أَوْ غَيْرِهِ. وَهُوَ قَمِيصٌ لَا كُمَّ لَهُ أَوْ مَلْبُوسًا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ، أَوْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ، كَقَمِيصِ صَغِيرٍ لِكَبِيرٍ لَا يَصْلُحُ لَهُ وَيَجُوزُ قُطْنٌ وَكَتَّانٌ وَحَرِيرٌ وَشَعْرٌ وَصُوفٌ مَنْسُوجٌ كُلٌّ مِنْهَا لِامْرَأَةٍ وَرَجُلٍ لِوُقُوعِ اسْمِ الْكِسْوَةِ عَلَى ذَلِكَ. وَلَا يُجْزِئُ جَدِيدٌ مُهَلْهَلُ النَّسْجِ إذَا كَانَ لُبْسُهُ لَا يَدُومُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَدُومُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْبَالِي لِضَعْفِ النَّفْعِ بِهِ وَلَا خُفٌّ وَلَا قُفَّازَانِ وَلَا مُكَعَّبٌ وَلَا مِنْطَقَةٌ وَلَا قَلَنْسُوَةٌ وَهِيَ مَا يُغَطَّى بِهَا الرَّأْسُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُسَمَّى كِسْوَةً كَدِرْعٍ مِنْ حَدِيدٍ. وَتُجْزِئُ فَرْوَةٌ وَلَبَدٌ اُعْتِيدَ فِي الْبَلَدِ لُبْسُهُمَا وَلَا يُجْزِئُ التُّبَّانُ وَهُوَ سَرَاوِيلُ قَصِيرٌ لَا يَبْلُغُ الرُّكْبَةَ وَلَا الْخَاتَمُ وَلَا التِّكَّةُ وَالْعَرْقِيَّةُ. وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّهَا تَكْفِي وَرُدَّ بِأَنَّ الْقَلَنْسُوَةَ لَا تَكْفِي كَمَا مَرَّ وَهِيَ شَامِلَةٌ لَهَا وَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الَّتِي تُجْعَلُ تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ مُخَالَفَتِهِ لِلْأَصْحَابِ وَلَا يُجْزِئُ نَجِسُ الْعَيْنِ.
وَيُجْزِئُ الْمُتَنَجِّسُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُمْ بِنَجَاسَتِهِ وَيُجْزِئُ مَا غُسِلَ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ، كَالطَّعَامِ الْعَتِيقِ لِانْطِلَاقِ اسْمِ الْكِسْوَةِ عَلَيْهِ وَكَوْنِهِ يُرَدُّ فِي الْبَيْعِ لَا يُؤَثِّرُ فِي مَقْصُودِهَا كَالْعَيْبِ الَّذِي لَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ فِي الرَّقِيقِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ جَدِيدًا خَامًا كَانَ أَوْ مَقْصُورًا. الْآيَةَ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] وَلَوْ أَعْطَى عَشَرَةً ثَوْبًا طَوِيلًا لَمْ يُجْزِئْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَهُ قِطَعًا قِطَعًا ثُمَّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَعَنْ الْكِفَايَةِ لِابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ تَرْكَ الطَّيْلَسَانِ لِلْفَقِيهِ مُخِلٌّ بِالْمُرُوءَةِ أَيْ وَهُوَ بِحَسَبِ مَا كَانَ فِي زَمَنِهِ اهـ مِنْ السِّيرَةِ الْحَلَبِيَّةِ وَفِي الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْخَصَائِصِ رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «لَيْسَ مِنَّا أَيْ مِنْ الْعَامِلِينَ بِهَدْيِنَا. وَالْجَارِينَ عَلَى مِنْهَاجِ سُنَّتِنَا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا» أَيْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي نَحْوِ مَلْبَسٍ وَهَيْئَةٍ وَمَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَكَلَامٍ وَسَلَامٍ وَتَكَهُّنٍ وَتَبَتُّلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. «لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى. فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْيَهُودِ إشَارَةٌ بِالْأَصَابِعِ وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الْإِشَارَةُ بِالْأَكُفِّ» . وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا الْخَبَرِ وَبَيْنَ خَبَرِ «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» وَخَبَرِ «سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا أَنَّ جِنْسَ مُخَالَفَتِهِمْ وَتَجَنُّبَ مُشَابَهَتِهِمْ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ. وَأَنَّ الْإِنْسَانَ كُلَّمَا بَعُدَ عَنْ مُشَابَهَتِهِمْ فِيمَا لَمْ يُشْرَعْ لَنَا.
كَانَ أَبْعَدَ عَنْ الْوُقُوعِ فِي نَفْسِ الْمُشَابَهَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا قَالَ السَّمْهُودِيُّ: وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى كَرَاهَةِ لُبْسِ الطَّيْلَسَانِ لِأَنَّهُ مِنْ مَلَابِسِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَفِي مُسْلِمٍ «إنَّ الدَّجَّالَ يَتْبَعُهُ الْيَهُودُ عَلَيْهِمْ الطَّيَالِسَةُ» وَعُورِضَ بِمَا خَرَّجَهُ ابْنُ سَعْدٍ «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الطَّيْلَسَانِ فَقَالَ هَذَا ثَوْبٌ لَا يُؤَدَّى شُكْرُهُ» وَبِأَنَّ الطَّيَالِسَةَ الْآنَ لَيْسَتْ مِنْ شِعَارِهِمْ بَلْ ارْتَفَعَ فِي زَمَانِنَا وَصَارَ دَاخِلًا فِي عُمُومِ الْمُبَاحِ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدْ يَصِيرُ مِنْ شِعَارِ قَوْمٍ فَيَصِيرُ تَرْكُهُ مُخِلًّا بِالْمُرُوءَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مِنْدِيلًا) اُنْظُرْ وَجْهَ إجْزَائِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى كِسْوَةً. وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: أَوْ مِنْدِيلًا أَيْ مِنْدِيلَ الْفَقِيهِ.
وَهُوَ شَدُّهُ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى الْكَتِفِ أَوْ مَا يُجْعَلُ فِي الْيَدِ وَهُوَ الْمِنْشَفَةُ الْكَبِيرَةُ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَيْ وَلَوْ لِبَعْضِ الْبَدَنِ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مَلْبُوسًا) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُتَخَرِّقٍ اهـ س ل، قَوْلُهُ: (التُّبَّانُ) : بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ سِرْوَالٌ قَصِيرٌ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ يَلْبَسُهُ الْمَلَّاحُونَ وَنَحْوُهُمْ اهـ. قَسْطَلَّانِيٌّ وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ وَالتُّبَّانُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ سِرْوَالٌ صَغِيرٌ مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ أَيْ السَّوْأَتَيْنِ فَقَطْ فَيَكُونُ لِلْمَلَّاحِينَ اهـ. قَوْلُهُ: (سَرَاوِيلُ) هُوَ مُفْرَدٌ بِدَلِيلِ وَصْفِهِ بِقَصِيرٍ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
وَلِسَرَاوِيلَ بِهَذَا الْجَمْعِ ... شَبَهٌ اقْتَضَى عُمُومَ الْمَنْعِ
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا) أَيْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ كِسْوَةُ الْمَسَاكِينِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَوْ كِسْوَتُهُمْ لَا كِسْوَةُ دَوَابِّهِمْ اهـ. وَلَا تَكْفِي عَرْقَيَّةُ الرَّأْسِ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمِنْدِيلِ مَعَ أَنَّهَا تُسَمَّى كِسْوَةَ رَأْسٍ تَأَمَّلْ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (كَالطَّعَامِ الْعَتِيقِ) فَإِنَّهُ يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَنَسَخَهُ كَالْخَامِ الْعَتِيقِ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْكِسْوَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُنَاسِبُ إلَّا أَنْ نَجْعَلَ الْكَافَ لِلتَّنْظِيرِ.
قَوْلُهُ: (وَكَوْنُهُ يُرَدُّ) أَيْ إذَا اشْتَرَى قَمْحًا فَوَجَدَهُ عَتِيقًا مُسَوَّسًا فَلَهُ رَدُّهُ لِأَنَّ