للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعِي إنْ اخْتَارَ ذَلِكَ. (وَيَسْتَحِقُّ) الْمُدَّعَى بِهِ بِيَمِينِهِ لَا بِنُكُولِ خَصْمِهِ. وَقَوْلُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً، وَبِالْجُمْلَةِ فَلِلْخَصْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ، إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي وَيُبَيِّنُ الْقَاضِي حُكْمَ النُّكُولِ لِلْجَاهِلِ بِهِ. بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْك الْحَقَّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَحَكَمَ بِنُكُولِهِ نَفَذَ حُكْمُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ حُكْمِ النُّكُولِ. وَيَمِينُ الرَّدِّ وَهِيَ يَمِينُ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ خَصْمِهِ، كَإِقْرَارِ الْخَصْمِ لَا كَالْبَيِّنَةِ، لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِالْيَمِينِ بَعْدَ نُكُولِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْإِشَارَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ بَعْدَ سَمَاعِهِ ق ل. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ أَيْ بِالنُّكُولِ وَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ أَيْ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (رُدَّتْ أَيْ الْيَمِينُ) أَيْ رَدَّهَا الْقَاضِي.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا فِعْلُ عُمَرَ إلَخْ) ذَكَرَ فِعْلَ عُمَرَ عَقِبَ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إشَارَةً إلَى أَنَّ رَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَبِالْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَسْتَحِقُّ) أَيْ بِفَرَاغِ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ لِأَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ وَقَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ أَيْ غَالِبًا وَقَدْ لَا يَحْلِفُ كَمَا إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ لِمُوَلِّيهِ حَقًّا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ ثُمَّ يَحْلِفُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ لِمَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ وَأَنَابَ الْإِمَامُ شَخْصًا وَادَّعَى وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَلْ يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي أَوْ يُقِرَّ. وَكَذَا نَاظِرُ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ إذَا ادَّعَيَا شَيْئًا لَا يَحْلِفَانِ بَلْ يَحْبِسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا ادَّعَى عَلَى الْوَرَثَةِ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا بِكَذَا فَأَنْكَرُوا أَوْ نَكَلُوا فَلَا يَحْلِفُ الْوَصِيُّ بَلْ تُحْبَسُ الْوَرَثَةُ إلَى أَنْ يَحْلِفُوا أَوْ يُقِرُّوا.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي احْلِفْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ نَكَلَ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْقَاضِي أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ. وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ يَسْكُتُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُكْمٌ) كَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ بِالرَّفْعِ، فَاعِلُ يَكُنْ عَلَى أَنَّهَا تَامَّةٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حُكْمٌ بِنُكُولِهِ، حَقِيقَةً بَلْ ضِمْنًا وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، حُكْمًا بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهَا نَاقِصَةٌ وَتَخْطِئَةُ الْمَرْحُومِيِّ لِلشَّارِحِ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّهَا. اهـ. م د وَالنَّصْبُ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ اسْمَ كَانَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي: فَيَكُونُ الرَّفْعُ مِنْ تَحْرِيفِ النَّاسِخِ. قَوْلُهُ: (وَبِالْجُمْلَةِ) أَيْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا حَقِيقَةً أَوْ نَازِلٌ مَنْزِلَتَهُ ز ي. قَوْلُهُ: (حَقِيقَةً) بِأَنْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ أَوْ تَنْزِيلًا كَقَوْلِ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي) وَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَا تُرَدُّ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَلِأَنَّهُ سَقَطَ حَقُّهُ بِرِضَاهُ بِحَلِفِ خَصْمِهِ.

تَنْبِيهٌ: يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُجِيبُ بِقَوْلِهِ: يَثْبُتُ مَا يَدَّعِيهِ فَيُطَالِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ بِالْإِثْبَاتِ لِفَهْمِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ جَوَابٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ طَلَبُ الْإِثْبَاتِ لَا يَسْتَلْزِمُ اعْتِرَافًا وَلَا إنْكَارًا فَتَعَيَّنَ أَنْ لَا يُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ بَلْ يُلْزَمُ بِالتَّصْرِيحِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ، حَجّ ز ي وَيَقَعُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ يَقُولُ مَا بَقِيت أَتَحَاكَمُ أَوْ مَا بَقِيَتْ أَدَّعِي عِنْدَك وَالْوَجْهُ أَنْ يُجْعَلَ بِذَلِكَ مُنْكِرًا نَاكِلًا فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَسْتَحِقُّ. اهـ. طَبَلَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَيُبَيِّنُ الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا ع ش وَشَوْبَرِيٌّ وَقَالَ ح ل: نَدْبًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

لَطِيفَةٌ: مِنْ الْمَسَائِلِ الدَّقِيقَةِ الَّتِي رُبَّمَا أَفْتَى الْمُفْتِي بِخِلَافِهَا، وَيَقْضِي بِخِلَافِهَا أَيْضًا مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ مَالًا فَأَنْكَرَ وَطُلِبَ مِنْهُ الْيَمِينُ فَقَالَ: لَا أَحْلِفُ وَأُعْطِيَ الْمَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَيْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ بَعْدُ وَكَذَا لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فَقَالَ الْخَصْمُ: أَنَا أَبْذُلُ لَك الْمَالَ بِلَا يَمِينٍ، فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يُقِرَّ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي شَرْحُ م ر أج.

قَوْلُهُ: (نَفَذَ) أَيْ وَإِنْ أَثِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>