للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهَا وَضَمَانُ جِنَايَتِهَا بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا.

وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ لِلْخَصْمِ فَلَوْ وَرَّى الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ نَوَى خِلَافَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ أَوْ تَأَوَّلَ بِأَنْ اعْتَقَدَ الْحَالِفُ خِلَافَ نِيَّةِ الْقَاضِي لَمْ يَدْفَعْ إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ شُرِعَتْ لِيَهَابَ الْخَصْمُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا، خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْ صَحَّ تَأْوِيلُهُ لَبَطَلَتْ هَذِهِ الْفَائِدَةُ.

تَتِمَّةٌ: يُسَنُّ تَغْلِيظُ يَمِينِ مُدَّعٍ إذَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ، أَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ وَيَمِينِ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ تَغْلِيظَهَا فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ مَالٌ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَلِعَانٍ. وَفِي مَالٍ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةِ نَقْدٍ عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ، وَالتَّغْلِيظُ يَكُونُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَمَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلَانِيَةَ، وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَهُودِيًّا حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ نَصْرَانِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُطْلَقٍ بِفِعْلٍ لَا يُنْسَبُ لَهُ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ اهـ. وَحَاصِلُ الصُّوَرِ: اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إمَّا فِعْلُهُ، أَوْ فِعْلُ مَمْلُوكِهِ، أَوْ فِعْلُ غَيْرِهِمَا، عَلَى كُلٍّ إمَّا إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي أَحَدَ عَشَرَ. أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: فِي فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ مَمْلُوكِهِ، هَذِهِ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّهُ يَحْلِفُ إمَّا عَلَى الْإِثْبَاتِ أَوْ النَّفْيِ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَا مُطْلَقَيْنِ أَوْ مُقَيَّدَيْنِ. وَبِقَوْلِهِ: وَفِي فِعْلِ غَيْرِهِمَا إثْبَاتًا فِي هَذِهِ صُورَتَانِ: لِأَنَّهُ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ مُقَيَّدٌ. وَقَوْلُهُ: أَوْ نَفْيًا مَحْصُورًا هَذِهِ وَاحِدَةٌ، وَيَتَخَيَّرُ فِي وَاحِدَةٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: لَا فِي نَفْيٍ مُطْلَقٍ.

قَوْلُهُ: (وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقَاضِي) : أَيْ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَلِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَعِبَارَةُ م ر. وَتُعْتَبَرُ فِي الْيَمِينِ مُوَالَاتُهَا وَطَلَبُ الْخَصْمِ لَهَا مِنْ الْحَاكِمِ وَطَلَبُ الْحَاكِمِ لَهَا مِمَّنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَنِيَّةُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ أَوْ الْمُحَكَّمِ أَوْ الْمَنْصُوبِ لِلْمَظَالِمِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ اهـ. قَالَ ع ش: عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ عُرْفُهُمْ فِيمَا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ. اهـ. حَجّ. وَالْمُرَادُ بِالْمُوَالَاةِ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ وَقَوْلِهِ: مَا فَعَلْت كَذَا مَثَلًا اهـ. وَقَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ " مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ أَيْ أَمَّا مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَبَعْضِ الْعُظَمَاءِ أَوْ الظَّلَمَةِ فَتَنْفَعُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَثِمَ الْحَالِفُ إنْ لَزِمَ مِنْهَا تَفْوِيتُ حَقٍّ وَمِنْهُ الْمِشَدُّ وَشُيُوخُ الْبُلْدَانِ وَالْأَسْوَاقِ فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ نَوَى خِلَافَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ) بِأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ ثَوْبًا وَأَنْكَرَ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ ثَوْبًا وَأَرَادَ بِالثَّوْبِ الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ وَهَذَا مَجَازٌ مَهْجُورٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ اعْتَقَدَ إلَخْ) بِأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دِينَارًا قِيمَةَ مُتْلَفٍ فَأَنْكَرَ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي قُلْ: وَاَللَّهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ دِينَارًا فَقَالَهُ: وَنَوَى ثَمَنَ مَبِيعٍ وَنَوَى الْقَاضِي قِيمَةَ الْمُتْلَفِ أَوْ قَصَدَ بِالدِّينَارِ اسْمَ رَجُلٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ صَحَّ تَأْوِيلُهُ) أَيْ أَوْ تَوْرِيَتُهُ.

قَوْلُهُ: (يُسَنُّ تَغْلِيظُ يَمِينٍ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ الَّذِي تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ يَمِينًا مُغَلَّظَةً وَلَا تُغَلَّظُ أَيْضًا عَلَى مَرِيضٍ وَزَمِنٍ وَحَائِضٍ اهـ ز ي وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ التَّغْلِيظَ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ. وَذَكَرَ لَهُ أَمْثِلَةً: مِنْهَا دَعْوَى، الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً فَأَنْكَرَهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا غُلِّظَ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ غُلِّظَ عَلَى الْعَبْدِ مُطْلَقًا. اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (وَطَلَاقٍ) : وَكَذَا فِي خُلْعٍ إنْ بَلَغَ عِوَضُهُ نِصَابًا مُطْلَقًا وَإِلَّا فَعَلَى الْحَالِفِ مِنْهُمَا إنْ كَانَ الْمُدَّعِي الزَّوْجَةَ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي الزَّوْجَ فَلَا تَغْلِيظَ عَلَيْهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (عِشْرِينَ مِثْقَالًا) بَدَلٌ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَيَّ نِصَابٍ كَانَ حَتَّى مِنْ الْإِبِلِ مَثَلًا بِرْمَاوِيٌّ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ نِصَابَ غَيْرِ النَّقْدِ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابَ النَّقْدِ سُنَّ التَّغْلِيظُ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ) وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الْمُصْحَفِ فَيَضَعَ الْمُصْحَفَ فِي حِجْرِهِ وَيَفْتَحَهُ وَيَقُولَ لَهُ: ضَعْ يَدَك عَلَى سُورَةِ بَرَاءَةٌ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: ٧٧] الْآيَةَ فَإِنَّ هَذَا مُرْعِبٌ أَيْ مَخُوفٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُنْدَبُ تَحْلِيفُهُ قَائِمًا ق ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>