للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهَا لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهَا بِالزِّنَا لِأَنَّهُ يَدَّعِي خِيَانَتَهَا فِرَاشَهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّخْصِ لِأَحَدِ أَصْلَيْهِ أَوْ فَرْعَيْهِ عَلَى الْآخَرِ. كَمَا جَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ مَنْعُ الْحُكْمِ بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَإِنْ خَالَفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي ذَلِكَ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ قَدْ تَعَارَضَ فَظَهَرَ الصِّدْقُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَلَا تُقْبَلُ تَزْكِيَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَلَا شَهَادَتُهُ لَهُ بِالرُّشْدِ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي حِجْرِهِ أَمْ لَا وَإِنْ أَخَذْنَاهُ بِإِقْرَارِهِ بِرُشْدِ مَنْ فِي حِجْرِهِ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَا عَدَا الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ مِنْ حَوَاشِي النَّسَبِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَكَذَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ، وَهُوَ مَنْ صَدَقَ فِي وِدَادِك بِأَنْ يُهِمَّهُ مَا أَهَمَّكَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَلِيلٌ ذَلِكَ أَيْ فِي زَمَانِهِ وَنَادِرٌ فِي زَمَانِنَا أَوْ مَعْدُومٌ

(وَلَا يَقْبَلُ) الْقَاضِي (كِتَابَ قَاضٍ) كَتَبَ بِهِ (إلَى قَاضٍ) وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَيْ لَا يَعْمَلُ بِهِ (فِي) مَا أَنْهَاهُ فِيهِ مِنْ (الْأَحْكَامِ) . كَأَنْ حَكَمَ فِيهِ لِحَاضِرٍ عَلَى غَائِبٍ بِدَيْنٍ (إلَّا بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ) عَدْلَيْ شَهَادَةٍ يَشْهَدَانِ عِنْدَ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الْقُضَاةِ (بِمَا فِيهِ) أَيْ الْكِتَابِ مِنْ الْحُكْمِ.

تَنْبِيهٌ: صُورَةُ الْكِتَابِ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ حَضَرَ فُلَانٌ وَادَّعَى عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ الْمُقِيمِ بِبَلَدِ كَذَا بِدَيْنٍ وَحَكَمْتُ لَهُ بِحُجَّةٍ وَأَجَبْتُ الْحُكْمَ وَسَأَلَنِي أَنْ أَكْتُبَ إلَيْك بِذَلِكَ فَأَجَبْتُهُ وَأَشْهَدْتُ بِالْحُكْمِ شَاهِدَيْنِ وَيُسَمِّيهِمَا إنْ لَمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّ الزَّوْجِ. لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ بِنِسْبَةِ زَوْجَتِهِ إلَى فَسَادٍ بِخِلَافِ السَّيِّدِ بِالنِّسْبَةِ لِقِنِّهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ فِرَاشِهِ وَلِأَنَّهُ إذَا حُدَّ قَاذِفُهَا بِشَهَادَتِهِ أَفَادَ ذَلِكَ عِفَّتَهَا وَانْتَفَى الْعَارُ عَنْ فِرَاشِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَدَّعِي خِيَانَتَهَا فِرَاشَهُ) أَيْ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخِيَانَةِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَالَفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) : أَيْ فَقَالَ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّخْصِ لِأَحَدِ أَصْلَيْهِ أَوْ فَرْعَيْهِ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَيُؤَيِّدُهُ مَنْعُ الْحُكْمِ بَيْنَ أَبِيهِ وَابْنِهِ.

قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ) أَيْ بِأَنَّ الْمَيْلَ الطَّبِيعِيَّ الَّذِي فِي الْمَشْهُودِ لَهُ الْمُقْتَضِي لِلتُّهْمَةِ ظَاهِرًا كَشَهَادَتِهِ لِأُمِّهِ بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ قَدْ تَعَارَضَ أَيْ عَارَضَهُ الْمَيْلُ الطَّبِيعِيُّ الَّذِي فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الَّذِي لَمْ يَقْتَضِ التُّهْمَةَ بِسَبَبِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ فَتَسَاقَطَا فَكَأَنَّهُ لَا مَيْلَ فَلَا يُقَالُ: إنَّ شَهَادَتَهُ لِأَحَدِهِمَا لِلْمَيْلِ الطَّبِيعِيِّ فَلَا تُقْبَلُ، قَالَ س ل فَالْوَازِعُ الطَّبِيعِيُّ مَا يَحْمِلُ الْإِنْسَانَ عَلَى الشَّيْءِ بِطَبْعِهِ فَالْمُرَادُ بِالْوَازِعِ الدَّاعِي وَالْبَاعِثُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) هُوَ مَالِكِيٌّ وَسَافَرَ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ لِيَأْخُذَ عَنْهُ الْعِلْمَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَكُلُّ مَرَّةٍ يُنْفِقُ فِيهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ. اهـ. شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَقَلِيلٌ ذَلِكَ) وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ:

لَا تَجْزَعَن لِوَحْدَةٍ وَتَفَرُّدِ ... وَمِنْ التَّفَرُّدِ فِي زَمَانِك فَازْدَدْ

ذَهَبَ الْإِخَاءُ فَلَيْسَ ثَمَّ أُخُوَّةٌ ... إلَّا التَّمَلُّقُ بِاللِّسَانِ وَبِالْيَدِ

وَإِذَا كَشَفْت ضَمِيرَ مَا بِصُدُورِهِمْ ... أَلْفَيْت ثَمَّ نَقِيعُ سُمٍّ أَسْوَدِ

قَوْلُهُ: (وَلَا يَقْبَلُ الْقَاضِي) أَيْ الْمَنْهِيُّ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (كَتَبَ بِهِ) : كَذَا فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَهُ. اهـ أج. قَوْلُهُ: (إلَى قَاضٍ) فِيهِ إظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ بِالنَّظَرِ لِكَلَامِ الشَّارِحِ مَعَ الْمَتْنِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ) كَمَا إذَا كَانَ فِي بَلَدِ الْغَائِبِ قُضَاةٌ فَكَتَبَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ الْكِتَابُ.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ حَكَمَ فِيهِ) أَيْ فِي الْكِتَابِ ذَكَرَ الْحُكْمَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَأَشْهَدْت) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَشَهِدَ أَيْ الْمُدَّعِي. وَهِيَ غَيْرُ مُنَاسَبَةٍ لِمَا بَعْدَهَا لِأَنَّ الْإِشْهَادَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْقَاضِي وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ مِثْلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: (شَاهِدَيْنِ) وَالْمُرَادُ بِهِمَا شَاهِدَانِ غَيْرُ شَاهِدَيْ الْحَقِّ أَمَّا هُمَا: فَلَا يَذْهَبَانِ إلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا اللَّذَانِ يَذْهَبَانِ شَاهِدَا الْحُكْمِ. قَوْلُهُ: (وَيُسَمِّيهِمَا) أَيْ شَاهِدَيْ الْحُكْمِ لَا الْحَقِّ وَهَذَا إذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>