دَفَعَهُ إلَيْهِمْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قِطْعَةٍ تُسَمَّى كِسْوَةً وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَشَرَةُ مَسَاكِينَ مَا إذَا أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً لَا يُجْزِئُ كَمَا لَا يُجْزِئُ إعْتَاقُ نِصْفِ رَقَبَةٍ وَإِطْعَامُ خَمْسَةٍ. (فَإِنْ لَمْ) يَكُنْ الْمُكَفِّرُ رَشِيدًا أَوْ لَمْ (يَجِدْ) شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ كُلٍّ مِنْهَا بِغَيْرِ غَيْبَةِ مَالِهِ بِرِقٍّ أَوْ غَيْرِهِ (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: ٨٩] الْآيَةَ وَالرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ أَوْ يَمْلِكُ مِلْكًا ضَعِيفًا فَلَوْ كَفَّرَ عَنْهُ سَيِّدُهُ بِغَيْرِ صَوْمٍ لَمْ يَجُزْ وَيُجْزِئُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ، لِأَنَّهُ لَا رِقَّ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَلَهُ فِي الْمُكَاتَبِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِهِمَا بِإِذْنِهِ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُكَفِّرَ بِهِمَا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَمَّا الْعَاجِزُ بِغَيْبَةِ مَالِهِ فَكَغَيْرِ الْعَاجِزِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ فَيَنْتَظِرُ حُضُورَ مَالِهِ بِخِلَافِ فَاقِدِ الْمَاءِ مَعَ غَيْبَةِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ لِضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَبِخِلَافِ الْمُتَمَتِّعِ الْمُعْسِرِ بِمَكَّةَ الْمُوسِرِ بِبَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَصُومُ لِأَنَّ مَكَانَ الدَّمِ بِمَكَّةَ فَاعْتُبِرَ يَسَارُهُ وَعَدَمُهُ بِهَا، وَمَكَانُ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقٌ فَاعْتُبِرَ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ لَهُ هُنَا رَقِيقٌ غَائِبٌ تُعْلَمُ حَيَاتُهُ فَلَهُ إعْتَاقُهُ فِي الْحَالِ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالْعَجْزِ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْمَالِ الَّذِي يَصْرِفُهُ فِي الْكَفَّارَةِ عَمَّنْ يَجِدُ كِفَايَتَهُ وَكِفَايَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ فَقَطْ وَلَا يَجِدُ مَا يَفْضُلُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخَانِ وَمَنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ سَهْمَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ذَلِكَ يُخِلُّ بِالْمَالِيَّةِ. وَمَعَ ذَلِكَ يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ وَفِي زَكَاةِ الْفِطْرَةِ إذَا كَانَ هُوَ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ وَلَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مَأْكُولًا. قَوْلُهُ: (ثَوْبًا) أَيْ كَالْمُقَطَّعِ الْقُمَاشِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ يُسَمَّى شَيْئًا وَاحِدًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ الْأَمْدَادَ لَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً.
قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ شَيْئًا كَامِلًا فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ. بِأَنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ وَجَدَ بَعْضًا مِنْ الثَّلَاثَةِ أَوْ وَجَدَ كَامِلًا مِنْهَا لَكِنْ لَمْ يَكُنْ فَاضِلًا عَنْ كِفَايَتِهِ فَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ، وَإِمَاءٌ كَفَاهُ كَفَّارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ عَلَى الْأَصَحِّ شَرْحُ ابْنِ الْمُلَقِّنِ.
قَوْلُهُ: (بِرِقٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِعَجْزٍ وَقَوْلُهُ: بِغَيْرِ غَيْبَةِ مَالِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْعَجْزِ كَائِنًا بِغَيْرِ غَيْبَةِ مَالِهِ.
قَوْلُهُ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ فَالْوَاجِبُ صِيَامُ ثَلَاثَةٍ، وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً كَمَا فِي الْمَنْهَجِ. فَالْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِ بِوُجُوبِ التَّتَابُعِ لِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مُتَتَابِعَاتٍ وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ كَخَبَرِ الْآحَادِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا نُسِخَتْ حُكْمًا وَتِلَاوَةً كَمَا يَأْتِي فِي الشَّرْحِ.
قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ صَوْمٍ) وَأَمَّا الصَّوْمُ فَوَاضِحٌ عَدَمُ إجْزَائِهِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَهِيَ لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ اهـ. سم وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى غَيْرِ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ تَوَهُّمٍ، وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْإِعْتَاقُ عَنْهُ. لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ.
قَوْلُهُ: (بِالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ) أَيْ لَا بِالْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ، لِمَنْ عَتَقَ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ م ر. قَالَ سم: هَلَّا جَازَ أَيْضًا لِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ وَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي الْإِعْتَاقِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ فَوَلَاؤُهُ يَكُونُ لِمَنْ؟ تَأَمَّلْ وَحَرِّرْ.
قَوْلُهُ: (بِغَيْبَةِ مَالِهِ) وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَغَيْرِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ تَقْيِيدَهَا بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ قِيَاسًا عَلَى الْإِعْسَارِ فِي الزَّكَاةِ وَفَسْخُ الزَّوْجَةِ وَالْبَائِعِ مَرْدُودٌ ح ل.
قَوْلُهُ: (فَيُنْتَظَرُ حُضُورُ مَالِهِ) وَلَوْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَإِنَّمَا عُدَّ مُعْسِرًا فِي الزَّكَاةِ وَفَسْخُ الزَّوْجَةِ وَالْبَائِعِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ بَلْ وَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى التَّعْجِيلِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى التَّرَاخِي أَيْ أَصَالَةً حَيْثُ لَمْ يَأْثَمْ بِالْحَلِفِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْحِنْثُ وَالْكَفَّارَةُ فَوْرًا س ل. قَوْلُهُ: (وَمَكَانُ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقٌ) أَيْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فُقَرَاءِ مَحَلِّ الْحِنْثِ ح ل.
قَوْلُهُ: (فَاعْتُبِرَ) أَيْ الْيَسَارُ وَعَدَمُهُ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ بِأَيِّ مَحَلٍّ كَانَ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ رَقِيقٌ غَائِبٌ إلَخْ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: فَيُنْتَظَرُ حُضُورُ مَالِهِ وَقَوْلُهُ: يَعْلَمُ حَيَاتَهُ أَيْ حَالًا أَوْ مَآلًا كَمَا لَوْ بَانَتْ حَيَاتُهُ بِأَنْ أَعْتَقَهُ عَلَى ظَنِّ مَوْتِهِ فَبَانَ حَيًّا فَيُجْزِئُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ فِي الْكَفَّارَةِ مَا لَا يُظَنُّ أَنَّهُ مِلْكُ غَيْرِهِ فَبَانَ مِلْكُهُ أَوْ دَفَعَ لِطَائِفَةٍ يَظُنُّهَا غَيْرَ مُسْتَحَقَّةٍ لِلْكَفَّارَةِ فَبَانَ خِلَافُهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ كَمَا نَصَّ: عَلَيْهِ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِدُ مَا