للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَقْصٍ. وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ مُبَاحَةٌ كَحِجَامَةٍ، وَكَنْسُ زِبْلٍ وَنَحْوِهِ، وَدَبْغٌ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِهِ. وَاعْتُرِضَ جَعْلُهُمْ الْحِرْفَةَ الدَّنِيئَةَ مِمَّا يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَأُجِيبَ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ حُصُولِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ أَمَّا الْحِرْفَةُ غَيْرُ الْمُبَاحَةِ كَالْمُنَجِّمِ وَالْعَرَّافِ وَالْكَاهِنِ وَالْمُصَوِّرِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لِأَنَّ شِعَارَهُمْ التَّلْبِيسُ.

تَنْبِيهٌ: هَذَا الشَّرْطُ الْخَامِسُ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ لَا فِي الْعَدَالَةِ فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ عَدْلًا لَكِنَّ شَهَادَتَهُ لَمْ تُقْبَلْ لِفَقْدِ مُرُوءَتِهِ، وَمِنْ شُرُوطِ الْقَبُولِ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ مُتَّهَمًا وَالتُّهْمَةُ أَنْ يَجُرَّ إلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ نَفْعًا أَوْ يَدْفَعَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ: تَحْرِيمُ الْآلَةِ فَقَطْ وَبَقَاءُ الْغِنَاءِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَقَالَ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ: لَوْ أَخْبَرَ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ بِأَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَنْفَعُهُ لِمَرَضِهِ إلَّا الْعُودُ، عُمِلَ بِخَبَرِهِمَا وَحَلَّ لَهُ اسْتِمَاعُهُ كَالتَّدَاوِي بِنَجِسٍ فِيهِ الْخَمْرُ اهـ.

وَمَا قِيلَ عَنْ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ مِنْ جَوَازِ اسْتِمَاعِ الْآلَاتِ الْمُطْرِبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ النَّشَاطِ عَلَى الذِّكْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ تَهَوُّرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ. فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ الْغِنَاءِ الْمُحَرَّمِ مَا اُعْتِيدَ عِنْدَ مُحَاوَلَةِ عَمَلٍ وَحَمْلٍ ثَقِيلٍ كَحِدَاءِ الْأَعْرَابِ لِإِبِلِهِمْ وَغِنَاءِ النِّسَاءِ لِتَسْكِينِ صِغَارِهِمْ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ.

قَاعِدَةٌ: كُلُّ طَبْلٍ حَلَالٌ إلَّا الدَّرَبُكَّةُ، وَكُلُّ زَمَّارَةٍ حَرَامٌ إلَّا زَمَّارَةُ النَّفِيرِ لِلْحَاجِّ. قَالَ سم: اُنْظُرْ وَلَوْ مِنْ بِرْسِيمٍ، كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ: وَلَا مَانِعَ مِنْ التَّعْمِيمِ وَصَرَّحَ بِهِ ح ل. فَقَالَ: وَمِزْمَارٌ مِنْ خَشَبٍ أَوْ بُوصٍ أَوْ بِرْسِيمٍ وَمِثْلُهَا الْقِرْبَةُ. وَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يَضْرِبُ فِيهِ الْفُقَرَاءُ وَيُسَمُّونَهُ طَبْلَ الْبَازِ، وَمِثْلُهُ طَبْلَةُ الْمُسَحِّرِ فَهُمَا جَائِزَانِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَكُلُّ حَرَامٍ حَرُمَ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَيَحْرُمُ عُودٌ وَصَنْجٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيُسَمَّى الصَّفَاقَتَيْنِ، وَهُمَا مِنْ صُفْرٍ أَيْ نُحَاسٍ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى كَالنُّحَاسَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُضْرَبُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، يَوْمَ خُرُوجِ الْمَحْمَلِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَرَاءُ الْمُسَمَّى بِالْكَاسَاتِ وَمِثْلُهَا قِطْعَتَانِ مِنْ صِينِيٍّ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَمِثْلُهُمَا خَشَبَتَانِ يُضْرَبُ بِإِحْدَاهُمَا، وَالتَّصْفِيقُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيَةٍ كَمَا فِي ح ل.

قَوْلُهُ: (وَإِكْثَارُ رَقْصٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ تَكَسُّرٌ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّقْصُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ امْرَأَةٍ، وَيَحْرُمُ تَرْقِيصُ الْقُرُودِ وَالتَّفَرُّجُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ مُنَاطَحَةِ الْكِبَاشِ وَمُهَارَشَةِ الدِّيَكَةِ ز ي وأ ج قَالَ ح ل: وَهَلْ مِنْ الْحَرَامِ لَعِبُ الْبَهْلَوَانِ: وَاللَّعِبُ بِالْحَيَّاتِ، الرَّاجِحُ الْحِلُّ حَيْثُ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ وَيَجُوزُ التَّفَرُّجُ عَلَى ذَلِكَ.

وَكَذَا يَحِلُّ اللَّعِبُ بِالْخَاتَمِ وَبِالْحَمَامِ حَيْثُ لَا مَالَ اهـ. قَوْلُهُ: (وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ) قَيَّدَ ذَلِكَ فِي الْإِرْشَادِ بِإِدَامَتِهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِإِدَامَتِهَا مَا لَوْ كَانَ يُحْسِنُهَا وَلَا يَفْعَلُهَا أَوْ يَفْعَلُهَا أَحْيَانًا فِي بَيْتِهِ وَهِيَ لَا تَزْرِي فَلَا تَنْخَرِمُ بِهَا مُرُوءَتُهُ اهـ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْحِرَافِ الشَّخْصِ إلَيْهَا لِلتَّكَسُّبِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الصِّنَاعَةِ لِاعْتِبَارِ الْآلَةِ فِي الصِّنَاعَةِ دُونَهَا ق ل. قَالَ ز ي: وَاعْتُرِضَ قَوْلُهُمْ: الْحِرْفَةُ الدَّنِيئَةُ مِمَّا تَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ. مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ. وَأُجِيبَ: بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ حُصُولِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الْحِرْفَةُ إلَخْ) : عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ أَهْلِهَا لِيَصِحَّ التَّمْثِيلُ وَالْإِخْبَارُ. فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ حُكْمُ الْحِرْفَةِ غَيْرِ الْمُبَاحَةِ مِثْلَ حُكْمِ الْمُبَاحَةِ فَلَا يَفْصِلُهَا عَنْهَا. فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَمِثْلُ الْحِرْفَةِ الْمُبَاحَةِ غَيْرُهَا بِالْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (كَالْمُنَجِّمِ) أَيْ الَّذِي يَعْتَمِدُ مَنَازِلَ النُّجُومِ بِأَنْ يَقُولَ إذَا جَاءَ النَّجْمُ الْفُلَانِيُّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ حَصَلَ كَذَا، وَالْكَاهِنُ الَّذِي يُخْبِرُ بِالْغَيْبِ بِأَنْ يَقُولَ غَدًا يَحْصُلُ مَوْتٌ أَوْ قَتْلٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْعَرَّافِ) كَشُيُوخِ الْبِلَادِ وَآخِذِي الْمُكُوسِ أج وَكَوْنُ مَشْيَخَةِ الْبُلْدَانِ حِرْفَةً فِيهِ نَظَرٌ. وَإِنْ كَانَ مَشَايِخُ الْبُلْدَانِ يُعَرِّفُونَ الْحَاكِمَ مَا عَلَى النَّاسِ مِنْ الْأَمْوَالِ.

وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْعَرَّافُ بِالتَّشْدِيدِ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ الْمَاضِي وَالْكَاهِنُ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ. وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ: الْعَرَّافُ وَالْعَرِيفُ الْقَيِّمُ بِأَمْرِ قَبِيلَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ يَلِي أَمْرَهُمْ وَيَتَعَرَّفُ مِنْهُ الْحَاكِمُ حَالَهُمْ اهـ.

قَوْلُهُ: (التَّلْبِيسُ) أَيْ التَّدْلِيسُ.

قَوْلُهُ: (إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ) : كَمَا صَنَعَهُ سَابِقًا فِي الشَّرْطِ السَّادِسِ مِنْ شُرُوطِ الْعَدَالَةِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ شُرُوطِ الْقَبُولِ إلَخْ) : هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فِي شَهَادَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>