ثَانِيًا بَعْدَ جَفَافِ بَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَوَصَلَ إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ. وَحُكْمُ الْغَائِطِ الْمَائِعِ كَالْبَوْلِ فِي ذَلِكَ وَأَنْ لَا يَنْتَقِلَ عَنْ الْمَحَلِّ الَّذِي أَصَابَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ وَاسْتَقَرَّ فِيهِ، وَأَنْ لَا يَطْرَأَ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ نَجِسًا كَانَ أَوْ طَاهِرًا رَطْبًا وَلَوْ بِبَلَلِ الْحَجَرِ، أَمَّا الْجَافُّ الطَّاهِرُ فَلَا يُؤَثِّرُ فَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ تَعَيَّنَ الْمَاءُ، نَعَمْ الْبَلَلُ بِعَرَقِ الْمَحَلِّ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ، وَأَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ الْمَذْكُورُ مِنْ فَرْجٍ مُعْتَادٍ فَلَا يُجْزِئُ فِي الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِ، كَالْخَارِجِ بِالْفَصْدِ وَلَا فِي مُنْفَتِحٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَلَوْ كَانَ الْأَصْلِيُّ مُنْسَدًّا؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلَا فِي بَوْلِ خُنْثَى مُشْكِلٍ، وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِ قُبُلَيْهِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ. نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ آلَةٌ فَقَطْ لَا تُشْبِهُ آلَةَ الرِّجَالِ وَلَا آلَةَ النِّسَاءِ أَجْزَأَ الْحَجَرُ فِيهَا، وَلَا فِي بَوْلِ ثَيِّبٍ تَيَقَّنَتْهُ دَخَلَ مَدْخَلَ الذَّكَرِ لِانْتِشَارِهِ عَنْ مَخْرَجِهِ بِخِلَافِ الْبِكْرِ؛ لِأَنَّ الْبَكَارَةَ تَمْنَعُ نُزُولَ الْبَوْلِ مَدْخَلَ الذَّكَرِ، وَلَا فِي بَوْلِ الْأَقْلَفِ إذَا وَصَلَ الْبَوْلُ إلَى الْجِلْدَةِ، وَيُجْزِئُ فِي دَمِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، وَفَائِدَتُهُ فِيمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا وَعَجَزَتْ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَاسْتَنْجَتْ بِالْحَجَرِ، ثُمَّ تَيَمَّمَتْ لِنَحْوِ مَرَضٍ فَإِنَّهَا تُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا، وَلَوْ نَدَرَ الْخَارِجُ كَالدَّمِ وَالْوَدْيِ وَالْمَذْيِ أَوْ انْتَشَرَ فَوْقَ عَادَةِ النَّاسِ، وَقِيلَ عَادَةِ نَفْسِهِ. وَلَمْ يُجَاوِزْ فِي الْغَائِطِ صَفْحَتَهُ وَهِيَ مَا انْضَمَّ مِنْ الْأَلْيَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ وَفِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُنْقَطِعَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ وَالْمُتَّصِلُ بِمَا عَلَى الْمَنْفَذِ يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ لِلْحَجَرِ شُرُوطًا مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُ، وَهُمَا شَرْطَانِ تَقَدَّمَا فِي قَوْلِهِ: وَيَجِبُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَمْرَانِ إلَخْ. وَشُرُوطًا فِي الْمَحَلِّ مِنْ حَيْثُ الْخَارِجُ وَهِيَ مَا ذُكِرَ هَهُنَا، وَشُرُوطًا مِنْ حَيْثُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي فَرْجٍ مُعْتَادٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَلَهُ شُرُوطٌ فِي نَفْسِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ جَامِدًا طَاهِرًا قَالِعًا غَيْرَ مُحْتَرَمٍ.
قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَجِفَّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا.
قَوْلُهُ: (النَّجِسُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ الْخَارِجِ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا نَجِسًا اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَوْ بَالَ ثَانِيًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا كَانَ الثَّانِي مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ بَالَ وَجَفَّ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ أَوْ قَيْحٌ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ اهـ. ز ي. وَمِثْلُ الدَّمِ أَوْ قَيْحٍ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ. اهـ. ز ي. وَمِثْلُ الدَّمِ فِي ذَلِكَ الْوَدْيُ وَالْمَذْيُ، نَعَمْ يُغْتَفَرُ الْوَدْيُ وَالدَّمُ الْخَارِجُ عَقِبَ الْبَوْلِ فَيَكْفِي الْحَجَرُ، وَنُقِلَ عَنْ تَقْرِيرِ الزِّيَادِيِّ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوَدْيَ وَالْمَذْيَ كَالْبَوْلِ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ع ش اهـ. وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ م ر تَعَيَّنَ الْمَاءُ إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ. اهـ اج.
قَوْلُهُ: (وَوَصَلَ إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ الْأَوَّلُ) أَيْ، وَإِنْ زَادَ عَلَى مَحَلِّ الْأَوَّلِ اهـ اج. فَالشَّرْطُ عَدَمُ نُقْصَانِ الثَّانِي عَنْ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يَنْتَقِلَ) أَيْ مَعَ الِاتِّصَالِ، وَأَمَّا قَبْلَ الِاسْتِقْرَارِ فَلَا يَضُرُّ الِانْتِقَالُ إلَّا إذَا جَاوَزَ الصَّفْحَةَ وَالْحَشَفَةَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. قَالَ ع ش عَلَى الْغَزِّيِّ: وَلَمْ يَذْكُرْ التَّقَطُّعَ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالِانْتِقَالِ مَا يَشْمَلُهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الِانْتِقَالِ الِاسْتِقْرَارُ، ثُمَّ السَّيَلَانُ بِتَقَطُّعِ أَوَّلًا وَالتَّقَطُّعُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْخَارِجِ تَقَطُّعُ ابْتِدَاءٍ. اهـ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَا يَطْرَأُ) الطُّرُوُّ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ مَوْجُودًا قَبْلُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (نَجِسًا كَانَ) أَيْ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (أَوْ طَاهِرًا أَوْ رَطْبًا) هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ الْمَحَلِّ فِيمَا إذَا اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ ثُمَّ قَضَى حَاجَتَهُ أَيْضًا قَبْلَ جَفَافِهِ، ثُمَّ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْحَجَرِ، فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ تَعَيُّنَ الْمَاءِ إذْ لَمْ يَسْتَثْنُوا إلَّا الْعَرَقَ. اهـ اج. فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِعَرَقِ الْمَحَلِّ قَيْدٌ.
قَوْلُهُ: (مُعْتَادٌ) لَوْ قَالَ أَصْلِيٌّ لَكَانَ أَوْلَى ق ل. أَيْ: وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِالْمُعْتَادِ الْأَصْلِيَّ.
قَوْلُهُ: (مُنْسَدًّا) أَيْ انْسِدَادًا عَارِضًا، وَإِلَّا كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَثْبُتُ لَهُ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ لَهُ آلَةٌ فَقَطْ) أَيْ يَخْرُجُ مِنْهَا الْبَوْلُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا فِي بَوْلِ ثَيِّبٍ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ، وَأَنْ لَا يَنْتَقِلَ عَنْ الْمَحَلِّ إلَخْ فَالْمُنَاسِبُ تَفْرِيعُهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (تَيَقَّنَتْهُ) أَمَّا إذَا لَمْ تَتَيَقَّنْ دُخُولَهُ فَيُجْزِيهَا الْحَجَرُ وَمِثْلُهَا الْبِكْرُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ مَخْرَجِهِ) أَيْ مَحَلِّ خُرُوجِهِ الْغَالِبِ.
قَوْلُهُ: (إذَا وَصَلَ الْبَوْلُ) أَيْ يَقِينًا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ الْحَجَرُ.
قَوْلُهُ: (وَيُجْزِئُ فِي دَمِ حَيْضٍ إلَخْ) وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غُسْلِهَا فَلَا تَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ، وَرُدَّ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَفَائِدَتُهُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فِيمَنْ انْقَطَعَ) مُتَعَلِّقٌ بِالْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ.
قَوْلُهُ: (وَعَجَزَتْ) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا.
قَوْلُهُ: (لِنَحْوِ مَرَضٍ) كَسَفَرٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَدَرَ إلَخْ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ نَادِرًا كَدَمٍ وَوَدْيٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَتَى بِهِ هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ أَمَّا النَّادِرُ إلَخْ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْأَلْيَيْنِ)