للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ.

(وَ) الثَّانِي (الصَّلَاةُ) وَالسَّلَامُ (عَلَى) سَيِّدِنَا (رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) تَبَرُّكًا بِهِمَا. (وَ) الثَّالِثُ (اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالذَّبِيحَةِ) أَيْ بِمَذْبَحِهَا فَقَطْ عَلَى الْأَصَحِّ دُونَ وَجْهِهَا لِيُمْكِنَهُ الِاسْتِقْبَالُ أَيْضًا. (وَ) الرَّابِعُ (التَّكْبِيرُ ثَلَاثًا) بَعْدَ التَّسْمِيَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (وَ) الْخَامِسُ (الدُّعَاءُ بِالْقَبُولِ) بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْ مِنِّي وَالسَّادِسُ تَحْدِيدُ الشَّفْرَةِ فِي غَيْرِ مُقَابِلَتِهَا. وَالسَّابِعُ إمْرَارُهَا وَتَحَامُلُ ذَهَابِهَا وَإِيَابِهَا وَالثَّامِنُ إضْجَاعُهَا عَلَى شِقِّهَا الْأَيْسَرِ وَشَدِّ قَوَائِمِهَا الثَّلَاثِ غَيْرَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى. وَالتَّاسِعُ عَقْلُ الْإِبِلِ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ.

(وَلَا يَأْكُلُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمَنْذُورَةِ) وَالْهَدْيِ الْمَنْذُورِ كَدَمِ الْجُبْرَانِ فِي الْحَجِّ. (شَيْئًا) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنْ أَكَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا غَرِمَهُ. (وَيَأْكُلُ مِنْ) الْأُضْحِيَّةِ (الْمُتَطَوِّعِ بِهَا) أَيْ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ الثَّابِتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] أَيْ الشَّدِيدَ الْفَقْرِ وَفِي الْبَيْهَقِيّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ. وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْأَكْلُ مِنْهَا كَمَا قِيلَ بِهِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: ٣٦] فَجَعَلَهَا لَنَا وَمَا جُعِلَ لِلْإِنْسَانِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَكْلِهِ وَتَرْكِهِ. قَالَهُ فِي الْمُهَذَّبِ

(وَلَا يَبِيعُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ شَيْئًا) وَلَوْ جِلْدَهَا أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ سَوَاءً أَكَانَتْ مَنْذُورَةً أَمْ لَا. وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِجِلْدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِيهِ رَحْمَةٌ لِلْآكِلِينَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ) بِالْجَرِّ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ حَرُمَ وَحَرُمَتْ الذَّبِيحَةُ إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ " التَّشْرِيكَ. فَإِنْ أَطْلَقَ كُرِهَ وَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ لَمْ يُكْرَهْ وَلَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ فِيهِمَا وَقِيلَ: يَحْرُمُ إذَا أَطْلَقَ لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ.

وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ وَلَوْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمُ مُحَمَّدٍ بِالرَّفْعِ لَمْ يَحْرُمْ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي السِّيرَةِ الْحَلَبِيَّةِ وَأَمَّا مَا قِيلَ عِنْدَ ذَبْحِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ. وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ حَرَامًا لِإِيهَامِهِ التَّشْرِيكَ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَحَالِّ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: " لَا أَذْكُرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي " فَقَدْ جَاءَ " أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إنَّ رَبِّي وَرَبَّك يَقُولُ لَك أَتَدْرِي كَيْفَ رَفَعَ ذِكْرَك " أَيْ عَلَى أَيِّ حَالٍ جَعَلْت ذِكْرَك مَرْفُوعًا مُشَرَّفًا، الْمَذْكُورَ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: ١] إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: ٤] قُلْت اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ: " لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي " أَيْ فِي غَالِبِ الْمَوَاطِنِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا. فَائِدَةٌ:

مَنْ ذَبَحَ لِلْكَعْبَةِ تَعْظِيمًا لَهَا لِكَوْنِهَا بَيْتَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ لِلنَّبِيِّ لِكَوْنِهِ رَسُولَ اللَّهِ أَوْ لِلْفَرَحِ بِقُدُومِ إمَامٍ أَوْ وَزِيرٍ أَوْ ضَيْفٍ أَوْ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لِإِرْضَاءِ سَاخِطٍ أَوْ عِنْدَ مَقَامِ وَلِيٍّ فَلَا يَكْفُرُ، وَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ بَلْ يُسَنُّ ذَلِكَ بِالْإِهْدَاءِ لِلْكَعْبَةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِهِ أَيْ بِالذَّبْحِ كَنَحْوِ زَيْتٍ لِإِسْرَاجِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. اهـ. دَيْرَبِيٌّ بِخَطِّهِ.

قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ) أَيْ عَقِبَ التَّسْمِيَةِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا أَعْنِي التَّسْمِيَةَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ إلَخْ سم.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّسْمِيَةِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ أَوْ قَبْلَهَا فَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمَرَّةٍ وَالْأَكْمَلُ ثَلَاثٌ.

قَوْلُهُ: (هَذَا مِنْك) أَيْ وَاصِلٌ مِنْك، وَرَاجِعٌ إلَيْك أَوْ نِعْمَةٌ مِنْك أَوْ مُتَقَرَّبٌ بِهِ إلَيْك وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مُقَابَلَتِهَا أَيْ الذَّبِيحَةِ.

قَوْلُهُ: (الْمَنْذُورَةِ) لَوْ قَالَ: الْوَاجِبَةِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ لِيَشْمَلَ الْوَاجِبَةَ بِقَوْلِهِ: هَذِهِ أُضْحِيَّةٌ أَوْ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ ق ل. وَمِثْلُهُ م ر حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ اهـ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي ذَلِكَ حَرَجٌ شَدِيدٌ. قَوْلُهُ: (كَدَمِ الْجُبْرَانِ) تَنْظِيرٌ لِلْهَدْيِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَأْكُلَ) مَحْمُولٌ عَلَى الزَّائِدَةِ عَلَى الْوَاجِبِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي حَقِّهِ، وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ الْوَاجِبَةِ وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي أَكْلِهِ مِنْ الْكَبِدِ كَوْنُهُ أَوَّلَ مَا يَقَعُ بِهِ إكْرَامُ اللَّهِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ لِمَا وَرَدَ: «إنَّ أَوَّلَ إكْرَامِهِ لَهُمْ بِأَكْلِ زِيَادَةِ كَبِدِ الْحُوتِ» قَوْلُهُ: (لِظَاهِرِ الْآيَةِ) أَيْ قَوْلُهُ: {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٢٨] وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمَنْفِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>