فَائِدَةٌ: ضَابِطُ الْمُجْزِئِ فِي الْأُضْحِيَّةِ السَّلَامَةُ مِنْ عَيْبٍ يُنْقِصُ اللَّحْمَ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُؤْكَلُ (وَيُجْزِئُ الْخَصِيُّ) ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ» أَيْ خَصِيَّيْنِ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا وَجَبَرَ مَا قُطِعَ مِنْهُ زِيَادَةُ لَحْمِهِ طِيبًا وَكَثْرَةً وَأَيْضًا الْخُصْيَةُ الْمَفْقُودَةُ مِنْهُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بِالْأَكْلِ فَلَا يَضُرُّ فَقْدُهَا. وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ إلَّا ابْنَ الْمُنْذِرِ عَلَى جَوَازِ خِصَاءِ الْمَأْكُولِ فِي صِغَرِهِ دُونَ كِبَرِهِ وَتَحْرِيمِهِ فِيمَا لَا يُؤْكَلُ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ. (وَ) تُجْزِئُ (الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ) مَا لَمْ يَعِبْ اللَّحْمَ وَإِنْ دَمِيَ بِالْكَسْرِ لِأَنَّ الْقَرْنَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَبِيرُ غَرَضٍ وَلِهَذَا لَا يَضُرُّ فَقْدُهُ خِلْقَةً فَإِنْ عِيبَ اللَّحْمُ ضَرَّ كَالْجَرَبِ وَغَيْرِهِ. وَذَاتُ الْقَرْنِ أَوْلَى لِخَبَرِ: «خَيْرُ الضَّحِيَّةِ الْكَبْشُ الْأَقْرَنُ» وَلِأَنَّهُ أَحْسَنُ مَنْظَرًا بَلْ يُكْرَهُ غَيْرُهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَلَا يَضُرُّ ذَهَابُ بَعْضِ الْأَسْنَانِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الِاعْتِلَافِ وَنَقْصِ اللَّحْمِ فَلَوْ ذَهَبَ الْكُلُّ ضَرَّ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ. وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ ذَهَابَ الْبَعْضِ إذَا أَثَّرَ يَكُونُ كَذَلِكَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الْبَغَوِيِّ: وَيُجْزِئُ مَكْسُورُ سِنٍّ أَوْ سِنَّيْنِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيّ.
(وَلَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ) بَعْضِ (الْأُذُنِ) وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لِذَهَابِ جُزْءٍ مَأْكُولٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ دُونَ الثُّلُثِ أَجْزَأَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَنْعَ كُلِّ الْأُذُنِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَمَنْعَ الْمَخْلُوقَةِ بِلَا أُذُنٍ وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ بِخِلَافِ فَاقِدَةِ الضَّرْعِ أَوْ الْأَلْيَةِ أَوْ الذَّنَبِ خِلْقَةً فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ. وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْأُذُنَ عُضْوٌ لَازِمٌ غَالِبًا بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَكَمَا يُجْزِئُ ذَكَرُ الْمَعْزِ.
وَأَمَّا فِي الثَّالِثِ فَقِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ أَمَّا إذَا فُقِدَ ذَلِكَ بِقَطْعٍ وَلَوْ لِبَعْضٍ مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: (وَلَا مَقْطُوعُ) بَعْضِ (الذَّنَبِ) وَإِنْ قَلَّ أَوْ بِقَطْعِ بَعْضِ لِسَانٍ فَإِنَّهُ يَضُرُّ لِحُدُوثِ مَا يُؤَثِّرُ فِي نَقْصِ اللَّحْمِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَلَلَ الْأُذُنِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
زَالَ هَذَا الْمَحْذُورُ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (وَتَعَجَّبَ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمُهِمَّاتِ لِأَنَّهَا لَهُ هـ اشَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (السَّلَامَةُ) أَيْ ذُو السَّلَامَةِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: الْمُجْزِئُ وَفِي نُسْخَةِ السَّلِيمُ.
قَوْلُهُ: (مَوْجُوءَيْنِ) بِجِيمٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَيْنَ الْوَاوِ وَالتَّحْتِيَّةِ مِنْ الْوِجَاءِ بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ الْقَطْعِ. اهـ. ق ل. قَوْلُهُ: (غَيْرُ مَقْصُودَةٍ) مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ يُجْزِئُ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَهُ شَيْخُنَا.
ثُمَّ قَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ أج.
قَوْلُهُ: (عَلَى جَوَازِ خِصَاءِ الْمَأْكُولِ فِي صِغَرِهِ) اعْلَمْ أَنَّ الْخِصَاءَ جَائِزٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ لِمَأْكُولٍ وَأَنْ يَكُونَ صَغِيرًا وَأَنْ يَكُونَ فِي زَمَانٍ مُعْتَدِلٍ وَإِلَّا حَرُمَ وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ قَوْلُهُ: خِصَاءُ الْمَأْكُولِ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ أَيْ سَلُّ خُصْيَتَيْهِ بِمَعْنَى اسْتِخْرَاجِ بَيْضَتِهِ. قَوْلُهُ: (بَلْ يُكْرَهُ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ ذَاتِ الْقَرْنِ. قَوْلُهُ (فَلَوْ ذَهَبَ الْكُلُّ ضَرَّ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ فَقْدَ الْأَسْنَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا إنْ أَثَّرَ فِي اللَّحْمِ ضَرَّ، وَإِلَّا فَلَا ق ل. وَلَا تُجْزِئُ فَاقِدَةُ كُلِّ الْأَسْنَانِ بِخِلَافِ الْمَخْلُوقَةِ بِلَا أَسْنَانٍ وَكَأَنَّ الْفَرْقُ أَنَّ فَقْدَ جَمِيعِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ بِخِلَافِ فَقْدِ الْجَمِيعِ خِلْقَةً فَلْيُحَرَّرْ سم.
قَوْلُهُ: (بَعْضِ الْأُذُنِ) وَجَوَّزَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (مَنْعَ كُلِّ الْأُذُنِ) أَيْ مَنْعَ مَقْطُوعَةِ كُلِّ الْأُذُنِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْمَتْنِ لَا أَنَّهُ أَفْهَمُهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ النُّسْخَةُ الَّتِي وَقَعَتْ لِلشَّارِحِ فِيهَا كَلِمَةُ بَعْضِ مِنْ الْمَتْنِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ بَعْضِ الْأُذُنِ. قَوْلُهُ: (وَمَنْعَ الْمَخْلُوقَةِ بِلَا أُذُنٍ) وَسَكَتُوا عَنْ الْمَخْلُوقَةِ فَاقِدَةً بَعْضَ الْأُذُنِ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.
قَوْلُهُ: (عُضْوٌ لَازِمٌ) وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْأَلْيَةِ صَغِيرَةً فِي ذَاتِهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي بَعْضِ الْغَنَمِ، وَكَوْنِهَا كَبِيرَةً وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فَقْدُ فِلْقَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ الْكُبْرُ النِّسْبِيُّ فَالْأَلْيَةُ وَإِنْ صَغُرَتْ فَهِيَ مِنْ حَيْثُ هِيَ كَبِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُذُنِ هَذَا وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا لَوْ وُجِدَتْ أَلْيَةٌ قُطِعَ جُزْءٌ مِنْهَا وَشَكَّ فِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ كَانَ كَبِيرًا فِي الْأَصْلِ فَلَا يُجْزِئُ مَا قُطِعَتْ مِنْهُ الْآنَ أَوْ صَغِيرًا فَيُجْزِئُ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيمَا قُطِعَتْ مِنْهُ وَالْمُوَافِقُ لِلْغَالِبِ فِي أَنَّ الَّذِي يُقْطَعُ لِكُبْرِ الْأَلْيَةِ صَغِيرٌ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْإِجْزَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ خِلْقَةً وَكَمَا يُجْزِئُ إلَخْ فَقَوْلُهُ: وَكَمَا يُجْزِئُ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (ذَكَرُ الْمَعْزِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا ضَرْعَ لَهُ وَلَا أَلْيَةَ.
قَوْلُهُ: (فَقِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى فَاقِدِ الضَّرْعِ وَالْأَلْيَةِ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا فُقِدَ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الضَّرْعِ وَالْأَلْيَةِ وَالذَّنَبِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِقَطْعِ بَعْضِ لِسَانٍ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الرَّكَاكَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَمَّا إذَا فُقِدَ الضَّرْعُ وَالْأَلْيَةُ وَالذَّنَبُ بِقَطْعِ بَعْضِ