للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْكِفَايَةِ إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ الْبَيْتِ فَإِذَا فَعَلَهَا وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ كَفَى عَنْ الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَسُنَّةُ عَيْنٍ، وَالْمُخَاطَبُ بِهَا الْمُسْلِمُ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْمُسْتَطِيعُ. وَكَذَا الْمُبَعَّضُ، إذَا مَلَكَ مَالًا بِبَعْضِهِ الْحُرِّ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَنْ حَاجَتِهِ وَحَاجَةِ مَنْ يَمُونُهُ لِأَنَّهَا نَوْعُ صَدَقَةٍ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَمَّا يَحْتَاجُهُ فِي لَيْلَتِهِ وَيَوْمِهِ وَكِسْوَةِ فَصْلِهِ، كَمَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّهُ وَقْتُهُمَا كَمَا أَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَةَ الْعِيدِ وَقْتُ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَاشْتَرَطُوا فِيهَا أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَهِيَ مِنْهُ تَبَرُّعٌ فَيَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي سَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ. تَنْبِيهٌ:

شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَهْلَ الْبَوَادِي وَالْحَضَرِ وَالسَّفَرَ وَالْحَاجَّ وَغَيْرَهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَحَّى فِي مِنًى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالتَّضْحِيَةُ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أُرَخِّصُ فِي تَرْكِهَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا انْتَهَى. أَيْ فَيُكْرَهُ لِلْقَادِرِ تَرْكُهَا وَيُسَنُّ لِمُرِيدِهَا أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ وَلَا ظُفْرَهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْضًا وَأَكْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أُضْحِيَّتِهِ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا وَالْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحِدَةٌ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ وَلَمْ يَتْرُكْ الْأُضْحِيَّةَ قَطُّ وَهَلْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ بَعْدِ إبْرَاهِيمَ تُضَحِّي هُمْ وَأُمَمُهُمْ، أَوْ هُمْ خَاصَّةً اهـ ح ل.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْكِفَايَةِ) وَمَعْنَى كَوْنِهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ مَعَ كَوْنِهَا تُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ سُقُوطُ الطَّلَبِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ لَا حُصُولُ الثَّوَابِ لِمَنْ لَمْ يَفْعَلْ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ نَعَمْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَنَّهُ لَوْ أَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِهَا جَازَ وَأَنَّهُ مَذْهَبُنَا م ر. قَوْلُهُ: (إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ الْبَيْتِ) وَهُمْ مَنْ اجْتَمَعُوا فِي الْعِيشَةِ وَالْعِشْرَةِ وَقِيلَ مَنْ تَلْزَمُ الْفَاعِلَ نَفَقَتُهُمْ. وَاعْتَمَدَهُ م ر وَز ي وَالثَّوَابُ خَاصٌّ بِالْفَاعِلِ وَسَقَطَ عَنْ غَيْرِهِ الطَّلَبُ سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ هُوَ الَّذِي تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ أَوْ غَيْرُهُ. ق ل. وَبَعْضُهُمْ قَيَّدَهُ بِالْمُنْفِقِ.

قَوْلُهُ: (كَفَى عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ فِي سُقُوطِ الطَّلَبِ وَإِلَّا فَالثَّوَابُ لِلْمُضَحِّي خَاصَّةً كَالْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «اللَّهُمَّ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ جَمِيعًا» خُصُوصِيَّةٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُون) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (فَيَجْرِي فِيهَا إلَخْ) . فَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ صَحَّتْ لَهُ وَوَقَعَتْ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ.

قَوْلُهُ: (وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ قَوْلُهُ: وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ.

قَوْلُهُ: (لِمُرِيدِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ، وَلَوْ مِنْ عَانَةٍ أَوْ إبْطٍ إلَخْ. فَتُكْرَهُ الْإِزَالَةُ إلَّا لِعُذْرٍ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: تَحْرُمُ الْإِزَالَةُ الْمَذْكُورَةُ ق ل. وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَسَأَلْت بَعْضَ الْحَنَابِلَةِ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَشْبِيهًا بِالْمُحْرِمِينَ اهـ مَيْدَانِيٌّ. وَقَوْلُهُ لِمُرِيدِهَا أَيْ سَوَاءٌ طُلِبَتْ مِنْهُ أَوْ لَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَا بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يُزِيلَ شَعْرَهُ إلَخْ) وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَكُرِهَ لِمُرِيدِهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ إزَالَةُ نَحْوِ شَعْرٍ كَظُفْرٍ وَجِلْدَةٍ لَا تَضُرُّ إزَالَتُهَا، وَلَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَجِلْدَةٍ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَتْ إزَالَتُهُ وَاجِبَةً كَخِتَانِ الْبَالِغِ، وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ أَوْ مُسْتَحَبَّةً كَخِتَانِ الصَّبِيِّ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ يُرَاعَى بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى يُضَحِّيَ) أَيْ وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ لِمَنْ تَعَدَّدَتْ فِي حَقِّهِ، وَيَنْتَهِي وَقْتُ عَدَمِ الْإِزَالَةِ لِمَنْ لَا يُضَحِّي بِزَوَالِ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ " وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَلَوْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ بِعَدَدٍ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَوَّلِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالنَّذْرِ) أَيْ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً وَيَقُولُ هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ فَإِنَّهَا تَجِبُ بِمُجَرَّدِ هَذَا اللَّفْظِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْهَا م ر. وَحِينَئِذٍ فَمَا يَقَعُ فِي أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ كَثِيرًا مِنْ شِرَائِهِمْ مَا يُرِيدُونَ التَّضْحِيَةَ بِهِ مِنْ أَوَائِلِ السَّنَةِ، وَكُلُّ مَنْ سَأَلَهُمْ عَنْهَا يَقُولُونَ لَهُ تِلْكَ أُضْحِيَّةٌ مَعَ جَهْلِهِمْ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ تَصِيرُ بِهِ أُضْحِيَّةً وَاجِبَةً يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْهَا. وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَرَدْت أَنْ أَتَطَوَّعَ بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ شَرْحُ م ر. وَالْمُخَلِّصُ لَهُ إذَا سُئِلَ أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ نَذْبَحُهَا. وَنَأْكُلُهَا فِي الْعِيدِ وَلَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت هَذِهِ الشَّاةَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ مَلَكَهَا. لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ إنْ مَلَكْت شَاةً فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَا فَيَلْزَمُهُ: إذَا مَلَكَ شَاةً لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، كَذَا صَرَّحُوا بِهِمَا فَانْظُرْ الرَّوْضَ وَغَيْرَهُ سم وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلَ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَهُ إلَخْ. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ إلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ سَنَّ لَهُ مَا يُسَنُّ لِمُرِيدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>