخَالَطُوهُمْ فِي مَعَايِشِهِمْ، تَعَطَّلَ الْفُقَرَاءُ وَبِذَلِكَ تَبُورُ الْقُرَى فَتَهْلَكُ. وَخَوَاصُّهُ: أَكْلُ لَحْمِهِ يَزِيدُ الْعَقْلَ، وَالْمَنِيَّ، وَيُصَفِّي الصَّوْتَ لَكِنَّ مُدَاوَمَتَهُ تُورِثُ الْبَوَاسِيرَ، وَإِذَا طُبِخَتْ الدَّجَاجَةُ بِعَشْرِ بَصَلَاتٍ، وَكَفِّ سِمْسِمٍ مَقْشُورٍ، ثُمَّ أُكِلَتْ وَشُرِبَ مَرَقُهَا زَادَتْ فِي الْبَاهِ وَقُوَّةِ الشَّهْوَةِ، وَفِي قَانِصَةِ الدَّجَاجِ حَجَرٌ، إذَا شُدَّ عَلَى إنْسَانٍ، زَادَ فِي الْبَاهِ، وَصَرَفَ عَنْهُ الْعَيْنَ وَالنَّظْرَةَ، أَوْ عَلَى مَصْرُوعٍ بَرِئَ، أَوْ تَحْتَ رَأْسِ صَغِيرٍ أَمِنَ مِنْ الْفَزَعِ فِي نَوْمِهِ، وَذَرْقُ الدَّجَاجِ السُّودِ إذَا وُضِعَ بِبَابِ قَوْمٍ وَقَعَ بَيْنَهُمْ الشَّرُّ وَالْخُصُومَةُ. وَإِذَا طُلِيَ الذَّكَرُ بِمَرَارَةِ السَّوْدَاءِ وَجَامَعَ لَمْ يَنَلْ أَهْلَهُ أَحَدٌ بَعْدَهُ، وَإِذَا جُعِلَ رَأْسُهَا فِي كُوزِ حَدِيدٍ وَوُضِعَ تَحْتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute