للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهِ أَوْ عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَذِمَّتُهُ وَأَمَانَتُهُ وَكَفَالَتُهُ لَأَفْعَلَن كَذَا إنْ نَوَى بِهَا الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا. وَاللَّحْنُ وَإِنْ قِيلَ بِهِ فِي الرَّفْعِ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ عَلَى أَنَّهُ لَا لَحْنَ فِي ذَلِكَ فَالرَّفْعُ بِالِابْتِدَاءِ أَيْ اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ لَأَفْعَلَن وَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَالْجَرُّ بِحَذْفِهِ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ. وَالتَّسْكِينُ بِإِجْرَاءِ الْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ وَقَوْلُهُ: أَقْسَمْت أَوْ أُقْسِمُ أَوْ حَلَفْت أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَن كَذَا يَمِينٌ إلَّا إنْ نَوَى خَبَرًا مَاضِيًا فِي صِيغَةِ الْمَاضِي أَوْ مُسْتَقْبَلًا فِي الْمُضَارِعِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِاحْتِمَالِ مَا نَوَاهُ وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ: أُقْسِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَن كَذَا يَمِينٌ إنْ أَرَادَ بِهِ يَمِينَ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُرِدْهَا. وَيُحْمَلُ عَلَى الشَّفَاعَةِ وَعُلِمَ مِنْ حَصْرِ الِانْعِقَادِ فِيمَا ذُكِرَ عَدَمُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِمَخْلُوقٍ كَالنَّبِيِّ وَجِبْرِيلَ وَالْكَعْبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَوْ مَعَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَنَّهَا لَغْوٌ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ بِحَذْفِ الْأَلِفِ بَعْدَ اللَّامِ هَلْ يَتَوَقَّفُ الِانْعِقَادُ عَلَى نِيَّتِهَا أَوْ لَا؟ وَيَظْهَرُ الْآنَ الثَّانِي لِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِي هَذَا اللَّفْظِ بَيْنَ الِاسْمِ الْكَرِيمِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْبِلَّهْ. فَإِنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَبِلَّةِ الرُّطُوبَةِ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ حَذَفَ الْهَاءَ مِنْ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَقَالَ بَالَّا أَوْ وَلَا هَلْ هِيَ يَمِينٌ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهَا بِدُونِ الْهَاءِ لَيْسَتْ مِنْ أَسْمَائِهِ وَلَا صِفَاتِهِ. وَيَحْتَمِلُ الِانْعِقَادُ عِنْدَ نِيَّةِ الْيَمِينِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ حَذَفَ الْهَاءَ تَرْخِيمًا وَالتَّرْخِيمُ جَائِزٌ فِي غَيْرِ الْمُنَادَى عَلَى قِلَّةٍ اهـ شَرْحُ م ر وع ش عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لَأَفْعَلَن كَذَا) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ فَلَوْ تَرَكَهُ لَا يَكُونُ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً وَمِثْلُ تَاللَّهِ مَا فِي مَعْنَاهُ ز ي.

قَوْلُهُ: (لَعَمْرُ اللَّهِ) الْمُرَادُ مِنْهُ الْبَقَاءُ وَالْحَيَاةُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ يُطْلَقُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْعِبَادَاتِ وَالْمَفْرُوضَاتِ.

شَرْحُ الرَّوْضِ وَهَذَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَمَّا عِنْدَ النُّحَاةِ فَلَعَمْرُ اللَّهِ صَرِيحٌ فِي الْقَسَمِ. قَوْلُهُ: (عَهْدُ اللَّهِ) وَالْمُرَادُ بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا نَوَى بِهِ الْيَمِينَ اسْتِحْقَاقُهُ لِإِيجَابِ مَا أَوْجَبَهُ عَلَيْنَا وَتَعَبَّدَنَا بِهِ وَإِذَا نَوَى بِهِ غَيْرَهَا فَالْمُرَادُ الْعِبَادَاتُ الَّتِي أُمِرْنَا بِهَا وَقَدْ فَسَّرَ بِهَا أَيْ الْعِبَادَاتِ الْأَمَانَةَ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: ٧٢] شَرْحُ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (وَذِمَّتُهُ) مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ حَلَفْت) وَسُمِّيَ الْقَسَمُ حَلِفًا لِأَنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ انْقِسَامِ النَّاسِ إلَى مُصَدَّقٍ وَمُكَذَّبٍ اهـ أَبُو حَيَّانَ.

قَوْلُهُ: (إلَّا إنْ نَوَى خَيْرًا) أَيْ فَهُوَ يَمِينٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ شَوْبَرِيٌّ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَرَى لَنَا وَجْهٌ أَيْضًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا قَالَ الْإِمَامُ: جَعَلْتُمْ قَوْلَهُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَن يَمِينًا صَرِيحًا وَفِيهِ إضْمَارٌ مَعْنَى أُقْسِمُ فَكَيْفَ تَنْحَطُّ رُتْبَتُهُ إذَا صَرَّحَ بِالْمُضْمَرِ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ التَّصْرِيحَ بِهِ يُزِيلُ الصَّرَاحَةَ لِاحْتِمَالِهِ الْمَاضِيَ وَالْمُسْتَقْبَلَ، فَكَمْ مِنْ مُضْمَرٍ يُقَدِّرُهُ النَّحْوِيُّ وَاللَّفْظُ بِدُونِهِ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ أَلَا تَرَى إلَى أَنَّ مَعْنَى التَّعَجُّبِ فِيمَا أَحْسَنَ زَيْدًا يَزُولُ إذَا قُلْت شَيْءٌ حَسَنٌ زَيْدًا مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِهِ سم.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ أُقْسِمُ عَلَيْك بِاَللَّهِ) : وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَن كَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمُتَعَلِّقِ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (أُقْسِمُ عَلَيْك) أَمَّا بِدُونِ عَلَيْك فَيَمِينٌ لَا يَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلٌ بِرْمَاوِيٌّ وَقِ ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ تَفْعَلُ كَذَا، أَوْ لَا تَفْعَلْ كَذَا، وَأَطْلَقَ كَانَ يَمِينًا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَا تُسْتَعْمَلُ لِطَلَبِ الشَّفَاعَةِ، بِخِلَافِ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (إنْ أَرَادَ بِهِ يَمِينَ نَفْسِهِ) أَيْ فَقَطْ بِأَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَ هَذَا الْأَمْرِ الْمُحْتَمَلِ فَإِذَا حَلَفَ شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ يَأْكُلُ. فَالْأَكْلُ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ فَإِذَا أَرَادَ تَحْقِيقَهُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَكْلِ كَانَ يَمِينًا وَإِنْ أَرَادَ أَتَشَفَّعُ عِنْدَك بِاَللَّهِ أَنَّك تَأْكُلُ أَوْ أَرَادَ يَمِينَ الْمُخَاطَبِ كَأَنْ قَصَدَ جَعَلَهُ حَالِفًا بِاَللَّهِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ هُوَ، وَلَا الْمُخَاطَبُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُرِدْهَا) بِأَنْ أَرَادَ يَمِينَ الْمُخَاطَبِ كَأَنْ قَصَدَ جَعَلْتُك حَالِفًا بِاَللَّهِ أَوْ الشَّفَاعَةِ أَوْ أَطْلَقَ ز ي وَشَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَيُحْمَلُ) أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الشَّفَاعَةِ أَيْ جَعَلْت اللَّهَ شَفِيعًا عِنْدَك فِي فِعْلِ كَذَا ع ش وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّائِلِ بِاَللَّهِ أَوْ بِوَجْهِهِ سُبْحَانَهُ تَعَالَى كَأَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ فِي غَيْرِ الْمَكْرُوهِ وَالسُّؤَالُ بِذَلِكَ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إعْطَائِهِ تَعْظِيمُ مَا سَأَلَ بِهِ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (عَدَمُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِمَخْلُوقٍ) أَيْ فَلَا كَفَّارَةَ بِالْحِنْثِ فِيهِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ فِي الْحَلِفِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً لِأَنَّهُ قَالَ: تَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ أَحَدُ رُكْنَيْ الشَّهَادَةِ كَاسْمِ اللَّهِ. اهـ. دَمِيرِيٌّ. وَقَالَ ع ش: يَنْبَغِي لِلْحَالِفِ أَنْ لَا يَتَسَاهَلَ فِي الْحَلِفِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِ غَيْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>