للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُفْتَحُ فَاهُ حَتَّى يَنْزِلَ إلَى جَوْفِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَفِي مَعْنَى التَّمْرِ الرُّطَبُ، وَيُسَنُّ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَنْ يَدَّهِنَ غِبًّا بِكَسْرِ الْغَيْنِ أَيْ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ بِحَيْثُ يَجِفُّ الْأَوَّلُ وَأَنْ يَكْتَحِلَ وِتْرًا لِكُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثَةٌ وَأَنْ يَحْلِقَ الْعَانَةَ وَيُقَلِّمَ الظُّفْرَ، وَيَنْتِفَ الْإِبِطَ وَأَنْ يَغْسِلَ الْبَرَاجِمَ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْوُضُوءِ وَهِيَ: عُقَدُ الْأَصَابِعِ وَمَفَاصِلُهَا. وَأَنْ يُسَرِّحَ اللِّحْيَةَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: «مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ» وَيُكْرَهُ الْقَزَعُ وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَأَمَّا حَلْقُ جَمِيعِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ لِمَنْ أَرَادَ التَّنَظُّفَ وَلَا يَتْرُكُهُ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْهُنَهُ وَيُرَجِّلَهُ وَلَا يُسَنُّ حَلْقُهُ إلَّا فِي النُّسُكِ أَوْ فِي حَقِّ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ. أَوْ فِي الْمَوْلُودِ إذَا أُرِيدَ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِزِنَةِ شَعْرِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيُكْرَهُ لَهَا حَلْقُ رَأْسِهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَيُكْرَهُ نَتْفُ اللِّحْيَةِ أَوَّلَ طُلُوعِهَا إيثَارًا لِلْمُرُودَةِ، وَنَتْفُ الشَّيْبِ وَاسْتِعْجَالُ الشَّيْبِ بِالْكِبْرِيتِ أَوْ غَيْرِهِ طَلَبًا لِلشَّيْخُوخَةِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الصَّلَاحِ وَيُقَدَّمُ الرُّطَبُ عَلَى التَّمْرِ وَبَعْدَهُمَا حُلْوٌ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَى التَّمْرِ) فَإِنْ فُقِدَ فَحُلْوٌ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ، وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ الرُّطَبِ عَلَى التَّمْرِ كَمَا فِي الصَّوْمِ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (أَنْ يَدَّهِنَ غِبًّا) أَيْ جَمِيعَ الْبَدَنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يُرَطِّبُ الْبَدَنَ.

قَوْلُهُ: (الْبَرَاجِمَ) جَمْعُ بُرْجُمَةٍ بِضَمِّ الْبَاءِ وَالْجِيمِ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَأَمَّا التَّرَاجِمُ فَإِنْ كَانَ فِي تَرَاجِمِ الْمُصَنِّفِينَ فَتُكْسَرُ فِيهِ الْجِيمُ وَإِنْ كَانَ فِي الرَّمْيِ بِالْحِجَارَةِ مَثَلًا فَتُضَمُّ فِيهِ الْجِيمُ. اهـ. مِصْرِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَأَنْ يُسَرِّحَ اللِّحْيَةَ) وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ أَنَّ تَسْرِيحَهَا بِاللَّيْلِ مَكْرُوهٌ وَكَذَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَفِي تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ إطَالَةُ الْعُمْرِ وَفِي تَسْرِيحِ الْحَاجِبَيْنِ فِي زَمَنِ الطَّاعُونِ الْأَمْنُ مِنْ الطَّاعُونِ وَتَسْرِيحُ اللِّحْيَةِ مَبْلُولَةً أَمَانٌ مِنْ الْفَقْرِ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عِنْدَ تَسْرِيحِ الْجِهَةِ الْيُمْنَى وَ {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: ١] عِنْدَ الْجِهَةِ الْيُسْرَى لِتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ اهـ أج.

قَوْلُهُ: (بَعْضِ الرَّأْسِ) وَمِنْهُ الشُّوشَةُ الْمَشْهُورَةُ وَمَا يَفْعَلُهُ الْحَلَّاقُ عِنْدَ خِتَانِ الْأَوْلَادِ ق ل.

فَائِدَةٌ: مَنْ قَالَ بَعْدَ الْعُطَاسِ عَقِبَ حَمْدًا لِلَّهِ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي مَالًا يَكْفِينِي وَبَيْتًا يَأْوِينِي وَاحْفَظْ عَلَيَّ عَقْلِي وَدِينِي وَاكْفِنِي شَرَّ مَنْ يُؤْذِينِي أَعْطَاهُ اللَّهُ سُؤْلَهُ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا حَلْقُ جَمِيعِهَا) الْأَوْلَى تَذْكِيرُ ضَمِيرِ الرَّأْسِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ عُضْوٌ غَيْرُ مُتَعَدِّدٍ وَالْأَفْصَحُ فِي الْعُضْوِ الْغَيْرِ الْمُتَعَدِّدِ إفْرَادُ ضَمِيرِهِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: «لَمْ يَحْلُقْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ الشَّرِيفَ إلَّا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ» ، وَقَدْ رُوِيَ فِي صِفَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ رَجِلَ الشَّعْرِ. وَلَمْ يُجَاوِزْ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إذَا هُوَ وَفَّرَهُ» أَيْ جَعَلَهُ وَفْرَةً.

وَحَاصِلُ الْأَحَادِيثِ: أَنَّ شَعْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُصِفَ بِأَنَّهُ جَمَّةٌ وَوُصِفَ بِأَنَّهُ وَفْرَةٌ وَوُصِفَ بِأَنَّهُ لِمَّةٌ وَفُسِّرَتْ اللِّمَّةُ بِالشَّعْرِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَى شَحْمَةِ الْأُذُنِ وَالْجُمَّةُ بِاَلَّذِي يَنْزِلُ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ: «كَانَ شَعْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْصُرُ وَيَطُولُ بِحَسَبِ الْأَوْقَاتِ» . فَإِذَا غَفَلَ عَنْ تَقْصِيرِهِ وَصَلَ إلَى مَنْكِبِهِ وَإِذَا قَصَّرَهُ تَارَةً يَنْزِلُ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِهِ وَتَارَةً لَا يَنْزِلُ عَنْهَا. وَقَدْ جَاءَ فِي وَصْفِ «شَعْرِهِ لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ أَيْ بَالِغٍ فِي الْجُعُودَةِ وَلَا رَجْلٍ سَبْطٍ أَيْ بَالِغٍ فِي السُّبُوطَةِ وَكَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعُ غَدَائِرَ أَيْ ضَفَائِرَ يُخْرِجُ أُذُنَهُ الْيُمْنَى مِنْ بَيْنِ اثْنَيْنِ وَأُذُنَهُ الْيُسْرَى كَذَلِكَ» اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (إذَا أُرِيدَ أَنْ يُتَصَدَّقَ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى ق ل.

قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ نَتْفُ اللِّحْيَةِ) وَكَذَا يُكْرَهُ الزِّيَادَةُ فِيهَا وَالنَّقْصُ مِنْهَا بِالزِّيَادَةِ فِي شَعْرِ الْعِذَارَيْنِ وَيَحْرُمُ خِضَابُهَا بِالسَّوَادِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْغَزْوِ عَلَى الصَّحِيحِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الشَّيْخَ الْغِرْبِيبَ» وَهُوَ الَّذِي يُسَوِّدُ شَيْبَهُ بِالْخِضَابِ، وَفِي الْإِحْيَاءِ كُلُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ مُرْدٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْغِرْبِيبَ هُوَ الَّذِي بَلَغَ أَوَانَ الشَّيْبِ وَلَمْ يَشِبْ. قَوْلُهُ: (أَوَّلَ طُلُوعِهَا) لَيْسَ قَيْدًا وَكَذَا الْكَبِيرُ أَيْضًا أَيْ إنَّ حَلْقَ اللِّحْيَةِ مَكْرُوهٌ حَتَّى مِنْ الرَّجُلِ وَلَيْسَ حَرَامًا وَلَعَلَّهُ قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ: إيثَارًا لِلْمُرُودَةِ، وَأَخْذُ مَا عَلَى الْحُلْقُومِ قِيلَ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ مُبَاحٌ، وَلَا بَأْسَ بِإِبْقَاءِ السِّبَالَيْنِ وَهُمَا طَرَفَا الشَّارِبِ وَإِحْفَاءُ الشَّارِبِ بِالْحَلْقِ أَوْ الْقَصِّ مَكْرُوهٌ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَحْلِقَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى تَظْهَرَ الشَّفَةُ وَأَنْ يَقُصَّ مِنْهُ شَيْئًا وَيُبْقِيَ مِنْهُ شَيْئًا.

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>