وَشَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ وَكَفَالَةٍ وَشَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْوِصَايَةِ. وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ: «مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ» وَقِيسَ بِالْمَذْكُورَاتِ غَيْرُهَا مِمَّا يُشَارِكُهَا فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَالْوَكَالَةُ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي مَالٍ الْقَصْدُ مِنْهَا الْوِلَايَةُ وَالسَّلْطَنَةُ. لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ اخْتِلَافَهُمْ فِي الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ رَامَ مُدَّعِيهمَا إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ أَوْ إثْبَاتَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَيَثْبُتَانِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إذْ الْمَقْصُودُ الْمَالُ وَيَقْرُبُ مِنْهُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ لِإِثْبَاتِ الْمَهْرِ أَوْ شَطْرِهِ أَوْ الْإِرْثِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالُ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ بِهِمَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ.
(وَ) الثَّانِي (ضَرْبٌ يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدَانِ) رَجُلَانِ (أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ شَاهِدٌ) أَيْ رَجُلٌ وَاحِدٌ. (وَيَمِينُ الْمُدَّعِي) بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ وَبَعْدَ تَعْدِيلِهِ. وَيَذْكُرُ حَتْمًا فِي حَلِفِهِ صَدْقَ شَاهِدهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالشَّهَادَةَ حُجَّتَانِ مُخْتَلِفَتَا الْجِنْسِ فَاعْتُبِرَ ارْتِبَاطُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى لِيَصِيرَا كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الضَّرْبُ الثَّانِي فِي كُلِّ (مَا كَانَ) مَالًا عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً أَوْ كَانَ (الْقَصْدُ مِنْهُ الْمَالَ) مِنْ عَقْدٍ مَالِيٍّ أَوْ فَسَخَهُ أَوْ حَقٍّ مَالِيٍّ كَبَيْعٍ وَمِنْهُ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَإِقَالَةٌ وَضَمَانٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِأَجْلِ أَنْ تَعْتَدَّ زَوْجَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ.
قَوْلُهُ: (وَوِصَايَةٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْإِيصَاءُ.
قَوْلُهُ: (وَشَرِكَةٍ) أَيْ وَعَقْدِ الشَّرِكَةِ لَا كَوْنُ مَالٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا ع ش. قَوْلُهُ: (وَكَفَالَةٍ) أَيْ الْوَدِيعَةٍ. وَصُورَتُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ مَالِكُهَا غَصْبَ ذِي الْيَدِ لَهَا وَذُو الْيَدِ يَدَّعِي أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ إثْبَاتُ وِلَايَةِ الْحِفْظِ لَهُ. وَعَدَمُ الضَّمَانِ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. س ل. فَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ وَعُلِمَ مَحَلُّهُ فَطَلَبَ مِنْ الْكَفِيلِ إحْضَارَهُ وَأَدَاءَ الْمَالِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْإِحْضَارِ فَأَنْكَرَ الْكَفَالَةَ فَأَقَامَ الْمَكْفُولُ لَهُ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ لِطَلَبِ الْمَالِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ يُنْسَبُ إلَى مَيِّتٍ فَيَثْبُتُ الْإِرْثُ لَا النَّسَبُ اهـ.
قَوْلُهُ: (مَضَتْ) : أَيْ ثَبَتَتْ وَتَقَرَّرَتْ السُّنَّةُ أَيْ الطَّرِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ) : وَهُوَ مَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهَا) : أَيْ الْوَصِيَّةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْقِرَاضُ وَقَوْلُهُ: لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ: مُعْتَمَدٌ ح ل.
قَوْلُهُ: (اخْتِلَافَهُمْ فِي الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ) : أَيْ هَلْ يُقْبَلُ فِيهِمَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ لَا يُقْبَلُ إلَّا رَجُلَانِ.
قَوْلُهُ: (إنْ رَامَ) أَيْ قَصَدَ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْوَكِيلِ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيَقْرُبُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ادِّعَاءِ إثْبَاتِ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ.
قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ هَذَا مَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ) بِأَنْ أُرِيدَ إثْبَاتُ الْعِصْمَةِ وَمُرَادُهُ بِهَا الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ) هَلْ الْقَضَاءُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مَعًا أَوْ بِالشَّاهِدِ فَقَطْ وَالْيَمِينُ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا أَوَّلُهَا: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَغْرَمُ النِّصْفَ وَعَلَى الثَّانِي الْكُلَّ وَعَلَى الثَّالِثِ لَا شَيْءَ م د.
قَوْلُهُ: (صِدْقَ شَاهِدِهِ) : أَيْ قُبَيْلَ ذِكْرِهِ الِاسْتِحْقَاقَ أَوْ بَعْدَهُ نَحْوُ: وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ لِي وَإِنِّي أَسْتَحِقُّهُ أَوْ إنِّي أَسْتَحِقُّهُ وَإِنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ فَإِنْ تَرَكَ الْيَمِينَ وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ خَصْمُهُ سَقَطَتْ الدَّعْوَى وَمُنِعَ هُوَ مِنْ الْعَوْدِ لِلْيَمِينِ مَعَ شَاهِدٍ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ سم لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ طَلَبِ يَمِينِ خَصْمِهِ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الْحَلِفِ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ فَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ سُمِعَتْ كَمَا فِي ح ل.
قَوْلُهُ: (حُجَّتَانِ) : أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْهُمَا هُنَا نِصْفُ حُجَّةٍ لِأَنَّ الْحُجَّةَ مَجْمُوعُهُمَا.
قَوْلُهُ: (ارْتِبَاطُ) وَالِارْتِبَاطُ يَكُونُ بِذِكْرِ صِدْقِ شَاهِدِهِ فِي حَلِفِهِ.
قَوْلُهُ: (كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ) الْأَوْلَى كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ) أَيْ مُتَحَقِّقٌ فِي كُلِّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَقْدٍ مَالِيٍّ) : أَيْ مَا عَدَا الشَّرِكَةَ وَالْقِرَاضَ وَالْكَفَالَةَ أَمَّا هِيَ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رَجُلَيْنِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إثْبَاتَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أج.
قَوْلُهُ: (وَإِقَالَةٌ) : الْأَصَحُّ أَنَّهَا فَسْخٌ فَهِيَ تَمْثِيلٌ لَهُ لَا بَيْعٌ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (وَضَمَانٌ) : هُوَ مِثَالٌ لِلْعَقْدِ الْمَالِيِّ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ عَقِبَهُ. وَعِبَارَةُ ق ل وَضَمَانٌ، وَإِبْرَاءٌ، وَقَرْضٌ، وَوَقْفٌ، وَصُلْحٌ، وَشُفْعَةٌ، وَرَدٌّ بِعَيْبٍ، وَمُسَابَقَةٌ، وَغَصْبٌ، وَوَصِيَّةٌ بِمَالٍ، وَإِقْرَارٌ، وَمَهْرٌ فِي نِكَاحٍ، أَوْ وَطْءِ