للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهِ، وَهَلْ هَذَا الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَلَا يُمْهَلُ خَصْمُهُ لِعُذْرٍ حَتَّى يُسْتَحْلَفَ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ بِطَلَبِ الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي وَإِنْ اُسْتُمْهِلَ الْخَصْمُ فِي ابْتِدَاءِ الْجَوَابِ لِعُذْرٍ أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي وَقِيلَ: إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَتَقَيَّدُ بِآخِرِ الْمَجْلِسِ.

وَمَنْ طُولِبَ بِجِزْيَةٍ فَادَّعَى مُسْقِطًا كَإِسْلَامِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ، فَإِنْ وَافَقَتْ دَعْوَاهُ الظَّاهِرَ كَأَنْ كَانَ غَائِبًا فَحَضَرَ وَادَّعَى ذَلِكَ وَحَلَفَ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ الظَّاهِرَ بِأَنْ كَانَ عِنْدَنَا ظَاهِرًا ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ أَوْ وَافَقَهُ وَنَكَلَ طُولِبَ بِهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ قَضَاءً بِالنُّكُولِ، بَلْ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ أَوْ بِزَكَاةٍ فَادَّعَى الْمُسْقِطَ كَدَفْعِهَا لِسَاعٍ آخَرَ لَمْ يُطَالِبْ بِهَا وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ.

وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ حَقًّا لَهُ عَلَى شَخْصٍ فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ، لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ وَإِنْ ادَّعَى ثُبُوتَهُ بِسَبَبِ مُبَاشَرَتِهِ بَلْ يُنْتَظَرُ كَمَالُهُ، لِأَنَّ إثْبَاتَ الْحَقِّ لِغَيْرِ الْحَالِفِ بَعِيدٌ.

(وَإِذَا تَدَاعَيَا) أَيْ الْخَصْمَانِ أَيْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَنَكَلَ وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَطَلَبَ الْإِمْهَالَ وَلَوْ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثَةً فَقَطْ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ بَعْدَهَا مِنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ دُونَ الْحُجَّةِ، فَمَتَى أَقَامَهَا سُمِعَتْ اهـ.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) الْمُرَادُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الْإِمْهَالِ وَالْإِيتَاءِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ، وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِإِتْمَامِ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثَةً أَيْضًا ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (لِئَلَّا تَطُولَ مُدَافَعَتُهُ) أَيْ بِسَبَبِ طَلَبِ الْحَقِّ أَيْ لِئَلَّا تَطُولَ مُدَافَعَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَالْيَمِينُ إلَيْهِ) أَيْ مَوْكُولَةٌ إلَيْهِ وَنَافِعَةٌ لَهُ وَلَا بُدَّ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَهَلْ هَذَا الْإِمْهَالُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ كَمَا فِي م ر وح ل. وَقَالَ حَجّ: وَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ بَعْدَ مُضِيِّ الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.

قَوْلُهُ: (حِينَ يُسْتَحْلَفُ) أَيْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْحَلِفُ ع ش. وَقَالَ ح ل: أَيْ يَلْزَمُ بِالْحَلِفِ وَهَذَا لَا يُسْتَحْلَفُ، إلَّا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ بِالدَّفْعِ وَالْإِبْرَاءِ، وَإِلَّا أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَقَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي شَامِلٌ لِطَلَبِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَاَلَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مُرَاجَعَةِ الْحِسَابِ. وَأَمَّا إذَا طَلَبَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْخَصْمُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَمْهَلَ الْخَصْمُ) : السِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ أَيْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ.

قَوْلُهُ: (أُمْهِلَ) أَيْ إنْ لَمْ يَضُرَّ الْإِمْهَالُ بِالْمُدَّعِي كَأَنْ كَانَ يُرِيدُ سَفَرًا وإلَّا لَمْ يُمْهَلْ اهـ س ل.

قَوْلُهُ: (إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْخُصُومَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخَصْمَيْنِ. بِأَنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي غَيْرِهَا وَمَا ذَكَرَهُ م د. بِقَوْلِهِ: أَيْ آخِرَ النَّهَارِ لِأَنَّهُ جَمِيعُهُ مَجْلِسُ الْقَاضِي غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقَالَ م ر: أَيْ مَجْلِسُ الْقَاضِي وَمَا زَادَ عَلَى الْمَجْلِسِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رِضَا الْمُدَّعِي كَمَا فِي ح ل.

قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ الْقَاضِي) مُعْتَمَدٌ وَعِبَارَةُ سم اعْتَمَدَهُ م ر فَقَالَ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ شَاءَ الْقَاضِي لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ قَهْرًا عَلَى الْمُدَّعِي وَإِلَّا فَالْمُدَّعِي إنْ شَاءَ أَمْهَلَهُ أَبَدًا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِهِ بِآخِرِ الْمَجْلِسِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَتَقَيَّدُ) أَيْ لَا يَتَقَيَّدُ إمْهَالُهُ بِآخِرِ الْمَجْلِسِ بَلْ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الدَّعْوَى مَتَى شَاءَ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ طُولِبَ) وَلَوْ مَاتَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ، فَطَالَبَهُ الْقَاضِي وَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، فَنَكَلَ فَهَلْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَوْ يُحْبَسُ أَوْ يَحْلِفُ أَوْ يُتْرَكُ أَوْجَهُ أَصَحّهَا الثَّانِي سم.

قَوْلُهُ: (كَإِسْلَامِهِ) جَعْلُ الْإِسْلَامِ مُسْقِطًا مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْجِزْيَةِ بِانْقِضَاءِ الْحَوْلِ وَهُوَ طَرِيقَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَعَلَيْهِ فَالْإِسْلَامُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ يُقَسِّطُهَا لَا يُسْقِطُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ ادِّعَاءُ الْمُسْقِطِ يَصْدُقُ بِدَعْوَى سُقُوطِ بَعْضِهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ وَافَقَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْ وَافَقَتْهُ أَيْ وَافَقَتْ دَعْوَاهُ الظَّاهِرَ. قَوْلُهُ: (طُولِبَ بِهَا) : أَيْ الْجِزْيَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا وَجَبَتْ.

قَوْلُهُ: (لَيْسَ ذَلِكَ قَضَاءً بِالنُّكُولِ) الْمَعْنَى لَيْسَ الْمُطَالَبَةُ بِالْجِزْيَةِ وَلُزُومُهَا لَهُ بِسَبَبِ النُّكُولِ بَلْ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ وَاشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ بِهَا وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ فِي الدَّعْوَى الْخَاصَّةِ بِخَصْمٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ إلَّا بِيَمِينِ الرَّدِّ، فَلَا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ قَبْلَهَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَقَّ هُنَا ثَابِتٌ وَهُوَ يَدَّعِي مُسْقِطًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَلَيْسَ فِيهِ قَضَاءٌ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ.

قَوْلُهُ: (حَقًّا لَهُ) أَيْ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْحَقِّ وَيَحْلِفُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ وَيَثْبُتُ الْحَقُّ تَبَعًا ق ل وَعِبَارَةُ سم، لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ مَا لَمْ يُرِدْ ثُبُوتَ الْعَقْدِ الَّذِي بَاشَرَهُ بِيَدِهِ فَيَحْلِفُ وَيَثْبُتُ الْحَقُّ ضِمْنًا وَمِثْلُهُ: يَجْرِي فِي الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ ادَّعَى) غَايَةً فِي عَدَمِ حَلِفِ الْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (بِسَبَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>