غَيْرِهِ. كَقَوْلِهِ: وَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالرَّبِّ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ مَا لَمْ يُرِدْ بِهَا غَيْرَهُ تَعَالَى. بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدًا كَرَحِيمِ الْقَلْبِ وَخَالِقِ الْإِفْكِ وَرَازِقِ الْجَيْشِ وَرَبِّ الْإِبِلِ. وَأَمَّا الَّذِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ وَالْحَيِّ، فَإِنْ أَرَادَهُ تَعَالَى بِهِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهَا لَمَّا أُطْلِقَتْ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ أَشْبَهَتْ الْكِنَايَاتِ (أَوْ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ) كَوَعَظَمَتِهِ وَعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْغَالِبِ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَلَى غَيْرِهِ) مُشَارَكَةُ الْغَيْرِ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إنَّمَا هِيَ فِي الْإِطْلَاقِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْأَغْلَبِيَّةِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ، وَصَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ: وَيُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِ لَا غَالِبًا، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى غَيْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَيَقِلُّ إطْلَاقُهُ عَلَى غَيْرِهِ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَبِمَا هُوَ فِيهِ تَعَالَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَغْلَبُ كَالرَّحِيمِ إلَخْ. وَعِبَارَةُ الْمَرْحُومِيِّ قَوْلُهُ وَعَلَى غَيْرِهِ كَذَا فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مَعْنَاهُ الْغَالِبُ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ وَالْغَالِبُ إطْلَاقُهُ عَلَى غَيْرِهِ اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ وَعَلَى غَيْرِهِ. الْمُنَاسِبُ دُونَ غَيْرِهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَالرَّبِّ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْخَاصِّ بِاَللَّهِ. وَعِبَارَةُ ز ي: وَاسْتُشْكِلَ الرَّبُّ بِأَلْ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَنْبَغِي إلْحَاقُهُ بِالْأَوَّلِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ أَصْلَ مَعْنَاهُ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ فَصَحَّ قَصْدُهُ وَأَلْ قَرِينَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا قُوَّةَ لَهَا عَلَى إلْغَاءِ ذَلِكَ الْقَصْدِ وَصَرَّحَ فِي الْمِصْبَاحِ بِأَنَّ الرَّبَّ تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ تَعَالَى، وَأَنْشَدَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا فِي اللَّهِ وَفِي غَيْرِهِ لُغَةً وَإِنْ كَانَ شَرْعًا لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قِيلَ هُنَا مِنْ التَّكَلُّفِ.
قَوْلُهُ: (انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (الذَّاتِيَّةِ) بِخِلَافِ الْفِعْلِيَّةِ كَخَلْقِهِ وَرِزْقِهِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَظَاهِرُهُ لَا صَرِيحَ وَلَا كِنَايَةَ س ل. وَأَخْرَجَ السَّلْبِيَّةَ كَكَوْنِهِ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ، لَكِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيّ الِانْعِقَادَ بِهَذِهِ لِأَنَّهَا قَدِيمَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ تَعَالَى رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر. وَعِبَارَةُ ق ل تَنْبِيهٌ هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ فِي صِفَاتِ الذَّاتِ الثُّبُوتِيَّةِ الْقَائِمَةِ بِهِ فِي الْأَزَلِ أَمَّا صِفَاتُهُ السَّلْبِيَّةُ، وَهِيَ الْقَائِمَةُ بِهِ كَعَدَمِ جِسْمِيَّتِهِ وَعَرْضِيَّتِهِ وَصِفَاتِهِ الْفِعْلِيَّةِ كَرِزْقِهِ وَخَلْقِهِ وَرَحْمَتِهِ وَهِيَ الثَّابِتَةُ لَهُ فِيمَا لَا يَزَالُ فَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي الْأُولَى. وَقَالَ الْقَاضِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الْعَبَّادِيُّ وَجَزَمَ بِعَدَمِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِالثَّانِيَةِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورُ خِلَافًا لِلْخَفَّافِ فَرَاجِعْهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِفَتَيْ الذَّاتِ وَالْفِعْلِ أَنَّ الْأُولَى مَا اسْتَحَقَّهُ فِي الْأَزَلِ وَالثَّانِيَةَ مَا اسْتَحَقَّهُ فِيمَا يَزَالُ دُونَ الْأَزَلِ يُقَالُ: عِلْمٌ فِي الْأَزَلِ وَلَا يُقَالُ رِزْقٌ فِي الْأَزَلِ إلَّا تَوَسُّعًا اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ سم: وَلَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِصِفَاتِ الْأَفْعَالِ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَإِنْ نَوَى خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَفِي حَاشِيَةِ الشبراملسي لِلْغَزِّيِّ الِانْعِقَادُ بِهَا.
فَرْعٌ لَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي أَوْ فَأَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ لَازِمَةٌ لِي فَإِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَةَ الْحَجَّاجِ انْعَقَدَتْ لِأَنَّ «الْبَيْعَةَ كَانَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُصَافَحَةِ» فَلَمَّا تَوَلَّى الْحَجَّاجُ رَتَّبَهَا أَيْمَانًا تَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى الطَّلَاقِ وَالْحَجِّ وَالْإِعْتَاقِ وَصَدَقَةِ الْمَالِ وَانْظُرْ مَاذَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا. وَلَوْ شَرِكَ فِي يَمِينِهِ بَيْنَ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ كَوَاللَّهِ وَالْكَعْبَةِ فَقَالَ الْعَبَّادِيُّ: الْمُتَّجَهُ عِنْدِي الِانْعِقَادُ، سَوَاءٌ قَصَدَ الْحَلِفَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ أَطْلَقَ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ فَرَاجِعْهُ. وَنَصَّ سم عَلَى حَجّ: شَرِكَ فِي حَلِفِهِ بَيْنَ مَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِهِ وَغَيْرِهِ كَوَاللَّهِ وَالْكَعْبَةِ فَالْوَجْهُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قَصَدَ الْحَلِفَ بِكُلٍّ، أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَ الْحَلِفَ بِالْمَجْمُوعِ، فَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَالْوَجْهُ الِانْعِقَادُ لِأَنَّ جُزْءَ هَذَا الْمَجْمُوعِ يَصِحُّ الْحَلِفُ بِهِ. وَالْمَجْمُوعُ الَّذِي جُزْؤُهُ كَذَلِكَ يَصِحُّ الْحَلِفُ بِهِ وَإِنْ حَلَفَ رَجُلٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ آخَرُ يَمِينِي فِي يَمِينِك أَوْ يَلْزَمُنِي مِثْلُ مَا يَلْزَمُك لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ وَنَوَى لَزِمَهُ مَا لَزِمَ الْحَالِفَ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (كَوَعَظَمَتِهِ) مَا جَزَمَ بِهِ مِنْ أَنَّ عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى صِفَةٌ هُوَ الْمَعْرُوفُ وَبَنَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ مَنْعَ قَوْلِهِمْ: سُبْحَانَ مَنْ تَوَاضَعَ كُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute