كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ وَبَقَاءِ عِدَّةٍ وَانْقِضَائِهَا وَحَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنْ يَشْهَدَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ وَالْمُسْتَحَبُّ سَتْرُهُ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ وَإِحْصَانٍ وَتَعْدِيلٍ وَكَفَّارَةٍ وَبُلُوغٍ وَكُفْرٍ وَإِسْلَامٍ وَتَحْرِيمِ مُصَاهَرَةٍ، وَثُبُوتِ نَسَبٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ إذَا عَمَّتْ جِهَتُهُمَا وَلَوْ أُخِّرَتْ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ فَيَدْخُلُ نَحْوُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى أَوْلَاده ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَرَثَتُهُ وَتَمَلَّكُوهَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ حِسْبَةً قَبْلَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِهِ بِوَقْفِيَّتِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ آخِرَهُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا إنْ خُصَّتْ جِهَتُهُمَا فَلَا تُقْبَلُ فِيهِمَا لِتَعَلُّقِهِمَا بِحُظُوظٍ خَاصَّةٍ. وَخَرَجَ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْبُيُوعِ وَالْأَقَارِيرِ لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهِ أَعْلَمَهُ الشَّاهِدُ بِهِ لِيَسْتَشْهِدَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى. وَإِنَّمَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَنَّهُ أَخُو فُلَانَةَ مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَا إنَّهُ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ أَنَّهُ يُرِيدُ نِكَاحَهَا، وَكَيْفِيَّةُ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ أَنَّ الشُّهُودَ يَجِيئُونَ إلَى الْقَاضِي وَيَقُولُونَ نَحْنُ نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ ابْتَدَءُوا وَقَالُوا: فُلَانٌ زَنَى، فَهُمْ قَذَفَةٌ وَمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ هَلْ تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَاهَا وَجْهَانِ؟ أَوْجَهُهُمَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ لِلْعِرَاقِيِّينَ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ أَمَرَ فِيهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا تُسْمَعُ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلِذَا فَصَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ: إنَّهَا تُسْمَعُ إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى.
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُتَعَلِّقٌ بِتُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (وَإِحْصَانٍ) أَيْ لِيُرْجَمَ، وَتَعْدِيلٍ وَقَدْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَبُلُوغٍ أَيْ وَالْوَلِيُّ يَمْنَعُهُ مِنْ تَسَلُّمِ الْمَالِ، وَكُفْرٍ أَيْ وَقَدْ أُرِيدَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَإِسْلَامٍ أَيْ وَقَدْ أُرِيدَ إرْثُهُ مِنْ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تُقْبَلُ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ.
قَوْلُهُ: (وَكُفْرٍ) أَيْ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُسْلِمَةً أَوْ أَرَادَ أَنْ يَرِثَ مُسْلِمًا.
قَوْلُهُ: (وَتَحْرِيمِ مُصَاهَرَةٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ تَحْرِيمُ قَوْلُهُ: (جِهَتُهُمَا) أَيْ الْوَصِيَّةُ وَالْوَقْفُ.
قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (نَحْنُ نَشْهَدُ) أَيْ نُرِيدُ أَنْ نَشْهَدَ قَوْلُهُ: (فَهُمْ قَذَفَةٌ) إلَّا أَنْ يَصِلُوهُ بِقَوْلِهِمْ وَنَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. حَجّ.
قَوْلُهُ: (هَلْ تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَاهَا) أَيْ الْحِسْبَةَ كَأَنْ قَالَ أَدَّعِي أَنَّ فُلَانًا زَنَى وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَاذِفًا وَخَرَجَ بِدَعْوَى الْحِسْبَةِ غَيْرُهَا كَأَنْ ادَّعَتْ أَنَّ فُلَانًا وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ أَوْ الْمَهْرِ فَتُسْمَعُ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ لِطَلَبِ الْأَجْرِ.
قَوْلُهُ: (أَوْجَهُهُمَا) ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ: لَا تُسْمَعُ أَيْ اكْتِفَاءً بِشَهَادَتِهِمَا وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ أَيْ لِلشَّاهِدِ شَرْحُ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَشْهُودِ بِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: فِي الْمُدَّعَى بِهِ قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ) وَهُوَ اللَّهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ مِنْ تَمَامِ الْعِلَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي إلَخْ) فَالْمُعْتَمَدُ سَمَاعُهَا إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ شَرْحُ الرَّوْضِ قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ) أَيْ مُوجِبِهَا كَالزِّنَا كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهُوَ يُعَاشِرُهَا.
فَرْعٌ: قَالَ الشَّاهِدُ: لَسْت بِشَاهِدٍ فِي هَذَا الشَّيْءِ ثُمَّ جَاءَ فَشَهِدَ نُظِرَ إنْ قَالَهُ: حِينَ تَصَدَّى لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ قَالَهُ: قَبْلَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ قُبِلَتْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ.