حَكَمْت بِكَذَا وَلَا شَهَادَةَ كُلٍّ بِحُكْمِهِ إلَّا إنْ شَهِدَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ.
وَلَوْ اُدُّعِيَ عَلَى مُتَوَلٍّ جَوْرٌ فِي حُكْمِهِ لَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. فَإِنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ أَوْ عَلَى مَعْزُولٍ بِشَيْءٍ فَكَغَيْرِهِمَا وَتَثْبُتُ تَوْلِيَةُ الْقَاضِي بِشَاهِدَيْنِ يَخْرُجَانِ مَعَهُ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، يُخْبِرَانِ أَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَكْتُبَ مُوَلِّيهِ لَهُ كِتَابًا بِالتَّوْلِيَةِ وَأَنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَوَالٍ) كَالْأَمِيرِ وَالْمُحْتَسِبِ وَنَاظِرِ الْجَيْشِ وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بِانْعِزَالِ الْإِمَامِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ فِي تَعْطِيلِ الْحَوَادِثِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَلَّاهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ انْعَزَلَ، بِفَرَاغِهِ مِنْهُ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ نِيَابَةً عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ تَوْلِيَةِ الْقَاضِي لِنُوَّابِهِ فَإِنَّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ لَهُ عَزْلُهُمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَّا بِسَبَبٍ اهـ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُتَوَلٍّ) أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنْشَاءِ شَرْحُ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) وَلَوْ عَلَى أَهْلِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلٍ وَقَوْلُهُ: حَكَمْت مَقُولُ الْقَوْلِ سَوَاءٌ قَالَهَا عَلَى وَجْهِ الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْشَاءِ وَقَوْلُهُ: وَلَا شَهَادَةَ كُلٌّ أَيْ مِنْ الْمَعْزُولِ وَالْمُتَوَلِّي فِي غَيْرِ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ.
وَقِيلَ: تُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَمْ يَدْفَعْ عَنْهَا ضَرَرًا.
قَوْلُهُ: (وَلَا مَعْزُولٍ) خَرَجَ بِالْمَعْزُولِ مَا لَوْ قَالَ: قَبْلَ عَزْلِهِ، كُنْت حَكَمْت بِكَذَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَتَّى لَوْ قَالَ: حَكَمْت عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ بِطَلَاقِ نِسَائِهِمْ، وَعِتْقِ عَبِيدِهِمْ أَيْ وَهُنَّ مَحْصُورَاتٌ وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا اهـ ز ي. قَوْلُهُ: (وَلَا شَهَادَةَ كُلٍّ بِحُكْمِهِ) خَرَجَ بِحُكْمِهِ مَا لَوْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ، بِكَذَا فَيُقْبَلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُرَادُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ نَفْسُ بَلَدِ قَضَائِهِ الْمَحُوطِ بِالسُّورِ وَالْبِنَاءِ الْمُتَّصِلِ بِهَا سم.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي) أَيْ الَّذِي أُقِيمَتْ الدَّعْوَةُ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ: إنَّهُ حُكْمُهُ أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْمَعْزُولِ وَالْمُتَوَلِّي فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ. وَلَا شَهَادَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِحُكْمِهِ لِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ إلَّا إنْ شَهِدَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ كَذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ بِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ وَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا حَيْثُ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً بِخِلَافِ الْقَاضِي إذَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ لِأَمْرِ الْحُكْمِ. اهـ. س ل. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَتُفَارِقُ الْمُرْضِعَةُ بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا لَا تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَةَ نَفْسِهَا بِخِلَافِ الْحَاكِمِ فِيهِمَا اهـ. وَقَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ الْمُرْضِعَةَ حَيْثُ قَبِلَ شَهَادَتَهَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ الْمَقْصُودُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا إلَخْ وَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِرْضَاعِ حُصُولُ اللَّبَنِ فِي جَوْفِ الطِّفْلِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَحْصُلُ بِإِرْضَاعِ الْفَاسِقَةِ اهـ ع ش.
قَوْلُهُ: (لَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ) كَدَيْنٍ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (بِشَاهِدَيْنِ) كَذَا قَالُوا: وَقَالُوا: لَيْسَ هَذَا عَلَى قَوَاعِدِ الشَّهَادَاتِ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ قَاضٍ تُؤَدَّى عَنْهُ الشَّهَادَةُ. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (يُخْبِرَانِ) أَيْ أَهْلَهُ بِهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ الشَّهَادَةَ الْمُعْتَبَرَةَ بَلْ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ وَلَا حَاجَةَ لِلْإِتْيَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ قَالَ ح ل: وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ وَإِلَّا ادَّعَى عِنْدَهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِاسْتِفَاضَةٍ) أَيْ فِي مَحَلِّ التَّوْلِيَةِ س ل وَلَا تَثْبُتُ بِكِتَابٍ لِإِمْكَانِ تَحْرِيفِهِ أَيْ تَزْوِيرِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢] . قَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ مِنْ هَذَا مَأْخَذُ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَنَّ الْحُجَجَ لَا يَثْبُتُ بِهَا حُكْمٌ وَلَا شَهَادَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ لِلتَّذَكُّرِ فَقَطْ فَلَا تُثْبِتُ حَقًّا وَلَا تَمْنَعُهُ فَافْهَمْهُ، اهـ. وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ إخْبَارِ الْقَاضِي لَهُمْ وَلَا خِلَافَ فِيهِ إنْ لَمْ يُصَدِّقُوهُ فَإِنْ صَدَّقُوهُ فَفِي لُزُومِ طَاعَتِهِمْ لَهُ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الْوِلَايَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ طَاعَتُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ز ي وح ل.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ أَنْ يَكْتُبَ مُوَلِّيهِ) وَيَسْتَحِقُّ الْقَاضِي رِزْقَهُ مِنْ حِينِ الْعَمَلِ لَا مِنْ وَقْتِ التَّوْلِيَةِ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذَا مُشْعِرٌ بِجَوَازِ أَخْذِ الرِّزْقِ عَلَى الْقَضَاءِ