للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعَدِّلْهُمَا، وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُ تَسْمِيَتِهِمَا وَيُسَنُّ خَتْمُهُ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِحَضْرَتِهِ وَيَقُولُ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي كَتَبْتُ إلَى فُلَانٍ بِمَا سَمِعْتُمَا وَيَضَعَانِ خَطَّيْهِمَا فِيهِ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ: أُشْهِدُكُمَا أَنَّ هَذَا خَطِّي وَأَنَّ مَا فِيهِ حُكْمِي وَيَدْفَعُ لِلشَّاهِدَيْنِ نُسْخَةً أُخْرَى بِلَا خَتْمٍ، لِيُطَالِعَاهَا وَيَتَذَكَّرَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَشْهَدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي الْآخَرِ عَلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ بِمَا جَرَى عِنْدَهُ مِنْ ثُبُوتٍ أَوْ حُكْمٍ إنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ الْمُحْضَرُ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ فِيهِ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ: لَيْسَ الْمَكْتُوبُ اسْمِي صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُعْرَفْ بِهِ لِأَنَّهُ أَخْبَرُ بِنَفْسِهِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. فَإِنْ عُرِفَ بِهِ لَمْ يُصَدَّقْ بَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ أَوْ قَالَ: لَسْتُ الْخَصْمَ وَقَدْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِحُجَّةِ أَنَّهُ اسْمُهُ، حُكِمَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَشْرَكُهُ فِيهِ أَوْ كَانَ، وَلَمْ يُعَاصِرْ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يُشْرِكُهُ فِيهِ صَرْعًا وَالْمُدَّعِي فَإِنْ مَاتَ أَوْ أَنْكَرَ الْحَقَّ بَعَثَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ لِلْكَاتِبِ لِيَطْلُبَ مِنْ الشُّهُودِ زِيَادَةَ تَمْيِيزٍ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَكْتُبُهَا وَيُنْهِيهَا ثَانِيًا لِقَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ زِيَادَةَ تَمْيِيزٍ وَقَفَ الْأَمْرَ حَتَّى يَنْكَشِفَ فَإِنْ اعْتَرَفَ الْمُشَارِكُ بِالْحَقِّ طُولِبَ بِهِ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا مَعَ الْمُعَاصَرَةِ إمْكَانُ الْمُعَامَلَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ حَضَرَ قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ بِبَلَدِ الْحَاكِمِ لِلْمُدَّعِي الْحَاضِرِ فَشَافَهَهُ بِحُكْمِهِ عَلَى الْغَائِبِ أَمْضَاهُ إذَا عَادَ إلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُرَادُ إنْهَاءَ الْحُكْمِ أَمَّا إذَا كَانَ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ وَقَبِلَهَا، وَلَمْ يَحْكُمْ وَأَرَادَ إنْهَاءَ الْبَيِّنَةِ أَيْ أَنَّهُ سَمِعَهَا وَقَبِلَهَا فَيَكُونُ الْمُرَادَ وَيُسَمِّيهِمَا أَيْ شَاهِدَيْ الْحَقِّ إنْ لَمْ يُعَدِّلْهُمَا وَقَوْلُهُ: وَيُسَمِّيهِمَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي شَاهِدَيْ الْحُكْمِ لَا شَاهِدَيْ الْحَقِّ لِأَنَّ الْإِنْهَاءَ إنْ كَانَ بِالْحُكْمِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْحُجَّةِ أَيْ الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ. وَإِنْ كَانَ الْإِنْهَاءُ بِسَمَاعِ الشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ احْتَاجَ الْأَمْرُ إلَى ذِكْرِ الشَّاهِدَيْنِ إنْ لَمْ يُعَدِّلْهُمَا وَالشَّارِحُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ أَيْ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ، فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى شَاهِدَيْ الْحَقِّ لَكِنَّ قَوْلَهُ: إنْ لَمْ يُعَدِّلْهُمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ فِي شَاهِدَيْ الْحَقِّ لِأَنَّ شَاهِدَيْ الْحُكْمِ عَدَّلَهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّرَ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْأَحْكَامِ: أَوْ فِي سَمَاعِ بَيِّنَةٍ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ يُنْهَى إلَيْهِ الْحُكْمُ إنْ حَكَمَ وَلَا يَكُونُ، إلَّا بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا أَوْ يُنْهَى إلَيْهِ ثُبُوتُ الْحَقِّ إنْ لَمْ يَحْكُمْ وَقَدْ عُدِّلَتْ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةُ. أَوْ يُنْهَى إلَيْهِ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ بِالْحَقِّ فَقَطْ، إنْ لَمْ تُعَدَّلْ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةُ. وَكَلَامُهُ: يَقْتَضِيَ الِاكْتِفَاءَ بِتَعْدِيلِهِ، فَيُخَالِفُ مَا فِي الرَّوْضِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَكْفِي تَعْدِيلُ الْكَاتِبِ إيَّاهُمَا. لِأَنَّهُ تَعْدِيلٌ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ. اهـ. م د. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلَهُ: وَيَسْمَعُهَا إلَخْ. هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي إنْهَاءِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ، كَمَا فِي الْمَنْهَجِ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ، إلَّا فِي إنْهَاءِ الْحُكْمِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ. وَلَوْ زَادَ قَبْلَ هَذَا قَوْلَهُ: أَوْ شَهِدَ بِالْحَقِّ عِنْدِي شَاهِدَانِ لَسَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ خَتْمُهُ) أَيْ حِفْظًا لَهُ وَإِكْرَامًا لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَخَتْمُ الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ هُوَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَتْمِهِ جَعْلُ نَحْوِ شَمْعٍ عَلَيْهِ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ بِخَاتَمِهِ لِأَنَّهُ يَتَحَفَّظُ بِذَلِكَ. اهـ. حَجّ وَعِبَارَةُ ح ل. وَسُنَّ خَتْمُهُ أَيْ عَلَى نَحْوِ شَمْعٍ يَضَعُهُ عَلَى الْكِتَابِ بَعْدَ طَيِّهِ لَيَصُونَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَضَعَ الْخَتْمَ لَا عَلَى شَمْعٍ وَنَحْوِهِ اهـ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي خَتْمُ الْكِتَابِ حِفْظًا لِمَا فِيهِ وَإِكْرَامًا لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ. «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرْسِلُ كُتُبَهُ غَيْرَ مَخْتُومَةٍ فَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَبُولِهَا، إلَّا مَخْتُومَةً فَاِتَّخَذَ خَاتَمًا وَنَقَشَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» فَصَارَ خَتْمُ الْكِتَابِ سُنَّةً مُتَّبَعَةً وَإِنَّمَا كَانُوا لَا يَقْرَءُونَ إلَّا كِتَابًا مَخْتُومًا خَوْفًا مِنْ كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ وَإِضَاعَةِ تَدْبِيرِهِمْ.

قَوْلُهُ: (وَيُدْفَعُ لِلشَّاهِدَيْنِ) أَيْ نَدْبًا ع ش. قَوْلُهُ: (مِنْ ثُبُوتٍ أَوْ حُكْمٍ) بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّهُ يُنْهِي ثُبُوتَ الْحَقِّ، مَعَ الْحُكْمِ وَلَفْظُ الثُّبُوتِ سِرِّيٌّ لَهُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ. لِأَنَّهُ أَوَّلًا ذَكَرَ إنْهَاءَ الْحُكْمِ وَذَكَرَ بَعْدَهُ إنْهَاءَ الثُّبُوتِ. ثُمَّ قَالَ: مِنْ ثُبُوتٍ أَوْ حُكْمٍ فَهُوَ صَحِيحٌ هُنَاكَ وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَذْكُرْ إلَّا إنْهَاءَ الْحُكْمِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (بَلْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ) أَيْ يَنْفُذُ الْحُكْمُ إنْ كَانَ الْإِنْهَاءُ بِالْحُكْمِ وَيُنْشِئُ الْحُكْمَ إنْ كَانَ الْإِنْهَاءُ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَ) جَوَابُ إنْ الْأُولَى مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ مَاتَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (زِيَادَةَ تَمْيِيزٍ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمٍ ثَانٍ مِنْ قَاضِي بَلَدِ الْحَاضِرِ وَلَا يُشْتَرَطُ إعَادَةُ الدَّعْوَى وَالتَّحْلِيفِ.

قَوْلُهُ: (إمْكَانُ الْمُعَامَلَةِ) فَلَوْ كَانَ عُمْرُهُ خَمْسَ سِنِينَ وَعُمْرُ الْمُدَّعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>