للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَبْحَثَ الْقَاضِي عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْمَحَلِّ وَعُدُولِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ، وَأَنْ يَدْخُلَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ فَخَمِيسٌ فَسَبْتٌ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْلِسَ) لِلْقَضَاءِ (فِي وَسَطِ الْبَلَدِ) لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ هَذَا إنْ اتَّسَعَتْ خِطَّتُهُ، وَإِلَّا نَزَلَ حَيْثُ تَيَسَّرَ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْضِعٌ يُعْتَادُ النُّزُولُ فِيهِ وَأَنْ يَنْظُرَ أَوَّلًا فِي أَهْلِ الْحَبْسِ لِأَنَّهُ عَذَابٌ فَمَنْ أَقَرَّ مِنْهُمْ بِحَقٍّ فَعَلَ بِهِ مُقْتَضَاهُ وَمَنْ قَالَ ظَلَمْت فَعَلَى خَصْمِهِ حُجَّةٌ. فَإِنْ كَانَ خَصْمُهُ غَائِبًا كَتَبَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ، ثُمَّ يَنْظُرَ فِي الْأَوْصِيَاءِ فَمَنْ وَجَدَهُ عَدْلًا قَوِيًّا فِيهَا أَقَرَّهُ أَوْ فَاسِقًا أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ أَوْ عَدْلًا ضَعِيفًا عَضَّدَهُ بِمُعِينٍ، ثُمَّ يَتَّخِذُ كَاتِبًا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ عَدْلًا ذَكَرًا حُرًّا عَارِفًا بِكِتَابَةِ مَحَاضِرَ وَسِجِلَّاتٍ شَرْطًا فِيهَا فَقِيهًا عَفِيفًا وَافِرَ الْعَقْلِ، جَيِّدَ الْخَطِّ نَدْبًا وَأَنْ يَتَّخِذَ مُتَرْجِمِينَ. وَأَنْ يَتَّخِذَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْمُعْسِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ لَائِقَةٍ بِهِ أَمَّا أَخْذُهُ الْأُجْرَةَ عَلَى الْقَضَاءِ فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَنَّ لَهُ: أَخْذَهَا إنْ كَانَتْ أُجْرَةً مِثْلُ عَمَلِهِ، إنْ لَمْ يَكُنْ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. اهـ. ز ي وَالرِّزْقُ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ دُخُولِهِ) إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَحِينَ يَدْخُلُ هَذَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ عَارِفًا بِهِمْ وَأَنْ يَدْخُلَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ لَا يَتَغَيَّرُ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَلْوَانِ يُمْكِنُ تَغَيُّرُهَا بِخِلَافِ السَّوَادِ ع ش.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَدْخُلَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ) أَيْ صَبِيحَتَهُ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَصَوْمُهُ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. ز ي. وَيُجْمَعُ الِاثْنَيْنِ عَلَى أَثَانِينَ بِإِثْبَاتِ النُّونِ لِأَنَّهُ جَمْعُ تَكْسِيرٍ فَلَا تُحْذَفُ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ اهـ خ ض.

قَوْلُهُ: (فِي وَسَطِ) بِفَتْحِ السِّينِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ إسْكَانُ السِّينِ بِخِلَافِ نَحْوِ وَسْطِ الْقَوْمِ فَهُوَ بِسُكُونِ السِّينِ أَكْثَرُ مِنْ فَتْحِهَا لِأَنَّ مَا كَانَ مُتَّصِلَ الْأَجْزَاءِ الْأَفْصَحُ فِيهِ الْفَتْحُ وَمَا كَانَ مُتَفَرِّقَهَا الْأَفْصَحُ فِيهِ السُّكُونُ. قَوْلُهُ: (لِيَتَسَاوَى أَهْلُهُ) كَانَ الْمُرَادُ بِهَذَا تَسَاوِي كُلٍّ مَعَ نَظِيرِهِ فَأَهْلُ الْأَطْرَافِ يَتَسَاوَوْنَ وَكَذَا مَنْ يَلِيهِمْ وَهَكَذَا سم. أَيْ لِأَنَّ السَّاكِنَ بِالْقُرْبِ مِنْ وَسَطِ الْبَلَدِ لَيْسَ مُسَاوِيًا لِمَنْ مَسْكَنُهُ فِي أَطْرَافِهَا فَأَشَارَ إلَى أَنَّ التَّسَاوِيَ لِمَنْ فِي طَرَفٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فِي الطَّرَفِ الْمُقَابِلِ لَهُ لَا مُطْلَقًا اهـ. قَوْلُهُ: (خِطَّتِهِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْخِطَّةُ الْمَكَانُ الْمُحِيطُ لِلْعِمَارَةِ وَالْجَمْعُ خِطَطٍ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ. وَإِنَّمَا كُسِرَتْ الْخَاءُ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَلَى مَصْدَرِ افْتَعَلَ مِثْلُ اخْتَطَبَ خِطْبَةً وَارْتَدَّ رِدَّةً وَافْتَرَى فِرْيَةً ثُمَّ قَالَ: وَالْخُطَّةُ بِالضَّمِّ الْحَالَةُ وَالْخَصْلَةُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَنْظُرَ أَوَّلًا) : أَيْ نَدْبًا بَعْدَ أَنْ يُنَادَى فِي الْبَلَدِ مُتَكَرِّرًا إنَّ الْقَاضِيَ يُرِيدُ النَّظَرَ فِي الْمَحْبُوسِينَ يَوْمَ كَذَا فَمَنْ لَهُ مَحْبُوسٌ فَلْيَحْضُرْ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (فَعَلَى خَصْمِهِ حُجَّةٌ) قِيلَ هَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ وَضْعَهُ فِي الْحَبْسِ حُكْمٌ مِنْ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِحَبْسِهِ فَكَيْفَ يُكَلَّفُ الْخَصْمُ حُجَّةً سم وَيُمْكِنُ أَنْ يَحْبِسَهُ ظُلْمًا مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ خُصُوصًا فِي هَذَا الزَّمَانِ.

قَوْلُهُ: (كَتَبَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ) أَيْ أَوْ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لِيَأْمُرَهُ بِالْحُضُورِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ ح ل.

قَوْلُهُ: (قَوِيًّا فِيهَا) أَيْ فِي الْوَصِيَّةِ بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ عَضَّدَهُ أَيْ قَوَّاهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَتَّخِذُ كَاتِبًا) أَيْ نَدْبًا وَقَدْ كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُتَّابٌ فَوْقَ الْأَرْبَعِينَ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (مَحَاضِرَ) الْمَحْضَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَا يُكْتَبُ فِيهِ مَا جَرَى لِلْمُتَحَاكِمَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ. فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ أَوْ تَنْفِيذُهُ سُمِّيَ سِجِلًّا. شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ ق ل مَحَاضِرُ جَمْعُ مَحْضَرٍ وَهُوَ مَا يُكْتَبُ فِيهِ صُورَةُ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَالسِّجِلَّاتُ جَمْعُ سِجِلٍّ وَهُوَ مَا يُكْتَبُ فِيهِ الْوَاقِعَةُ لَكِنْ يُحْفَظُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَالْكُتُبُ الْحُكْمِيَّةُ هِيَ مَا فِيهَا الْوَاقِعَةُ أَيْضًا لَكِنْ يَكْتُبُ الْقَاضِي خَطَّهُ عَلَيْهَا وَتُعْطَى لِلْخَصْمِ وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْحُجَجِ وَثَمَنُ وَرَقِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ، وَنَحْوِهِمَا. مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَعَلَى مَنْ أَرَادَ الْكِتَابَةَ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ لَمْ يُجْبَرْ.

وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَأُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَلَوْ كَانَ الْكَاتِبُ الْقَاضِي وَثَمَنُ الْوَرَقِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ الْمَحَاضِرُ وَالسِّجِلَّاتُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِمَا هُوَ أَهَمُّ فَعَلَى مَنْ لَهُ الْعَمَلُ: الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ذَلِكَ إنْ شَاءَ كِتَابَةَ مَا جَرَى فِي خُصُومَتِهِ. وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ يُعْلِمُهُ الْقَاضِي، أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْتُبْ مَا جَرَى فَقَدْ يَنْسَى شَهَادَةَ الشُّهُودِ وَحُكْمَ نَفْسِهِ اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَأُجْرَةُ كَاتِبِ الصُّكُوكِ أَيْ الْأَوْرَاقِ تَكُونُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْمُسْتَحِقِّينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>