أَعْبُدُهُ أَوْ أَسْجُدُ لَهُ أَوْ نَفْسِي بِيَدِهِ أَيْ بِقُدْرَتِهِ يُصَرِّفُهَا كَيْفَ يَشَاءُ أَوْ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَيْرَ الْيَمِينِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ. فَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِيلَاءِ ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ بِهِ أَمَّا إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَتُهُ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا لِأَنَّ الْيَمِينَ بِذَلِكَ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ تَعَالَى: فَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ. مُؤَوَّلٌ بِذَلِكَ أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ، الْغَالِبِ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْقَسَمِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ قَالَ: ق ل وَهَذِهِ الْإِرَادَةُ تَجْرِي فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ فَلَوْ أَخَّرَهُ كَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (غَيْرَ الْيَمِينِ) كَأَنْ جَعَلَهُ مُبْتَدَأً أَوْ أَضْمَرَ لَهُ خَبَرًا كَأَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: وَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ لَأَفْعَلَن وَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ أَسْتَعِينُ بِهِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ بِقَوْلِهِ لَأَفْعَلَن. وَكَأَنْ قَالَ: بِاَللَّهِ لَأَضْرِبَن زَيْدًا ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ بَلْ أَرَدْت اسْتَعَنْتَ بِاَللَّهِ مَثَلًا وَلَأَضْرِبَن مُسْتَأْنَفٌ قَالَ: الَأُجْهُورِيُّ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَصْدِ الْحَاكِمِ لَا بِقَصْدِ الْحَالِفِ وَفِي الرَّحْمَانِيِّ وَلَا تَنْفَعُ التَّوْرِيَةُ فِي الْيَمِينِ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا إذَا حَلَّفَهُ بِالطَّلَاقِ اهـ.
فَائِدَةٌ: التَّوْرِيَةُ فِي الْأَيْمَانِ نَافِعَةٌ وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِنِيَّةِ الْحَالِفِ إلَّا إذَا اسْتَحْلَفَ الْقَاضِي بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى وَهِيَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْنَثُ بِهَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ الْمُسْتَحِقِّ بِالْإِجْمَاعِ فَمِنْ التَّوْرِيَةِ، أَنْ يَنْوِيَ بِاللِّبَاسِ اللَّيْلَ وَبِالْفِرَاشِ وَالْبِسَاطِ الْأَرْضَ، وَبِالْأَوْتَادِ الْجِبَالَ وَبِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ السَّمَاءَ، وَبِالْأُخُوَّةِ أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ. اهـ. دَمِيرِيٌّ. وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَيْرَهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَهُ فَلَيْسَ يَمِينًا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ) أَيْ إرَادَةُ غَيْرِ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ حَلَفْتُ بِاَللَّهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَعِنْدِي حُرٌّ أَوْ لَا أَطَؤُكِ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَأَتَى بِصِيغَةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ كَأَنْ قَالَ: بَعْدَ قَوْلِهِ السَّابِقِ بِاَللَّهِ لَأَضْرِبَن زَيْدًا ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ، بَلْ أَرَدْتُ اسْتَعَنْتُ بِاَللَّهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فَيَقَعُ مَا عَلَّقَهُ عَلَى الْحَلِفِ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْإِيلَاءِ فَإِرَادَة غَيْرَ الْيَمِينِ تَارَةً تُقْبَلُ وَتَارَةً لَا تُقْبَلُ اهـ. ح ل لَكِنْ فِي الرَّوْضِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ صُورَتَهُ: أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ ثُمَّ يَقُولُ لَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ بَلْ أَرَدْت بِهِ حَلَّ الْوَثَاقِ مَثَلًا أَوْ يَقُولُ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ يَقُولُ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ بَلْ أَرَدْت بِهِ أَنْتَ كَالْحُرِّ فِي الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ مَثَلًا أَوْ آلَى مِنْ زَوْجَتِهِ وَقَالَ: لَمْ أُرِدْ بِهِ الْإِيلَاءَ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَوْ أَتَى بِصِيغَةِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ إيلَاءٍ وَقَالَ: لَمْ أُرِدْ بِهَا الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ وَالْإِيلَاءَ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَصِحُّ كُلٌّ مِنْ التَّصْوِيرَيْنِ لَكِنْ مَا فِي الرَّوْضِ أَقْرَبُ لِمَا فِيهِ مِنْ حَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ. اهـ. شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ بِهِ) وَهُوَ الزَّوْجَةُ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَالْعَبْدُ فِي الثَّانِي وَقَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ بِهِ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى) تَفْصِيلٌ آخَرُ غَيْرَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ: أَنَّ الِاسْمَ إمَّا مُخْتَصٌّ أَوْ غَالِبٌ أَوْ مُسْتَوٍ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ اللَّهَ أَوْ غَيْرَهُ. أَوْ يُطْلِقَ فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي مِثْلِهَا تَبْلُغُ تِسْعَةً ثُمَّ تُضْرَبُ أَحْوَالُ قَصْدِ الْيَمِينِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ الْإِطْلَاقِ فِي التِّسْعَةِ تَبْلُغُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ فِي الِاسْمِ الْمُخْتَصِّ تِسْعَةٌ وَفِي الْغَالِبِ كَذَلِكَ وَفِي الْمُسَاوِي كَذَلِكَ وَأَحْكَامُهَا أَنَّهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ فِي سِتَّةٍ دُونَ ثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْيَمِينَ أَوْ أَطْلَقَ انْعَقَدَتْ سَوَاءٌ أَرَادَ بِالِاسْمِ اللَّهَ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ الْيَمِينِ لَمْ تَنْعَقِدْ سَوَاءٌ أَرَادَ بِالِاسْمِ اللَّهَ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ.
قَوْلُهُ: (بِذَلِكَ) أَيْ بِإِرَادَةِ غَيْرِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ: مُؤَوَّلٌ بِذَلِكَ أَيْ بِإِرَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ بِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ) عَطْفٌ عَلَى بِاسْمِ الْأَوَّلِ عَطْفٌ مُغَايِرٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ خَاصٌّ وَهَذَا غَالِبٌ وَفِيهِ تِسْعَةٌ كَمَا مَرَّ. وَبَيَانُ حُكْمِهَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ فِي أَرْبَعَةٍ دُونَ خَمْسَةٍ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْيَمِينَ أَوْ أَطْلَقَ وَأَرَادَ بِالِاسْمِ اللَّهَ، أَوْ أَطْلَقَ انْعَقَدَتْ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ الْيَمِينِ لَمْ تَنْعَقِدْ سَوَاءٌ أَرَادَ بِالِاسْمِ اللَّهَ أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَإِنْ أَرَادَ بِاسْمٍ غَيْرَ اللَّهِ وَأَرَادَ الْيَمِينَ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تَنْعَقِدْ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ مِنْ قَوْلِ الْعَوَامّ وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ هَلْ هُوَ يَمِينٌ أَمْ لَا وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ م ر انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَصَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ وَنَصُّهُ. وَإِذَا قَالَ: وَالِاسْمُ الْأَعْظَمُ أَوْ الْقَسَمُ الْأَعْظَمُ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنهُ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ إمَّا اللَّهُ تَعَالَى أَوْ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ اهـ.
قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute