يَكْثُرْ أَوْ كَانَ ذَلِكَ طَبْعًا لَا تَصَنُّعًا كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَلُبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً أَوْ قَلَنْسُوَةً فِي مَحَلٍّ لَا يَعْتَادُ الْفَقِيهُ لُبْسَ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِكْبَابٌ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ بِحَيْثُ يَشْغَلُهُ عَنْ مُهِمَّاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ مَا يُحَرِّمْهُ أَوْ عَلَى غِنَاءٍ أَوْ اسْتِمَاعِهِ، وَإِكْثَارُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى كَلِمَةٍ فِي الْغَيْرِ بِبَاطِلٍ يُضْحِكُ بِهَا أَعْدَاءَهُ لِأَنَّ فِي الْإِيذَاءِ مَا يُعَادِلُ مَا فِي كَبَائِرَ كَثِيرَةٍ مِنْهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَقَوْلُهُ: يُضْحِكُ أَيْ يَقْصِدُ ذَلِكَ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ لِجَلْبِ دُنْيَا تَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ أَوْ مُجَرَّدِ الْمُبَاسَطَةِ ع ش عَلَى م ر وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ:
قَدْ رُمِينَا مِنْ الزَّمَانِ بِسَهْمٍ ... قَدَّمَ النَّذْلَ وَالْكَرِيمُ تَأَخَّرْ
مَاتَ مَنْ عَاشَ بِالْفَضِيلَةِ جُوعًا ... وَحَظَا مَنْ يَقُودُ أَوْ يَتَمَسْخَرْ
وَتَقْيِيدُ الْإِكْثَارِ بِهَذَا يُفْهِمُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي نَحْوِ قُبْلَةِ حَلِيلَتِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فِي طَرِيقٍ فَلَا يُعْتَبَرُ تَكَرُّرُهُ اهـ. وَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ تَقْبِيلَ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ لَا يَضُرُّ. قَوْلُهُ: (طَبْعًا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: عَادَةً.
قَوْلُهُ: (وَلُبْسُ فَقِيهٍ إلَخْ) الْأَوْضَحُ وَلُبْسُ الْإِنْسَانِ مَا لَمْ تَجْرِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ بِهِ كَلُبْسِ الْعَالِمِ لُبْسَ حَمَّارٍ وَبِالْعَكْسِ وَلُبْسِ خَوَاجَةٍ لُبْسَ حَمَّارٍ.
قَوْلُهُ: (قَبَاءً) هُوَ الْمَفْتُوحُ مِنْ أَمَامِهِ وَخَلْفِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ طَرَفَيْهِ وَأَمَّا الْقَبَاءُ الْمَشْهُورُ الْآنَ الْمَفْتُوحُ مِنْ أَمَامِهِ فَقَطْ فَقَدْ صَارَ شِعَارًا لِلْفُقَهَاءِ وَنَحْوِهِمْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ قَلَنْسُوَةً) وَهِيَ غِطَاءٌ مُبَطَّنٌ يُلْبَسُ عَلَى الرَّأْسِ وَحْدَهُ ز ي كَالْكُوفِيَّةِ وَأَهْلِ الْيَمَنِ وَجَمْعُهَا قَلَانِسُ عَبْدُ الْبَرِّ قَالَ م ر: وَهَلْ تَعَاطِي خَارِمِ الْمُرُوءَةِ حَرَامٌ مُطْلَقًا أَوْ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا أَوْ يُفَصَّلُ أَقْوَالٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ شَهَادَةٌ حَرُمَ كَأَنْ كَانَ مُحْتَمِلًا لِشَهَادَةٍ وَإِلَّا فَلَا اهـ. بَابِلِيٌّ وَيَنْبَغِي الْكَرَاهِيَةُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَعَاطِي خَارِمِ الْمُرُوءَةِ عَلَى أَوْجُهٍ أَوْجَهُهَا حُرْمَتُهُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا رَدُّ شَهَادَةٍ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَقَصَدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّبَبُ فِي إسْقَاطِ مَا تَحَمَّلَهُ وَصَارَ أَمَانَةً عِنْدَهُ لِغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ بِحُرُوفِهِ.
١ -
ضَابِطٌ: لَيْسَ لَنَا فَاسِقٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إلَّا شَارِبَ النَّبِيذِ الْحَنَفِيَّ. اهـ. رَحْمَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَإِكْبَابٌ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ) الْإِكْبَابُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَالْكَلَامُ إذَا خَلَا عَنْ الْمَالِ. وَإِلَّا فَحَرَامٌ ز ي وَالْإِكْبَابُ الْمُلَازَمَةُ وَقَوْلُ ز ي وَإِلَّا فَحَرَامٌ لِأَنَّ الْمَالَ إنْ كَانَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ يَكُونُ قِمَارًا وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا يَكُونُ مُسَابَقَةً عَلَى غَيْرِ آلَةِ الْقِتَالِ فَلَعِبُ الشِّطْرَنْجِ لَهُ ثَلَاثَةُ حَالَاتٍ عِنْدَ الشَّارِحِ: يَكُونُ مَكْرُوهًا إنْ خَلَا عَنْ الْمَالِ وَكَانَ قَلِيلًا، وَيَكُونُ حَرَامًا إنْ اشْتَمَلَ عَلَى مَالٍ، وَيَكُونُ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ إنْ أَكْثَرَ مِنْهُ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِكْبَابٌ إلَخْ. وَإِنْ قُلْنَا: الْإِكْبَابُ لَيْسَ بِقَيْدٍ يَكُونُ لَهُ حَالَتَانِ: الْكَرَاهَةُ، وَالْحُرْمَةُ، مَعَ خَرْمِ الْمُرُوءَةِ فِيهِمَا وَمِثْلُ الشِّطْرَنْجِ الْمِنْقَلَةُ وَالسِّيجَةُ السَّبْعَاوِيَّةُ وَالْخَمْسَاوِيَّة إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ طَابٍ أَوْ مَالٍ. أَمَّا مَعَ ذَلِكَ فَحَرَامٌ وَكَذَا الطَّابُ وَحْدَهُ حَرَامٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَى غِنَاءٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالشِّعْرِ.
وَيَحْرُمُ اسْتِمَاعُ غِنَاءِ أَجْنَبِيَّةٍ وَأَمْرَدَ إنْ خِيفَ مِنْهُ فِتْنَةٌ، أَوْ نَحْوُ نَظَرٍ مُحَرَّمٍ وَإِلَّا كُرِهَ ز ي أَيْ لِمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ " إنَّهُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ " اهـ. أَيْ يَكُونُ سَبَبًا لِحُصُولِ النِّفَاقِ فِي قَلْبِ مَنْ يَفْعَلُهُ بَلْ أَوْ يَسْتَمِعُهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ وَاسْتِمَاعَهُ يُورِثُ مُنْكَرًا وَاشْتِغَالًا بِمَا يُفْهَمُ مِنْهُ كَمَحَاسِنِ النِّسَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذَا قَدْ يُورِثُ فِي فَاعِلِهِ ارْتِكَابَ أُمُورٍ تَحْمِلُ فَاعِلَهُ عَلَى أَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ ذَكَرَهُ ع ش عَلَى م ر. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: الْغِنَاءُ إنْ قَصَدَ بِهِ تَرْوِيحَ الْقَلْبِ لِيَقْوَى عَلَى طَاعَةٍ فَهُوَ طَاعَةٌ أَوْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَهُوَ لَهْوٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَالْغِنَى بِالْقَصْرِ ضِدُّ الْفَقْرِ وَبِالْفَتْحِ مَعَ الْمَدِّ النَّفْعُ قَالَ الشَّيْخُ سُلْطَانٌ: وَلَيْسَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. فَإِنْ لَحَّنَ فِيهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُشَدَّدَةِ حَتَّى أَخْرَجَهُ إلَى حَدٍّ لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْقُرَّاءِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا. وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَبِيرَةً كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَفْسُقُ الْقَارِئُ بِذَلِكَ وَيَأْثَمُ الْمُسْتَمِعُ لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ. وَيَحْرُمُ سَمَاعُ الْآلَةِ كَالْعُودِ وَالرَّبَابِ وَالسِّنْطِيرِ، فَقَوْلُهُ: عَلَى غِنَاءٍ أَيْ إنْ خَلَا. عَنْ الْآلَةِ وَإِلَّا فَحَرَامٌ، وَالْحَرَامُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اسْتِمَاعُ الْآلَةِ قَالَ م ر: وَمَتَى اقْتَرَنَ بِالْغِنَاءِ آلَةٌ مُحَرَّمَةٌ فَالْقِيَاسُ كَمَا