للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَذْكَارِهِ أَنَّ السُّنَّةَ تَسْمِيَتُهُ يَوْمَ السَّابِعِ، أَوْ يَوْمَ الْوِلَادَةِ وَاسْتَدَلَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَحَمَلَ الْبُخَارِيُّ أَخْبَارَ يَوْمِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الْعَقَّ وَأَخْبَارَ يَوْمِ السَّابِعِ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ شَارِحُهُ: وَهُوَ جَمْعٌ لَطِيفٌ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ؛ وَيُسَنُّ أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ لِخَبَرِ: «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَحَسِّنُوا أَسْمَاءَكُمْ» وَأَفْضَلُ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» . وَتُكْرَهُ الْأَسْمَاءُ الْقَبِيحَةُ كَشِهَابٍ وَشَيْطَانٍ وَحِمَارٍ وَمَا يُتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ عَادَةً كَبَرَكَةَ وَنَجِيحٍ، وَلَا تُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ بِأَسْمَاءِ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَ اللَّهُ أَهْلَ التَّوْحِيدِ مِنْ النَّارِ وَأَوَّلُ مَنْ يُخْرَجُ مَنْ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ نَبِيٍّ " وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَلَا لِيَقُمْ مَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَلْيَدْخُلْ الْجَنَّةَ كَرَامَةً لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَيَحْرُمُ تَلْقِيبُ الشَّخْصِ بِمَا يَكْرَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ كَالْأَعْمَشِ وَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِقَصْدِ التَّعْرِيفِ. لِمَنْ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ، وَالْأَلْقَابُ الْحَسَنَةُ لَا يُنْهَى عَنْهَا وَمَا زَالَتْ الْأَلْقَابُ الْحَسَنَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إلَّا مَا أَحْدَثَهُ النَّاسُ فِي زَمَانِنَا مِنْ التَّوَسُّعِ حَتَّى لَقَّبُوا السَّفَلَةَ بِالْأَلْقَابِ الْعَلِيَّةِ. وَيُسَنُّ أَنْ يُكَنَّى أَهْلُ الْفَضْلِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

ذَلِكَ، وَمُقْتَضَى صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ إنْ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ لَا تُؤَخَّرَ تَسْمِيَتُهُ إلَى السَّابِعِ بَلْ يُسَمَّى غَدَاةَ وِلَادَتِهِ. اهـ. مُنَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (يَوْمَ السَّابِعِ) أَيْ مِنْ الْوِلَادَةِ وَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ بِتَأْقِيتِهَا بِهِ وَأَنَّ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ، وَأَنَّهَا تَفُوتُ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ ذِكْرَ السَّابِعِ لِلِاخْتِيَارِ لَا لِلتَّعْيِينِ وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ تُذْبَحَ يَوْمَ السَّابِعِ، فَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ فَالرَّابِعَ عَشَرَ فَالْحَادِي وَالْعِشْرِينَ. اهـ. مُنَاوِيٌّ عَلَى الْخَصَائِصِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ حَجَرٍ) أَيْ الْعَسْقَلَانِيُّ شَارِحُهُ أَيْ الْبُخَارِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَأَفْضَلُ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَفْضَلَ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ مَا أُضِيفَ بِالْعُبُودِيَّةِ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ ثُمَّ مُحَمَّدٌ ثُمَّ أَحْمَدُ. وَسُئِلَ شَيْخُنَا: عَنْ اسْمِ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ مَا الْأَفْضَلُ مِنْهُمَا. فَأَجَابَ: بِأَنَّ الْأَفْضَلَ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مُحَمَّدٌ لِشُهْرَتِهِ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ وَبِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ السَّمَاءِ أَحْمَدُ لِذَلِكَ. وَقَالَ شَيْخُنَا س ل مُحَمَّدٌ أَفْضَلُ مُطْلَقًا بِرْمَاوِيٌّ عَلَى الْغَزِّيِّ. وَتُكْرَهُ بِعَبْدِ النَّبِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الرَّحْمَانِيِّ مِنْ حُرْمَةِ التَّسْمِيَةِ بِعَبْدِ النَّبِيِّ ضَعِيفٌ، وَصَرِيحُ كَلَامِ الرَّحْمَانِيِّ حُرْمَةُ التَّسْمِيَةِ بِعَبْدِ الْعَاطِي لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَهِيَ تَوْقِيفِيَّةٌ؛ وَتُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ أَيْضًا بِكُلِّ مَا يُتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ أَوْ إثْبَاتِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ: كَبَرَكَةَ وَرَحْمَةَ وَغَنِيمَةَ وَنَافِعٍ وَيَسَارٍ وَحَرْبٍ وَمُرَّةٍ وَشِهَابٍ وَشَيْطَانٍ وَحِمَارٍ، وَتَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ بِنَحْوِ سِتِّ النَّاسِ أَوْ سِتِّ الْعُلَمَاءِ أَوْ سِتِّ الْقُضَاةِ أَوْ سِتِّ الْعَرَبِ أَوْ سَيِّدِ الْعُلَمَاءِ أَوْ سَيِّدِ النَّاسِ.

وَتَحْرُمُ التَّسْمِيَةُ بِعَبْدِ الْكَعْبَةِ أَوْ النَّارِ أَوْ بِعَبْدِ عَلِيٍّ أَوْ الْحَسَنِ لِإِيهَامِ التَّشْرِيكِ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَمَا فِي حَاشِيَةِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مِنْ كَرَاهَةِ التَّسْمِيَةِ بِعَبْدِ عَلِيٍّ ضَعِيفٌ وَتَحْرُمُ بِأَقْضَى الْقُضَاةِ وَمَلِكِ الْأَمْلَاكِ وَحَاكِمِ الْحُكَّامِ لَا قَاضِي الْقُضَاةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتَحْرُمُ أَيْضًا بِرَفِيقِ اللَّهِ وَجَارِ اللَّهِ لِإِيهَامِهِ الْمَحْذُورَ أَيْضًا، وَمِمَّا يَحْرُمُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَوَامّ: إذَا حَمَلَ شَيْئًا ثَقِيلًا الْحَمْلَةُ عَلَى اللَّهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَمِثْلُهُ يَا حَامِلُ يَا زَامِلُ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ لَهُ سُبْحَانَهُ جِسْمًا تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَتَحْرُمُ بِعَبْدِ مَنَافٍ وَعَبْدِ الْعُزَّى لِأَنَّهُمَا اسْمَانِ لِصَنَمٍ كَعَبْدِ الْعَاطِي فَإِنَّهُ قَابِلُ الْعَطَاءِ كَعَبْدِ النَّارِ وَلَا يُكْرَهُ عَبْدُ النُّورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [النور: ٣٥] وَيَجِبُ تَغْيِيرُ الِاسْمِ الْحَرَامِ.

قَوْلُهُ: (وَمَا يُتَطَيَّرُ بِنَفْيِهِ عَادَةً) كَأَنْ يَقُولَ أَيْنَ بَرَكَةُ فَتَقُولُ لَهُ ذَهَبَتْ. قَوْلُهُ (كَبَرَكَةَ) وَغَنِيمَةَ وَرَحْمَةَ وَنَافِعٍ وَيَسَارٍ وَحَرْبٍ وَمُرَّةٍ وَشِهَابٍ. قَالَ الشَّعْرَانِيُّ فِي الْعُهُودِ: أَخَذَ عَلَيْنَا الْعُهُودَ أَنْ نَزِيدَ فِي تَعْظِيمِ كُلِّ عَبْدٍ يُسَمَّى بِمِثَالِ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ بِمِثَالِ أَسْمَاءِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ بِمِثَالِ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ بِمِثَالِ أَسْمَاءِ أَكَابِرِ الْأَوْلِيَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - زِيَادَةً عَلَى تَعْظِيمِ غَيْرِهِ، مِمَّنْ لَمْ يُسَمَّ بِمَا ذَكَرَهُ وَقَالَ لِي سَيِّدِي مُحَمَّدُ بْنُ عَنَانٍ: أُحِبُّ لِلنَّاسِ أَنْ يُسَمُّوا أَوْلَادَهُمْ أَحْمَدَ دُونَ مُحَمَّدٍ فَقُلْت لَهُ: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ لِلَحْنِ الْعَامَّةِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>