للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» . وَإِنْ كَانَتْ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ تَشْبِيهًا بِالدِّيَةِ وَيَتَأَدَّى أَصْلُ السُّنَّةِ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاةٍ: «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا» وَكَالشَّاةِ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ مَالِ الْمَوْلُودِ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعُقَّ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ تَبَرُّعٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ مَالِ الْمَوْلُودِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ عَاجِزًا عَنْ الْعَقِيقَةِ حِينَ الْوِلَادَةِ ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ تَمَامِ السَّابِعِ. اُسْتُحِبَّ فِي حَقِّهِ وَإِنْ أَيْسَرَ بِهَا بَعْدَ السَّابِعِ وَبَعْدَ بَقِيَّةِ مُدَّةِ النِّفَاسِ أَيْ أَكْثَرِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا وَفِيمَا إذَا أَيْسَرَ بِهَا بَعْدَ السَّابِعِ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ تَرَدُّدٌ لِلْأَصْحَابِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَنْوَارِ تَرْجِيحُ مُخَاطَبَتِهِ بِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ.

(وَيُطْعَمُ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ) الْمُسْلِمِينَ فَهِيَ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي جِنْسِهَا وَسَلَامَتِهَا مِنْ الْعَيْبِ وَالْأَفْضَلُ مِنْهَا وَسِنُّهَا وَالْأَكْلُ وَقَدْرُ الْمَأْكُولِ مِنْهَا وَالتَّصَدُّقُ وَالْإِهْدَاءُ مِنْهَا وَتَعْيِينُهَا إذَا عُيِّنَتْ وَامْتِنَاعُ بَيْعِهَا: كَالْأُضْحِيَّةِ الْمَسْنُونَةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهَا ذَبِيحَةٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا. فَأَشْبَهَتْ الْأُضْحِيَّةَ لَكِنَّ الْعَقِيقَةَ: يُسَنُّ طَبْخُهَا، كَسَائِرِ الْوَلَائِمِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهُ السُّنَّةُ.

وَيُسَنُّ أَنْ تُطْبَخَ بِحُلْوٍ تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةِ أَخْلَاقِ الْمَوْلُودِ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ» .

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُسَنُّ طَبْخُهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَنْذُورَةً. وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَبْخِهَا «رِجْلُ الشَّاةِ. فَإِنَّهَا تُعْطَى لِلْقَابِلَةِ لِأَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَعَلَتْ ذَلِكَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ الْحَاكِمُ. وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُكْسَرَ مِنْهَا عَظْمٌ بَلْ يُقْطَعُ كُلُّ عَظْمٍ مِنْ مَفْصِلِهِ تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَعْضَاءِ الْمَوْلُودِ. فَإِنْ كَسَرَهُ لَمْ يُكْرَهْ.

خَاتِمَةٌ: يُسَنُّ أَنْ يُؤَذَّنَ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ الْيُمْنَى وَيُقَامَ فِي الْيُسْرَى لِخَبَرِ ابْنِ السِّنِيِّ: «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَ فِي الْيُسْرَى لَمْ تَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ» أَيْ التَّابِعَةُ مِنْ الْجِنِّ وَلِيَكُونَ إعْلَامُهُ بِالتَّوْحِيدِ أَوَّلُ مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ عِنْدَ قُدُومِهِ إلَى الدُّنْيَا كَمَا يُلَقَّنُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا. وَأَنْ يُحَنَّكَ بِتَمْرٍ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى، فَيُمْضَغُ وَيُدَلَّكُ بِهِ حَنَكُهُ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَضَمِّهِمَا وَفِي اللُّغَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الضَّمِّ مِنْ بَابِ قَتَلَ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا مِنْ مَالِ الْمَوْلُودِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَهُوَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ

. قَوْلُهُ: (لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا) أَيْ أَمْرًا مُؤَكَّدًا. قَوْلُهُ: (تَرْجِيحُ مُخَاطَبَتِهِ) لِبَقَاءِ أَثَرِ الْوِلَادَةِ.

قَوْلُهُ: (وَالتَّصَدُّقُ) أَيْ بِمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ إذَا كَانَتْ مَنْدُوبَةً لَكِنْ لَا يَجِبُ هُنَا إعْطَاءُ النِّيءِ بَلْ يُسَنُّ طَبْخُهَا بِحُلْوٍ أَيْ بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَشْهُورَةِ الْآنَ مِنْ الْيَخْنِيِّ الْقِرْمِزِيِّ. اهـ. ع ش. وَالْقِرْمِزِيُّ هُوَ مَا فِيهِ جَوْزٌ وَلَوْزٌ وَنَحْوُهُ.

قَوْلُهُ: (كَالْأُضْحِيَّةِ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: قَبْلُ فَهِيَ كَالْأُضْحِيَّةِ. قَوْلُهُ: (بِحُلْوٍ) وَطَبْخُهَا بِحَامِضٍ خِلَافُ الْأَوْلَى وَحَمْلُ لَحْمِهَا مَطْبُوخًا مَعَ مَرَقِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَفْضَلُ مِنْ دُعَائِهِمْ إلَيْهَا وَلِلْأَغْنِيَاءِ التَّصَرُّفُ فِيمَا يُهْدَى إلَيْهِمْ مِنْهَا بِغَيْرِ الْأَكْلِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر.

قَوْلُهُ: (تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةٍ إلَخْ) وَلَا يُقَالُ: بِمِثْلِهِ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ تَفَاؤُلًا بِأَخْلَاقِ الْعَرُوسِ لِأَنَّهَا طُبِعَتْ فَاسْتَقَرَّ طَبْعُهَا وَهُوَ لَا يُغَيَّرُ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (الْحَلْوَاءَ) بِالْمَدِّ وَقَوْلُهُ: وَالْعَسَلَ عَطْفٌ مُغَايِرٌ إنْ أُرِيدَ بِالْحَلْوَاءِ مَا دَخَلَتْهُ النَّارُ، لِأَنَّ عَسَلَ النَّحْلِ لَا يَدْخُلُهُ نَارٌ وَإِنْ أُرِيدَ بِالْحَلْوَاءِ أَعَمَّ مِنْ أَنَّهَا مَا تَرَكَّبَتْ مِنْ شَيْئَيْنِ أَمْ لَا كَانَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.

قَوْلُهُ: (رِجْلُ الشَّاةِ) أَيْ إلَى أَصْلِ الْفَخِذِ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْأَفْضَلُ الْيَمِينُ تَفَاؤُلًا بِأَنَّهُ يَعِيشُ وَيَمْشِي بِرِجْلِهِ وَتَكْفِي رِجْلٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الشِّيَاهُ وَالْقَوَابِلُ ع ش.

قَوْلُهُ: (لَمْ يُكْرَهْ) بَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (يُسَنُّ أَنْ يُؤَذَّنَ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ) وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ الْأَذَانُ الَّذِي هُوَ مِنْ وَظِيفَةِ الرِّجَالِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مُجَرَّدُ الذِّكْرِ لِلتَّبَرُّكِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِعْلُ الْأَذَانِ وَإِنْ كَانَ الْمَوْلُودُ كَافِرًا وَهُوَ قَرِيبٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ ذِكْرُ اللَّهِ وَدَفْعُ الشَّيْطَانِ وَرُبَّمَا كَانَ دَفْعُهُ مُؤَدِّيًا لِبَقَائِهِ عَلَى الْفِطْرَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِهِدَايَتِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (وَيُقَامُ فِي الْيُسْرَى) وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَنْخُسُهُ حِينَئِذٍ فَشُرِعَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِأَنَّهُ يُدْبِرُ عِنْدَ سَمَاعِهِمَا وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ إلَّا مَرْيَمُ وَابْنُهَا كَمَا فِي الْأَخْبَارِ اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (فَيَمْضُغُ) أَيْ يَمْضُغُهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>