للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ بِهِ ضَرَرًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تَرِكَةٍ فَشَهِدَ الِاثْنَانِ لِلشَّاهِدَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ التَّرِكَةِ قُبِلَتْ الشَّهَادَتَانِ فِي الْأَصَحِّ لِانْفِصَالِ كُلِّ شَهَادَةٍ عَنْ الْأُخْرَى، وَلَا تَجُرُّ شَهَادَتُهُ نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ عَنْهُ ضَرَرًا، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَمَحِّضَةِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَفِيمَا لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَا الْآدَمِيِّ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ وَبَقَاءِ عِدَّةٍ وَانْقِضَائِهَا وَحَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى وَكَذَا النَّسَبُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَمَتَى حَكَمَ قَاضٍ بِشَاهِدَيْنِ فَبَانَا غَيْرَ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ كَكَافِرَيْنِ نَقَضَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ. وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ كَمَالِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ أَوْ فَاسِقٌ تَابَ لَمْ تُقْبَلْ التُّهْمَةُ وَتُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ بِشَرْطِ اخْتِبَارِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مُدَّةً يُظَنُّ فِيهَا صِدْقُ تَوْبَتِهِ، وَقَدَّرَهَا الْأَكْثَرُونَ بِسَنَةٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ الْقَوْلُ فَيَقُولُ: قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهِ وَلَا أَعُودُ إلَيْهِ وَيَقُولُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

غَايَتُهُ: أَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ لَهُ فَلَوْ قَالَ: وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَّهَمٍ أَنْ لَا تَجُرَّ إلَيْهِ شَهَادَتُهُ نَفْعًا إلَخْ كَانَ أَوْلَى. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (قُبِلَتْ الشَّهَادَتَانِ) : وَإِنْ اُحْتُمِلَتْ الْمُوَاطَأَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا، وَأُخِذَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ بِيَدِ اثْنَيْنِ عَيْنٌ وَادَّعَاهَا ثَالِثٌ فَشَهِدَ كُلٌّ لِلْآخَرِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي قَبْلُ إذْ لَا يَدَ لِكُلٍّ عَلَى مَا ادَّعَى بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، حَتَّى تَدْفَعَ شَهَادَتُهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَشَهِدَ بِهِ لِآخَرَ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ) مِنْ الِاحْتِسَابِ وَهُوَ طَلَبُ الْأَجْرِ سَوَاءٌ سَبَقَهَا دَعْوَى أَمْ لَا كَانَتْ فِي غَيْبَةِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ. أَمْ لَا بِرْمَاوِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. وَحُكْمُ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ الْوُجُوبُ لِأَنَّ فِيهَا إزَالَةَ مُحَرَّمٍ وَخَبَرُ «شَرُّ الشُّهُودِ الَّذِي يَشْهَدُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ» مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ وَوَرَدَ فِيهَا «خَيْرُ الشُّهُودِ الَّذِي يَشْهَدُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ» قَوْلُهُ: (كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ) أَيْ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّ فُلَانًا تَرَكَ ذَلِكَ وَصَوَّرَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ بِقَوْلِهِ: وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي: نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ نَشْهَدُ عَلَيْهِ فَإِنْ ابْتَدَءُوا وَقَالُوا: فُلَانٌ زَنَى فَهُمْ قَذَفَةٌ وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَنَّهُ أَخُو فُلَانَةَ مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَا إنَّهُ يَسْتَرِقُّهُ. أَوْ إنَّهُ يُرِيدُ نِكَاحَهَا

أَمَّا حَقُّ الْآدَمِيِّ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ: فَهُمْ قَذَفَةٌ مَا لَمْ يُتْبِعُوهُ بِقَوْلِهِمْ وَنَشْهَدُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْحِسْبَةِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، اُنْظُرْ أَيَّ حَاجَةٍ تَتَوَقَّفُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا فِي النَّسَبِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ بِمَا إذَا وَقَفَ شَيْئًا عَلَى أَوْلَادِهِ فَشَهِدَ بِأَنَّ فُلَانًا وَلَدَهُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ كَانَ بِيَدِهِ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَيُرِيدُ بَيْعَهُ، فَشَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ فُلَانًا وَلَدَ فُلَانٍ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَيُرِيدُ بَيْعَهُ الْآنَ فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنَّ هَذِهِ حَاجَةٌ وَأَيُّ حَاجَةٍ لِتَخْلِيصِهِ لَهُ مِنْ الرِّقِّ وَتَدَاوُلِ الْأَيْدِي عَلَيْهِ وَإِجْرَاءِ حُكْمِ الْأَرِقَّاءِ عَلَيْهِ اهـ خ ض.

قَوْلُهُ: (حَقٌّ مُؤَكَّدٌ) هُوَ صِيَانَةُ الْأَبْضَاعِ عَنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ أَيْ لَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِوُقُوعِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: لَا يَقَعُ بِرِضَى الزَّوْجِ بَلْ يَقَعُ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ.

قَوْلُهُ: (كَطَلَاقٍ) : بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَهُوَ يُعَاشِرُهَا وَقَوْلُهُ: وَعِتْقٍ بِأَنْ شَهِدُوا بِأَنَّ فُلَانًا عَتَقَ عَبْدُهُ، وَهُوَ يَسْتَخْدِمُهُ أَوْ يُرِيدُ بَيْعَهُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَعِتْقٍ أَيْ غَيْرِ ضِمْنِيٍّ أَمَّا الضِّمْنِيُّ كَمَنْ شَهِدَ لِشَخْصٍ بِشِرَاءِ قَرِيبِهِ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ فَلَا تَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِشِرَاءِ بَعْضِهِ تَتَضَمَّنُ عِتْقَهُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ وَمِثْلُ الْعِتْقِ الِاسْتِيلَادُ دُونَ التَّدْبِيرِ وَتَعْلِيقِ الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَشِرَاءِ بَعْضِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقَ لِكَوْنِهَا عَلَى الْمِلْكِ وَالْعِتْقُ تَبَعٌ اهـ ز ي.

وَقَوْلُهُ: وَعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا عَفَا عَنْ قَاتِلِ أَبِيهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ: وَبَقَاءِ عِدَّةٍ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانَةَ فِي الْعِدَّةِ وَتُرِيدُ أَنْ تَتَزَوَّجَ. وَقَوْلُهُ: وَانْقِضَائِهَا أَيْ الْعِدَّةِ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا مُرَادُهُ يُرَاجِعُ زَوْجَتَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ فَاسِقٌ) عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي أَعَادَهَا، وَالْمَعْنَى شَهِدَ فَاسِقٌ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ تَابَ وَأَعَادَهَا فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ وَأَمَّا إذَا شَهِدَ فِي دَعْوَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ تَوْبَتِهِ قُبِلَتْ وَكَذَا يُقَالُ: فِي خَارِمِ الْمُرُوءَةِ.

قَوْلُهُ: (بِسَنَةٍ) : وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَقْرِيبِيَّةٌ لَا تَحْدِيدِيَّةٌ فَيُغْتَفَرُ مِثْلُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ لَا مَا زَادَ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي خَارِمِ الْمُرُوءَةِ إذَا أَقْلَعَ عَنْهُ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ، وَكَذَا مِنْ الْعَدَاوَةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>