للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى الْحَقِّ. فَأَشْبَهَ إقْرَارَهُ بِهِ فَيَجِبُ الْحَقُّ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ كَالْإِقْرَارِ وَلَا تُسْمَعُ بَعْدَهَا حُجَّةٌ بِمُسْقِطٍ كَأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ. فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ، وَلَا عُذْرَ لَهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ وَالْمُطَالَبَةِ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْيَمِينِ وَلَكِنْ تُسْمَعُ حُجَّتُهُ. فَإِنْ أَبْدَى عُذْرًا كَإِقَامَةِ حُجَّةٍ وَسُؤَالِ فَقِيهٍ وَمُرَاجَعَةِ حِسَابٍ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ لِئَلَّا تَطُولَ مُدَافَعَتُهُ وَالثَّلَاثَةُ مُدَّةٌ مُغْتَفَرَةٌ شَرْعًا وَيُفَارِقُ جَوَازَ تَأْخِيرِ الْحُجَّةِ أَبَدًا بِأَنَّهَا قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ وَلَا تَحْضُرُ وَالْيَمِينُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِعَدَمِ تَعْلِيمِهِ، كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لَا كَالْبَيِّنَةِ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعِي.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِالْيَمِينِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى إذْ مِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ الْبَيِّنَةُ. وَيُجَابُ: بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا أَيْ لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ إلَخْ أَيْ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ اهـ.

قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ الْحَقُّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ كَوْنِ الْيَمِينِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ وَعِبَارَةُ م د. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِهَا إنْ جُعِلَتْ كَالْإِقْرَارِ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُعِلَتْ كَالْبَيِّنَةِ فَتَحْتَاجُ إلَى الْحُكْمِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَدَمُ سَمَاعِ حُجَّةٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُسْقِطٍ كَالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُعِلَتْ كَالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِالْمُسْقِطِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ) : اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا عَدَلَتْ لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ بِهَا حَتَّى يَحْكُمَ الْقَاضِي وَقَدْ سَلَفَ تَصْرِيحُ الزَّرْكَشِيّ، بِذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ سم.

قَوْلُهُ: (كَأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ) قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ إلَى أَنَّ التَّصْوِيرَ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَرَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ. اهـ. وَالرَّاجِحُ: خِلَافُهُ م ر وَالشَّوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْيَمِينِ) فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِنُكُولِ خَصْمِهِ كَمَا فِي س ل وق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُطَالَبَةُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً س ل. وَعِبَارَةُ ق ل وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَيْضًا، وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ تُسْمَعُ حُجَّتُهُ) وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَا تُرَدُّ سم، وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مُعْسِرٍ وَقَصَدَ إثْبَاتَهُ لِيُطَالِبَهُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا وَاعْتَمَدَهُ الْغَزِّيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ اقْتَضَى مَا قَرَّرْنَاهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ سَمَاعَهَا، لِأَنَّ الْقَصْدَ إثْبَاتُهُ مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَحَقًّا قَبْضُهُ حَالًا بِتَقْدِيرِ يَسَارِهِ الْقَرِيبِ عَادَةُ الشَّرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا مِنْ هَذَا يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا تَقَرَّرَ فِي نِظَارَةٍ عَلَى وَقْفٍ مِنْ أَوْقَافِ الْمُسْلِمِينَ، فَوَجَدَهُ خَرِبًا ثُمَّ إنَّهُ عَمَّرَهُ عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِهِ ثُمَّ سَأَلَ الْقَاضِيَ بَعْدَ الْعِمَارَةِ فِي نُزُولِ كَشْفٍ عَلَى الْمَحَلِّ وَتَحْدِيدِ الْعِمَارَةِ وَكِتَابَةِ حُجَّةٍ بِذَلِكَ فَأَجَابَهُ لِذَلِكَ وَعَيَّنَ لَهُ كَشَّافًا وَشُهُودًا وَمُهَنْدِسِينَ فَقَطَعُوا قِيمَةَ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ نِصْفٍ وَأُخْبِرَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ حُجَّةً لِيَقْطَعَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مَعَالِيمَهُمْ وَيَمْنَعَ مَنْ يُرِيدُ أَخْذَ الْوَقْفِ إلَى الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِالْحُجَّةِ وَلَا يُجِيبُهُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ إذْ ذَاكَ وَلَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى وَالْكِتَابَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِدَفْعِ مَا طُلِبَ مِنْهُ وَادُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا هُنَا.

وَطَرِيقُهُ فِي إثْبَاتِ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِمَا صَرَفَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا مَثَلًا وَيَكُونُ ذَلِكَ جَوَابًا لِدَعْوَى مُلْزِمَةٍ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ يُصَدَّقُ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ كَالْقَرْضِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ. أَوْ كَانَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ أَنَّ لِلنَّاظِرِ اقْتِرَاضَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحَالُ فِي الْعِمَارَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ اهـ ع ش.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَبْدَى) أَيْ الْمُدَّعِي عُذْرًا.

قَوْلُهُ: (وَسُؤَالِ فَقِيهٍ) أَيْ هَلْ يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ أَوْ لَا؟ قَوْلُهُ: (وَمُرَاجَعَةِ حِسَابٍ) أَيْ دَفْتَرٍ.

قَوْلُهُ: (أُمْهِلَ) أَيْ وُجُوبًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ سم: وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ: وَيُفَارِقُ جَوَازَ تَأْخِيرِ الْحُجَّةِ أَبَدًا يُعَرِّفُك أَنَّهُ إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فَاسْتُمْهِلَ وَلَوْ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ لَا يُزَادُ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَمِينِ، حَتَّى يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ فَلَا تَنْفَعُهُ بَعْدَهَا إلَّا الْحُجَّةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اُسْتُمْهِلَ قَبْلَ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ فَيُمْهَلُ أَبَدًا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ اُسْتُمْهِلَ الْمُدَّعِي أَبَدًا حِينَئِذٍ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ أَبَدًا، وَإِنْ طَلَبَ يَمِينَ الْخَصْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>