للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٍ وَنَقْبِ جِدَارٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِلْكًا لِلْمَدِينِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ، وَالْمَأْخُوذُ مَضْمُونٌ عَلَى الْآخِذِ إنْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَامِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَائِهِ طَالَبَهُ بِهِ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا لَهُ بِغَيْرِ مُطَالَبَةٍ وَلَوْ أَخَذَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ وَيَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ عِنْدَهُ.

(فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ امْتَنَعَ (عَنْ الْيَمِينِ) بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ. كَأَنْ قَالَ: أَنَا نَاكِلٌ أَوْ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: احْلِفْ. فَيَقُولُ: لَا أَحْلِفُ أَوْ يَسْكُتُ لَا لِدَهْشَةٍ وَغَبَاوَةٍ. (رُدَّتْ) أَيْ الْيَمِينُ حِينَئِذٍ (عَلَى الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ» كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَخْذًا مِنْ الْحَصْرِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ تَقْدِيمِ الْخَبَرِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ أَيْ الْوَكِيلُ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ مُقَدَّمٌ عَلَى السَّبَبِ. فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي مُنَاوَلَتِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ وَلَا نَقْبٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (كَكَسْرِ بَابٍ وَنَقْبِ جِدَارٍ) : أَيْ فِي غَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَغَائِبٍ، فَلَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِمْ إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَسْرٌ أَوْ نَقْبٌ لِعُذْرِهِمْ خُصُوصًا الْغَائِبُ وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الْأَخْذِ كَسْرٌ وَلَا نَقْبٌ أُخِذَ مِنْ مَالِهِمْ كَغَيْرِهِمْ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَبَعْضُهُمْ مَنَعَ الْأَخْذَ مِنْ مَالِهِمْ مُطْلَقًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَإِذَا جَازَ الْأَخْذُ ظُفَرًا فَلَهُ كَسْرُ بَابٍ وَنَقْبُ جِدَارٍ لِغَرِيمِهِ لَا يَصِلُ لِلْمَالِ إلَّا بِهِ لِأَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ إلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَدَفْعِ الصَّائِلِ وَلَوْ وَكَّلَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَجُزْ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَيَمْتَنِعُ النَّقْبُ وَنَحْوُهُ فِي غَيْرِ مُتَعَدٍّ لِنَحْوِ صِغَرٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي غَائِبٍ مَعْذُورٍ وَإِنْ جَازَ الْأَخْذُ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ الَّذِي لَهُ تَافِهَ الْقِيمَةِ وَلَوْ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ أَوْ اخْتِصَاصًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ وَمِنْ لَازِمِهِ جَوَازُ السَّبَبِ فِيمَا يُوصِلُ إلَيْهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، حَيْثُ وَجَدَ مَا يَأْخُذُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَهَلْ " يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ لِبِنَائِهِ لَهُ عَلَى ظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ فِيهِ نَظَرٌ

وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ لَهُ ذَلِكَ لِلتَّوَصُّلِ بِهِ إلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ وَحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِي فِعْلِهِ وَعَدَمُ الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ.

قَوْلُهُ: (إذَا كَانَ مِلْكًا لِلْمَدِينِ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْبَابِ وَالْجِدَارِ فَخَرَجَ مَا إذَا كَانَ مَوْقُوفًا أَوْ مُؤَجَّرًا وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ أَيْ الْجِدَارِ وَنَحْوِهِ.

قَوْلُهُ: (إنْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ) أَيْ تَمَلُّكِ بَدَلِهِ فَالْمُرَادُ غَيْرُ الْجِنْسِ، أَوْ الْجِنْسُ بِغَيْرِ الصِّفَةِ وَعِبَارَةُ سم. يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْجِنْسِ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ مَلَكَهُ، بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَامِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ أَصْلُ الضَّمَانِ فَلَا يُنَافِي، أَنَّ هَذَا يَضْمَنُ بِأَقْصَى قِيمَةٍ وَالْمُسْتَامُ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّلَفِ اهـ م د. وَإِنَّمَا ضَمِنَ مَعَ جَوَازِ الْأَخْذِ، لِأَنَّهُ لَمَّا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَمَلُّكٍ، صَارَ غَاصِبًا لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ عَقِبَ بَيْعِهِ وَمِثْلُ م د. ز ي نَقْلًا عَنْ الْعُبَابِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَخْذِهِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ كَالْمُسْتَامِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَإِنْ اسْتَحَقَّ دَيْنًا عَلَى مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَائِهِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ مَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ التَّقَاصِّ حَجّ.

قَوْلُهُ: (وَيَضْمَنُهُ) أَيْ ضَمَانَ الْغُصُوبِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي) : أَيْ رَدَّهَا الْقَاضِي فَلَوْ حَلَفَ قَبْلَ رَدِّهَا، مِنْ الْقَاضِي لَغَتْ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِنُكُولِ الْخَصْمِ فَإِنْ حَكَمَ بِأَنْ قَالَ: حَكَمْت بِنُكُولِك أَوْ جَعَلْتُك نَاكِلًا فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَدِّ الْقَاضِي فَإِذَا حَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ اُعْتُدَّ بِهَا وَيَكُونُ كَرَدِّ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ لَهُ احْلِفْ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ. وَكَذَا إقْبَالُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعِي لِيُحَلِّفَهُ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ احْلِفْ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ أَيْضًا وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْيَمِينِ قَبْلَ نُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَعُودَ إلَى طَلَبِ الْيَمِينِ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَإِذَا طَلَبَهَا مِنْهُ وَامْتَنَعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعَوْدُ إلَى يَمِينِ الرَّدِّ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ الَّذِي رَدَّهَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِرِضَاهُ لِخَصْمِهِ، وَلَوْ هَرَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ. امْتَنَعَ الْحَلِفُ عَلَى الْمُدَّعِي. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (لَا لِدَهْشَةٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ دَهِشَ دَهَشًا فَهُوَ دَهِشٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ ذَهَبَ عَقْلُهُ حَيَاءً أَوْ خَوْفًا وَقَوْلُهُ: وَغَبَاوَةً فَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُ لِنَحْوِ دَهَشٍ أَوْ غَبَاوَةٍ، شَرَحَ لَهُ الْقَاضِي الْحَالَ ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ. أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ شَرْحُ الْمَنْهَجِ الْغَبَاوَةُ أَنْ لَا يَفْهَمَ مَا يُقَالُ لَهُ وَقَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْغَبَاوَةُ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ وَفِي الْمِصْبَاحِ الْغَبِيُّ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ الْقَلِيلُ الْفِطْنَةِ يُقَالُ غَبِيَ غَبِيًّ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَغَبَاوَةً. وَقَوْلُهُ: شَرَحَ لَهُ الْقَاضِي أَيْ وُجُوبًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إذَا أَطَلْت السُّكُوتَ، حَكَمْت بِنُكُولِك وَقَضَيْت عَلَيْك، وَسُكُوتُ الْأَصَمِّ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْحَلِّ لَيْسَ نُكُولًا بِخِلَافِ عَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>