للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَكْفِي الشَّاهِدَ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ كَذَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ مَبْنِيَّةً عَلَيْهَا بَلْ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ ابْنُهُ مَثَلًا لِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ خِلَافُ مَا سَمِعَ مِنْ النَّاسِ وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالشَّهَادَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ بِذِكْرِهِ، تَرَدُّدٌ فِي الشَّهَادَةِ فَإِنْ ذَكَرَهُ لِتَقْوِيَةٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَةَ وَلَدَتْ فُلَانًا وَأَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ فُلَانًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْفِعْلِ الْإِبْصَارُ وَبِالْقَوْلِ: الْإِبْصَارُ وَالسَّمْعُ وَشَرْطُ الِاسْتِفَاضَةِ الَّتِي يَسْتَنِدُ الشَّاهِدُ إلَيْهَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ سَمَاعُ الْمَشْهُودِ بِهِ مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ يُؤْمَنُ تَوَافُقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ بِحَيْثُ يَقَعُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ. كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهَادَةِ اعْتِمَادُ الْيَقِينِ وَإِنَّمَا يَعْدِلُ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهِ إلَى ظَنٍّ يَقْرُبُ مِنْهُ عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ. (وَ) الْمَوْضُوعُ الرَّابِعُ (التَّرْجَمَةُ) إذَا اتَّخَذَهُ الْقَاضِي مُتَرْجِمًا وَقُلْنَا: بِجَوَازِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهَا لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ. وَقَوْلُهُ: (وَمَا شَهِدَ بِهِ قَبْلَ الْعَمَى) سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَمَنْ عَدَّ الْمَوَاضِعَ سِتَّةً عَدَّ ذَلِكَ وَمَنْ عَدَّهَا خَمْسَةً لَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْمَى لَوْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً فِيمَا يَحْتَاجُ لِلْبَصَرِ قَبْلَ عُرُوضِ الْعَمَى لَهُ ثُمَّ عَمِيَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِدَ بِمَا تَحَمَّلَهُ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ لِإِمْكَانِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ أَقَرَّ لِفُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ بِكَذَا بِخِلَافِ مَجْهُولَيْهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ نَعَمْ لَوْ عَمِيَ وَيَدُهُمَا أَوْ يَدُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي يَدِهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا مَعَ تَمْيِيزِهِ لَهُ مِنْ خَصْمِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْمَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي الْأُولَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَاصِلُهُ) أَيْ الشُّهُودِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالْإِرْثُ) أَيْ إنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ أَوْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر وَلَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ بِالتَّسَامُعِ. كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ. اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (لَا يَثْبُتُ الصَّدَاقُ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ، تَبَعًا لِلنِّكَاحِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (مَبْنِيَّةً عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْ بِقَوْلِهِ: سَمِعْت النَّاسَ إلَخْ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ، أَيْ بِمُسْتَنِدِ شَهَادَتِهِ مِنْ تَسَامُعٍ أَوْ رُؤْيَةٍ أَوْ تَصَرُّفٍ شَرْحُ الرَّوْضِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. وَمُسْتَنَدُ شَهَادَةِ الْأَعْمَى السَّمَاعُ.

قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْأَعْمَى قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يَقَعُ الْعِلْمُ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ حُرِّيَّةٌ وَلَا ذُكُورَةٌ، وَلَا عَدَالَةٌ، وَقَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ هَذَا بِالْمُتَوَاتِرِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إسْلَامِهِمْ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِمْ. شَرْحُ م ر قَالَ ع ش: وَمِثْلُهُ التَّكَالِيفُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ عَدَدِ التَّوَاتُرِ: بِأَنَّ التَّوَاتُرَ يُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَلَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُمْ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ الْقَوِيَّ فَقَطْ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ الظَّنُّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ عَدَمَ التَّوَاتُرِ. لِأَنَّ ذَاكَ يُفِيدُ الْعِلْمَ قَطْعًا شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ (مُتَرْجِمًا) أَيْ مُتَرْجِمًا لَهُ كَلَامَ الْخُصُومِ، أَوْ مُتَرْجِمًا عَنْهُ لِلْخُصُومِ، كَلَامَ الْقَاضِي وَفِي الْأُولَى لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَكْفِي وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ) وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ. قَوْلُهُ: (وَيَدُهُمَا إلَخْ) وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ إمَّا تَكُونُ يَدُهُمَا جَمِيعًا فِي يَدِهِ. أَوْ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهُمَا فِي يَدِهِ، أَوْ تَكُونُ يَدُ الْمُقِرِّ فِي يَدِهِ فَقَطْ، أَوْ يَدُ الْمُقَرِّ لَهُ فَقَطْ، فَفِي الْأُولَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ تُقْبَلُ إنْ كَانَا مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ عِنْدَهُ وَهَذِهِ مِنْ قَبِيلِ مَا شَهِدَ بِهِ قَبْلَ الْعَمَى. وَفِي الثَّالِثَةِ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعْرُوفَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ. وَفِي الرَّابِعَةِ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَعْرُوفَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ عِنْدَهُ، وَلَا بُدَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مِنْ رُؤْيَةِ فَمِ اللَّافِظِ حَالَ لَفْظِهِ قَبْلَ الْعَمَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَقْوَالِ. اهـ. م ر.

قَوْلُهُ: (فِي يَدِهِ) أَيْ الْأَعْمَى وَتَصِحُّ شَهَادَةُ الْأَعْمَى، فِيمَا لَوْ أَمْسَكَ ذَكَرَ مَنْ يَزْنِي، أَوْ يَلُوطُ وَهُوَ دَاخِلُ الْفَرْجِ أَوْ الدُّبُرِ وَأَمْسَكَهُ أَيْ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ حَتَّى شَهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي. اهـ. شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: بِإِبْصَارِ صَرِيحِهِ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَهَادَةُ الْأَعْمَى وَإِنْ مَسَّ الذَّكَرَ بِيَدِهِ فِي الْفَرْجِ. وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُهَا إنْ أَمْسَكَهُمَا إلَى أَنْ حَضَرُوا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ الذَّكَرُ فِي الْفَرْجِ اهـ. أَيْ فَيَشْهَدُ مَعَ ثَلَاثَةٍ وَلَا يَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي فِي حُدُودِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ عَرَفَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (مَعَ تَمْيِيزِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ مُقِرًّا أَوْ مُقَرًّا لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>