للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحْرُمُ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ وَلَا يُكَنَّى كَافِرٌ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا فَاسِقٌ وَلَا مُبْتَدِعٌ لِأَنَّ الْكُنْيَةَ لِلتَّكْرِمَةِ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا إلَّا لِخَوْفِ فِتْنَةٍ مِنْ ذِكْرِهِ بِاسْمِهِ أَوْ تَعْرِيفٍ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: ١] وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى.

وَيُسَنُّ فِي سَابِعِ وِلَادَةِ الْمَوْلُودِ أَنْ يُحْلَقَ رَأْسُهُ كُلُّهُ. وَيَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ الشَّعْرِ ذَهَبًا فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَفِضَّةٌ.

(وَيُذْبَحُ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ حُذِفَ فَاعِلُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ. وَهُوَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ (عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ) مُتَسَاوِيَتَانِ (وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ) لِخَبَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اسْمِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ أَهْلَ الْأَرْيَافِ يَقُولُونَهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالْحَاءِ وَأَهْلُ الْحَاضِرَةِ يَقُولُونَهَا بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكِلَاهُمَا لَحْنٌ فَاعْلَمْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ) وَلَوْ لِغَيْرِ مَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ق ل وَظَاهِرُهُ الْحُرْمَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ سَمَّاهُ قَاسِمًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِأَبِي قَاسِمٍ وَالْأَقْرَبُ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا أَيْ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ وَبَعْدَهُ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَلِغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ لِمَنْ لَهُ وَلَدٌ اسْمُهُ قَاسِمٌ أَوْ لَا، وَلَا بَأْسَ بِالتَّكَنِّي بِأَبِي الْحَسَنِ. قَالَ ابْنُ لُقَيْمَةَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ: وَلَا بَأْسَ بِكُنْيَةِ الصَّغِيرِ؛ وَيُسَنُّ أَنْ يُكَنَّى مَنْ لَهُ أَوْلَادٌ بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ وَيُسَنُّ لِوَلَدِ الشَّخْصِ وَتِلْمِيذِهِ وَغُلَامِهِ أَنْ لَا يُسَمِّيَهُ بِاسْمِهِ، وَالْأَدَبُ أَنْ لَا يُكَنِّيَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ فِي كِتَابٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا إنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِغَيْرِهَا أَوْ كَانَتْ أَشْهَرَ مِنْ الِاسْمِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَنَّى كَافِرٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْكُنْيَةُ تُشْعِرُ بِالذَّمِّ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: كَمَا قِيلَ بِهِ إلَخْ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكُنْيَةَ لِلتَّكْرِمَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ شَأْنَهَا ذَلِكَ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا) وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا مُدِحَ الْكَافِرُ غَضِبَ الرَّبُّ وَاهْتَزَّ لِذَلِكَ الْعَرْشُ» .

قَوْلُهُ: (مِنْ ذِكْرِهِ بِاسْمِهِ) أَيْ خَافَ الضَّرَرَ إذَا ذَكَرَهُ بِاسْمِهِ لِعِظَمِهِ عِنْدَهُمْ فَيَذْكُرُهُ بِكُنْيَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَكْرِيمٌ لَهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ تَعْرِيفٍ) أَيْ تَعْرِيفِ الْمُكَنَّى وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى خَوْفٍ، أَيْ إذَا كَانَ الْكَافِرُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْكُنْيَةِ فَيَجُوزُ ذِكْرُهَا، لِأَجْلِ أَنْ يُعْرَفَ.

قَوْلُهُ: (كَمَا قِيلَ بِهِ) أَيْ بِالتَّعْرِيفِ. قَوْلُهُ: (فِي قَوْله تَعَالَى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: ١] . أَيْ هَلَكَتَا أَوْ خَسِرَتَا بَيْضَاوِيٌّ قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ قَالَ مُقَاتِلٌ: إنَّمَا كَنَّوْهُ بِأَبِي لَهَبٍ لِحُسْنِهِ وَإِشْرَاقِ وَجْهِهِ مَعَ حُمْرَتِهِ

قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ ذَلِكَ) أَيْ الْحَلْقُ بَعْدَ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا عِنْدَ حَلْقِ شَعْرِ رَأْسِهِ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْمَلِ.

فَائِدَةٌ: تُنْدَبُ التَّهْنِئَةُ فِي الْوَلَدِ لِلْوَالِدِ وَنَحْوِهِ بِنَحْوِ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ وَبَلَّغَهُ رُشْدَهُ وَرَزَقَك بِرَّهُ، وَالرَّدُّ بِنَحْوِ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا ق ل. وَقَوْلُهُ: وَنَحْوَهُ كَالْأَخِ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ الشَّعْرِ إلَخْ) لِخَبَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ أَنْ تَزِنَ شَعْرَ الْحُسَيْنِ، وَتَتَصَدَّقَ بِوَزْنِهِ فِضَّةً، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ فَوَجَدَتْهُ عَادَلَ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمًا إلَّا شَيْئًا وَتَصَدَّقَتْ بِزِنَتِهِ» اهـ قَرَّرَهُ ح ف.

قَوْلُهُ: (وَيُذْبَحُ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ) فَقَدْ «عَقَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ بِكَبْشَيْنِ يَوْمَ سَابِعِهِ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَأَمَرَ بِشَعْرِهِ فَدُفِنَ فِي الْأَرْضِ» ح ل فِي السِّيرَةِ وَيُلْحَقُ بِهِ الْخُنْثَى احْتِيَاطًا م ر خِلَافًا لحج وَأَفْضَلُ مِنْ الشَّاتَيْنِ ثَلَاثٌ. وَمَا زَادَ إلَى سَبْعٍ ثُمَّ بَعِيرٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ وَكَالشَّاتَيْنِ سُبْعَانِ مِنْ نَحْوِ بَدَنَةٍ فَأَكْثَرُ وَيَجُوزُ مُشَارَكَةُ جَمَاعَةٍ سَبْعَةٍ فَأَقَلَّ فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُمْ عَنْ عَقِيقَةٍ أَوْ بَعْضُهُمْ عَنْ ضَحِيَّةٍ أَوْ لَا وَلَا. اهـ. ق ل قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَإِذَا ذَبَحَهُمَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ التَّصَدُّقُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بَلْ يَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَبْحِهِ أَجْزَأَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصَدُّقِ، مِنْ كُلِّ كَمَا لَوْ ضَحَّى تَطَوُّعًا بَعْدَهُ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ فِي هَذِهِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّصَدُّقُ مِنْ كُلٍّ وَقَدْ سَوَّوْا كَمَا عَلِمْت بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِمَا، إلَّا فِي صُورَةٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ بَلْ الْوَجْهُ اهـ إيعَابٌ. أَقُولُ: بَلْ الْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبِ فِي وَاحِدَةٍ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ إذْ مُسَمَّى الشَّاتَيْنِ هُنَا هُوَ الْعَقِيقَةُ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ مُسَمَّاهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ بِفَرْضِ إعْسَارِهِ سم فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: إمَّا مَنْ مَالِ الْمَوْلُودِ فَلَا إلَخْ فَسَقَطَ مَا يُقَالُ: إذَا كَانَ لِلْمَوْلُودِ مَالٌ نَافَى قَوْلَهُ: مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.

قَوْلُهُ: (مُتَسَاوِيَتَانِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ نَعُقَّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>