ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا (شَيْئًا) أَيْ عَيْنًا وَهِيَ (فِي يَدِ أَحَدِهِمَا) وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. (فَالْقَوْلُ) حِينَئِذٍ (قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ بِيَمِينِهِ) إنَّهَا مِلْكُهُ إذْ الْيَدُ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُرَجِّحَةِ. (وَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى بِهِ وَهُوَ الْعَيْنُ. (فِي يَدِهِمَا) وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا (تَحَالَفَا) عَلَى النَّفْيِ فَقَطْ عَلَى النَّصِّ (وَجُعِلَ) ذَلِكَ (بَيْنَهُمَا) نِصْفَانِ لِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ كَمَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُبَاشَرَتِهِ) : عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِمُبَاشَرَةِ سَبَبِهِ اهـ. كَأَنْ قَالَ: أَنَا أَقْرَضْته لَك بِسَبَبِ النَّهْبِ الَّذِي كَانَ حَصَلَ فِي الْبَلَدِ مَثَلًا اهـ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا تَدَاعَيَا) التَّعْبِيرَ بِذَلِكَ إمَّا عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ، أَوْ اعْتِبَارِ صُورَةِ الدَّعْوَةِ الظَّاهِرِيَّةِ، وَإِلَّا فَمَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ يُقَالُ لَهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ: لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلظَّاهِرِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْآخَرُ يُقَالُ لَهُ: مُدَّعٍ لِأَنَّ دَعْوَاهُ مُخَالِفَةٌ لِلظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (فِي يَدِ أَحَدِهِمَا) الْمُرَادُ الْيَدُ الْمُتَأَصِّلَةُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَادَّعَى مَنْ كَانَتْ الْيَدُ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ الْيَدُ الْآنَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ مِنْ إنْسَانٍ أَلْفًا وَقَالَ: أَقَرَّ لِي بِهَا أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةً وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَادَّعَى مِلْكَهُ لَهَا. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْعَيْنُ بِيَدِهِ. وَكَذَا: لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ فَأَكْرَاهَا فَادَّعَى الْمُكْتَرِي شَيْئًا ثَابِتًا فِيهَا أَنَّهُ لَهُ وَقَالَ الْمُكْرِي: هُوَ مِلْكِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ لِأَنَّ الْيَدَ فِي الْأَصْلِ لَهُ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ إذَا تَدَاعَيَاهُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي وَفِي شَرْحِ م ر. وَلَوْ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ دَارٍ وَادَّعَى مِلْكَهُ فَقَالَ رَبُّهَا بَلْ هُوَ ثَوْبِي. أُمِرَ الْآخِذُ بِرَدِّ الثَّوْبِ، حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِأَنَّ الْيَدَ لِصَاحِبِ الدَّارِ كَمَا لَوْ قَالَ: قَبَضْت مِنْهُ أَلْفًا لِي عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ فَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ لَهُ. وَلَوْ قَالَ: أَسْكَنْته دَارِي ثُمَّ أَخْرَجْته مِنْهَا فَالْيَدُ لِلسَّاكِنِ لِإِقْرَارِ الْأَوَّلِ لَهُ بِهَا فَيَحْلِفُ أَنَّهَا لَهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: زَرَعَ لِي تَبَرُّعًا أَوْ بِإِجَارَةٍ إقْرَارًا لَهُ بِيَدٍ، وَلَوْ تَنَازَعَ مُكْتَرٍ وَمُكْرٍ فِي مُتَّصِلٍ بِالدَّارِ كَرَفٍّ أَوْ سُلَّمٍ مُسَمَّرٍ. حَلَفَ الثَّانِي أَوْ مُنْفَصِلٍ كَمَتَاعٍ فَالْأَوَّلُ لِلْعُرْفِ، وَمَا اضْطَرَبَ فِيهِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا إنْ تَحَالَفَا لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا) : وَكَذَا إنْ كَانَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ كَمَا يَأْتِي وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجَلٍ، قَوْلِهِ: تَحَالَفَا أَمَّا إذَا كَانَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَهُوَ لَهُمَا أَيْ مِنْ غَيْرِ تَحَالُفٍ.
قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: عَلَى النَّفْيِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّحَالُفِ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ يَمِينًا تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا. اهـ. شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ م د. قَوْلُهُ: عَلَى النَّفْيِ فَقَطْ، أَيْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ اسْتِحْقَاقِ صَاحِبِهِ لِلنِّصْفِ وَلَا يُكَلَّفُ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ وَلَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِيهِ أَوْ يَقُولَ: لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي قَالَ ق ل: فَالتَّحَالُفُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ يَمِينًا تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا.
فَرْعٌ: اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي أَمْتِعَةِ الْبَيْتِ وَلَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَلَا بَيِّنَةَ وَلَا اخْتِصَاصَ لِأَحَدِهِمَا بِيَدٍ فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ، فَإِذَا حَلَفَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ صَلُحَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ قُضِيَ لَهُ بِهِ. كَمَا لَوْ اخْتَصَّ بِالْيَدِ وَحَلَفَ، وَكَذَا وَارِثُهُمَا وَوَارِثُ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرِ. اهـ. س ل. وَنَقَلَهُ أج عَنْ شَرْحِ م ر ثُمَّ قَالَ: وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ: فَمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَالْقِيَاسُ الَّذِي لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ عِنْدِي بِالْغَفْلَةِ عَنْهُ، أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ إنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ قُضِيَ لَهُ بِهِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي دَوَامِ النِّكَاحِ أَمْ بَعْدَهُ. وَاخْتِلَافُ وَارِثِهِمَا كَهُمَا وَسَوَاءٌ مَا يَصْلُحُ لِلزَّوْجِ، كَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ، وَلِلزَّوْجَةِ كَالْخَلْخَالِ وَالْغَزْلِ أَوْ وَغَيْرِهِمَا كَالدَّرَاهِمِ أَوْ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَالْمُصْحَفِ، وَهُمَا أُمِّيَّانِ وَتَاجُ الْمُلُوكِ وَهُمَا عَامِّيَّانِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا حِسًّا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا حُكْمًا فَمَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ فَلِلزَّوْجِ، وَمَا يَصْلُحُ لِلْأُنْثَى فَلِلزَّوْجَةِ وَاَلَّذِي يَصْلُحُ لَهُمَا يَكُونُ لَهُمَا وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ، قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. بِأَنَّا لَوْ اسْتَعْمَلْنَا الظُّنُونَ لَحُكِمَ فِي دَبَّاغٍ وَعَطَّارٍ تَدَاعَيَا عِطْرًا وَدِبَاغًا فِي أَيْدِيهِمَا. أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهُ وَفِيمَا لَوْ تَنَازَعَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ، فِي لُؤْلُؤٍ أَنْ نَجْعَلَهُ لِلْمُوسِرِ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالظُّنُونِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِالْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ إلَّا فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْمُسْتَفْتِي فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْأَقْوَالَ الضَّعِيفَةَ فِي مَذْهَبِهِ وَلَوْ أَفْتَى الْإِنْسَانُ بِالْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً، وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا لَوْ أَخَذَ شَيْئًا اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute