للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخِيَارٌ وَأَجَلٌ وَذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] . وَرَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ» زَادَ الشَّافِعِيُّ «فِي الْأَمْوَالِ» وَقِيسَ بِمَا فِيهِ مَا فِيهِ مَالٌ.

تَنْبِيهٌ: مِنْ هَذَا الضَّرْبِ الْوَقْفُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَقْوَى مِنْ الْمَعْنَى وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ.

(وَ) الثَّالِثُ (ضَرْبٌ يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدَانِ) رَجُلَانِ (أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ) مُنْفَرِدَاتٍ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الضَّرْبُ الثَّالِثُ فِي كُلِّ (مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ) غَالِبًا كَبَكَارَةٍ وَوِلَادَةٍ وَحَيْضٍ وَرَضَاعٍ وَعَيْبِ امْرَأَةٍ تَحْتَ ثَوْبِهَا كَجِرَاحَةٍ عَلَى فَرْجِهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَاسْتِهْلَالِ وَلَدٍ لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: «مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

شُبْهَةٍ، أَوْ خُلْعٍ وَقَتْلٌ خَطَأً وَقَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، وَقَتْلُ حُرٍّ عَبْدًا وَمُسْلِمٍ ذِمِّيًّا وَوَالِدٍ وَلَدًا وَسَرِقَةٌ لَا قَطْعَ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَأَجَلٍ) أَيْ وَكَذَا جِنَايَةٌ تُوجِبُ مَالًا. قَوْلُهُ: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} [البقرة: ٢٨٢] : أَيْ إنْ لَمْ يُرِدْ إقَامَتَهُمَا فَلَا يُقَالُ: إنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي أَنَّ كِفَايَةَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ فَقْدِ الرَّجُلَيْنِ اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ أَوْ التَّقْدِيرِ. فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ مَرْغُوبًا فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ هَذَا الضَّرْبِ الْوَقْفُ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ فَوَائِدُهُ أَوْ أُجْرَتُهُ وَهِيَ مَالٌ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ شَخْصًا ادَّعَى مِلْكًا تَضَمَّنَ وَقْفِيَّةً كَأَنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِأَبِي وَوَقَفَهَا عَلَيَّ وَأَنْتَ غَاصِبٌ لَهَا وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ. ثُمَّ تَصِيرُ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ، وَيَمِينٍ قَالَهُ: فِي الْبَحْرِ م ر.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَعْنَى) : وَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَيْ لَا رَجُلٌ وَيَمِينٌ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (كَبَكَارَةٍ) كَأَنْ زُوِّجَتْ بِشَرْطِ أَنَّهَا بِكْرٌ. فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْبَكَارَةِ أَيْ بِوُجُودِهَا عِنْدَهُ وَأَنَّهُ أَزَالَهَا وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَانَ فِي ذَلِكَ حَقٌّ آدَمِيٌّ فَصَحَّ التَّمْثِيلُ بِهِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي إزَالَةِ الْبَكَارَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَقَالَتْ: أَزَالَهَا وَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ فَتُصَدَّقُ هِيَ بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ فَسْخِهِ، وَيُصَدَّقُ هُوَ بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ وُجُوبِ كَمَالِ الْمَهْرِ، وَعِبَارَةُ ز ي. وَقَوْلُهُ: كَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ وَحُمِلَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ.

قَوْلُهُ: (وَوِلَادَةٍ) : أَيْ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُ النَّسَبِ. فَفِيهَا حَقُّ آدَمِيٍّ، وَكَذَا الْحَيْضُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: وَرَضَاعٍ، يُتَأَمَّلُ فِي كَوْنِهِ فِيهِ حَقُّ آدَمِيٍّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِأَنَّهُ ارْتَضَعَ عَلَى أُمِّ زَوْجَتِهِ لِيَكُونَ النِّكَاحُ بَاطِلًا وَقَوْلُهُ: وَعَيْبِ امْرَأَةٍ إلَخْ أَيْ لِتُرَدَّ فِي الْبَيْعِ وَفِي النِّكَاحِ. وَإِذَا ثَبَتَتْ الْوِلَادَةُ بِالنِّسَاءِ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ تَبَعًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَازِمٌ شَرْعًا لِلْمَشْهُودِ بِهِ، لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ثُبُوتِ الْإِرْثِ ثُبُوتُ حَيَاةِ الْمَوْلُودِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا فِي شَهَادَتِهِنَّ بِالْوِلَادَةِ لِتَوَقُّفِ الْإِرْثِ عَلَيْهَا، فَلَا يُمْكِنُ ثُبُوتُهُ قَبْلَ ثُبُوتِهَا أَمَّا لَوْ لَمْ يَشْهَدْنَ بِالْوِلَادَةِ بَلْ بِحَيَاةِ الْمَوْلُودِ، فَلَا يَقْبَلْنَ لِأَنَّ الْحَيَاةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا حَجّ س ل، مَعَ زِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ: وَوِلَادَةٍ. وَإِنْ قَالَ الشَّاهِدُ: إنْ تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ لِلْفَرْجِ لَا لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ كَمَا فِي ح ل. قَوْلُهُ: (وَحَيْضٍ) صَرِيحٌ فِي إمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُهُمْ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ تَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ: مَا هُنَا كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَعَيْبِ امْرَأَةٍ) : كَرَتْقٍ وَقَرْنٍ وَجُرْحٍ عَلَى فَرْجٍ، كَمَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ هَذَا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ بِهَا عَالِمًا بِالطِّبِّ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ، فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ. اهـ. ز ي. قَوْلُهُ: (تَحْتَ ثَوْبِهَا) وَالْمُرَادُ بِتَحْتِ ثَوْبِهَا مَا لَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا م ر وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَخَرَجَ بِعَيْبِ امْرَأَةٍ إلَخْ. وَعِبَارَةُ م ر وَخَرَجَ بِتَحْتَ الثَّوْبِ وَالْمُرَادُ مِنْهَا مَا لَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا عَيْبُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ الْحُرَّةِ فَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِهِ إنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مَالٌ مِنْ رَجُلَيْنِ وَكَذَا فِيمَا يَبْدُو عِنْدَ مِهْنَةِ الْأَمَةِ إذَا قُصِدَ بِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ مَثَلًا أَمَّا إذَا قُصِدَ بِهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٍ وَيَمِينٍ، إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْمَالُ شَرْحُ م ر وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ مَحْضُ النِّسَاءِ. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (وَاسْتِهْلَالِ) أَيْ نُزُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>