وَصَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِيَةِ (وَ) الْمَوْضِعُ الْخَامِسُ أَوْ السَّادِسُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مَا تَحَمَّلَهُ (عَلَى الْمَضْبُوطِ) عِنْدَهُ كَأَنْ يُقِرَّ شَخْصٌ فِي أُذُنِهِ بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَالٍ لِشَخْصٍ مَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ فَيَتَعَلَّقُ الْأَعْمَى بِهِ وَيَضْبِطُهُ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمَا سَمِعَ مِنْهُ عِنْدَ قَاضٍ بِهِ فَتُقْبَلُ عَلَى الصَّحِيحِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا لِلضَّرُورَةِ، وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يَجُوزُ بِالظَّنِّ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى زَوْجَتِهِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا كَغَيْرِهَا خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ.
(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ جَارٍّ لِنَفْسِهِ نَفْعًا) فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِعَبْدِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْذُونًا لَهُ أَمْ لَا. وَمُكَاتَبِهِ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ عَلَقَةٌ نَعَمْ لَوْ شَهِدَ بِشِرَاءِ شِقْصٍ لِمُشْتَرِيهِ وَفِيهِ شُفْعَةٌ لِمُكَاتَبِهِ قُبِلَتْ. وَلِغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ وَإِنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ تَرِكَتَهُ الدُّيُونُ أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ لِلْغَرِيمِ شَيْئًا أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ الْمُطَالَبَةَ بِهِ، وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ أَيْضًا بِمَا هُوَ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ فِيهِ وَلَوْ بِدُونِ جَعْلٍ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ سَلْطَنَةَ التَّصَرُّفِ وَبِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمَّنَهُ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا. قَوْلُهُ (وَفِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ يَدُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي يَدِ الْأَعْمَى. قَوْلُهُ: (مَا تَحَمَّلَهُ) أَيْ الْأَعْمَى قَوْلُهُ: (فِي أُذُنِهِ) أَيْ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (بِهِ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِهِ وَلَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ يَقْضِي بِهِ أَيْ بِمَا سَمِعَهُ.
قَوْلُهُ: (فَتُقْبَلُ إلَخْ) إنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ حَالَ التَّعَلُّقِ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَيْرَ الْمَضْبُوطِ تَكَلَّمَ فِي أُذُنِهِ بِمَا سَمِعَهُ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) وَلِذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا عَلَيْهِ، أَيْ وَلَوْ حَالَ الْوَطْءِ كَمَا فِي زِيّ وح ل.
قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يَجُوزُ بِالظَّنِّ) أَيْ وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعِلْمِ مَا أَمْكَنَ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَبِهَذَا حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالشَّهَادَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ) مُعْتَمَدٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ جَارٍّ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ مِنْ الْجَرِّ أَيْ التَّحْصِيلِ أَيْ الْمُحَصَّلِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (جَارٍّ لِنَفْسِهِ نَفْعًا) : أَيْ أَنْ يَظْهَرَ حَالَةَ الشَّهَادَةِ أَنَّ فِيهَا جَرَّ نَفْعٍ لَهُ فَشَهَادَتُهُ لِأَخٍ لَهُ ابْنٌ حَالَةَ الشَّهَادَةِ مَقْبُولَةٌ وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ بَعْدَهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (وَلِغَرِيمٍ) عَطْفٌ عَلَى لِعَبْدِهِ وَقَوْلُهُ: مَيِّتٍ نَعْتُ غَرِيمٍ. بِأَنْ ادَّعَى وَارِثُ الْمَيِّتِ الْمَدِينِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ وَأَقَامَ صَاحِبَ الدَّيْنِ يَشْهَدُ لَهُ فَلَا تَصِحُّ لِلتُّهْمَةِ، لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ لِلْغَرِيمِ شَيْئًا أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ الْمُطَالَبَةَ بِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (تَرِكَتَهُ) مَفْعُولٌ وَالدُّيُونُ فَاعِلٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَيِّتٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صِفَةٌ لِغَرِيمٍ وَخَرَجَ بِحَجْرِ الْفَلَسِ حَجْرُ السَّفَهِ وَالْغَرِيمُ الْحَيُّ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْغَرِيمِ.
قَوْلُهُ: (بِمَا هُوَ وَلِيٌّ) : بِأَنْ ادَّعَى سَفِيهٌ، عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ وَأَقَامَ وَلِيُّهُ شَاهِدًا فَلَا تُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَصِيٌّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ اثْنَانِ وَصِيَّيْنِ عَلَى صَبِيٍّ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا بِمَالٍ لِلصَّبِيِّ، وَأَقَامَ الْوَصِيُّ الثَّانِي شَاهِدًا فَلَا تُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَكِيلٌ) : كَأَنْ وُكِّلَ زَيْدٌ فِي بَيْعِ شَيْءٍ فَادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ مِلْكٌ لَهُ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ وَهُوَ زَيْدٌ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ، وَتَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِأُصُولِ الْوَكِيلِ، وَفُرُوعِهِ وَبِأُصُولِ الْمُوَكِّلِ وَفُرُوعِهِ، بِخِلَافِ الْوِصَايَةِ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْوِصَايَةَ أَقْوَى مِنْ الْوَكَالَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ: الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَنَاظِرُ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ إنْ ادَّعَوْا شَيْئًا ثُمَّ أَقَامُوا أُصُولَهُمْ أَوْ فُرُوعَهُمْ شُهُودًا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَثْبُتُ إلَخْ) وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَادَّعَى أَجْنَبِيٌّ الْمَبِيعَ وَلَمْ تُعْرَفْ وَكَالَتُهُ. فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا، أَوْ بِأَنَّ هَذَا مِلْكُهُ، حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا وَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بَاطِنًا لِأَنَّهُ فِيهِ تَوَصُّلًا لِلْحَقِّ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ م ر س ل.
قَوْلُهُ: (وَبِبَرَاءَةٍ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَا دَافِعٍ عَنْهَا ضَرَرًا وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: وَبِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمَّنَهُ هُوَ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَيْ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ. وَيَضُرُّ حُدُوثُ التُّهْمَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا بَعْدَهُ، فَلَوْ شَهِدَ لِأَخِيهِ بِمَالٍ وَكَانَ هُوَ وَارِثُهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ أَوْ بَعْدَهُ أَخَذَهُ. اهـ. سم. قَالَ سم. قَالَ س ل: وَكَذَا لَوْ شَهِدَ بِقَتْلِ فُلَانٍ لِأَخِيهِ الَّذِي لَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ وَوَرِثَهُ فَإِنْ صَارَ وَارِثُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُنْقَضْ. أَوْ قَبْلَهُ امْتَنَعَ الْحُكْمُ. اهـ وَلَوْ شَهِدَ لِبَعْضِهِ أَوْ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ الْفَاسِقِ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ الْحَقِّ وَالْحَاكِمُ يَجْهَلُ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُخْتَارُ جَوَازُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَاكِمَ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ عَلَى إيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ. فَلَمْ يَأْثَمْ الْحَاكِمُ لِعُذْرِهِ وَلَا الْخَصْمُ لِأَخْذِهِ حَقَّهُ وَلَا الشَّاهِدُ لِإِعَانَتِهِ. وَيُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى تَعْيِينِهِ طَرِيقًا لِوُصُولِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ اهـ م ر. وَيَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ بِشَهَادَةِ بَعْضِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ، إذَا لَمْ يَكُنْ بِجُعْلٍ لِأَنَّ التُّهْمَةَ ضَعِيفَةٌ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ