للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ الْقِيَاسِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا عُلِّقَتْ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ وَمُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ. فَإِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ عَتَقَ بِمَوْتِهِ.

وَإِنْ قَرَأَ بَعْضَهُ لَمْ يَعْتِقْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَإِنْ قَالَ: إنْ قَرَأْتَ قُرْآنًا وَمُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَقَرَأَ بَعْضَ الْقُرْآنِ وَمَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ وَالْفَرْقُ التَّعْرِيفُ وَالتَّنْكِيرُ كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ النَّصِّ قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ إنَّ الْقُرْآنَ يُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ كَالْمَاءِ وَالْعَسَلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} [يوسف: ٣] وَهَذَا الْخِطَابُ كَانَ بِمَكَّةَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ وَبَعْدَ ذَلِكَ نَزَلَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ بِالْهَمْزِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَالْقُرْآنُ بِغَيْرِ هَمْزٍ عِنْدَهُ اسْمُ جَمْعٍ، كَمَا أَفَادَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَلُغَةُ الشَّافِعِيِّ غَيْرُ هَمْزٍ وَالْوَاقِفُ عَلَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَظُنُّهُ مَهْمُوزًا وَإِنَّمَا نَطَقَ فِي ذَلِكَ بِلُغَتِهِ الْمَأْلُوفَةِ لَا بِغَيْرِهَا وَبِهَذَا اتَّضَحَ الْإِشْكَالُ. وَأُجِيبَ عَنْ السُّؤَالِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَصْلًا وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ. تَبِعَهَا وَكَذَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ.

قَوْلُهُ: (فِي حُكْمِ الصِّفَةِ) وَهِيَ مَوْتُ السَّيِّدِ مَعَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَحُكْمُهَا الْعِتْقُ. قَوْلُهُ: (فَيَعْتِقُ) الْأَوْلَى وَيَعْتِقُ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا أُمُّهُ فَمِنْ الثُّلُثِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ تَجَدَّدَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَكَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقٌ لَا تَدْبِيرٌ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهَا) الْمُنَاسِبُ إرْقَاقُهُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوَلَدِ وَهَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ لِأَنَّ وَلَدَ الْمُسْتَوْلَدَةِ كَأُمِّهِ فِي أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَالضَّمِيرُ فِي إرْقَاقِهِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ.

قَوْلُهُ: (إذَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ حَتَّى لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهُ. قَوْلُهُ: (إذَا قَرَأْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَمُتّ بِضَمِّهَا وَقَوْلُهُ: إذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ أَيْ سَوَاءٌ هَمَزَهُ أَوْ لَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِحَرْفِ التَّعْرِيفِ بِأَنْ قَالَ الْقُرْآنَ سَوَاءٌ أَكَانَ مَهْمُوزًا أَوْ لَا اُشْتُرِطَ فِي عِتْقِهِ أَنْ يَقْرَأَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ فَإِنْ قَالَ: إنْ قَرَأْت قُرْآنًا فَإِنَّهُ مَتَى قَرَأَ شَيْئًا مِنْهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فَصَّلَهُ الشَّارِحُ طَرِيقَةٌ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ التَّعْرِيفُ وَالتَّنْكِيرُ) عَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا بَعْدَهُ ضَعِيفٌ مَرْحُومِيٌّ. فَإِذَا عَلَّقَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِقِرَاءَةِ جَمِيعِهِ.

وَإِذَا عَلَّقَ بِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ بِدُونِ الْعِتْقِ بِقِرَاءَةِ بَعْضِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَهْمُوزًا أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (عَنْ النَّصِّ) أَيْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَلُغَةُ الشَّافِعِيِّ بِغَيْرِ هَمْزٍ كَمَا يَأْتِي وَهِيَ قِرَاءَةٌ سَبُعِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (يُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ) أَيْ فَقِرَاءَةُ الْبَعْضِ كَقِرَاءَةِ الْكُلِّ. قَوْلُهُ: (وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ النَّصِّ وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ جَمَعَ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ النَّصِّ وَبَيْنَ مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ: بِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ النَّصِّ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْمَهْمُوزِ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْكُلِّ فَقَطْ وَاَلَّذِي قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمَهْمُوزِ وَهُوَ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَهُ اسْمُ جَمْعٍ) أَيْ فَيُطْلَقُ عَلَى الْكُلِّ فَقَطْ. قَوْلُهُ (وَالْوَاقِفُ) كَالدَّمِيرِيِّ وَقَوْلُهُ: يَظُنُّهُ مَهْمُوزًا أَيْ فَاعْتُرِضَ النَّصُّ. أَيْ وَلَيْسَ ظَنُّهُ حَقًّا لِأَنَّهُ إنَّمَا نَطَقَ فِي ذَلِكَ بِلُغَتِهِ.

قَوْلُهُ:

(فِي ذَلِكَ) أَيْ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ: بِلُغَتِهِ الْمَأْلُوفَةِ وَهِيَ بِغَيْرِ الْهَمْزِ.

قَوْلُهُ: (وَبِهَذَا) أَيْ بِهَذَا الْجَمْعِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ إلَخْ. اتَّضَحَ أَيْ زَالَ الْإِشْكَالُ وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ النَّصِّ. وَبَيْنَ مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ.

قَوْلُهُ:

(وَأُجِيبَ عَنْ السُّؤَالِ) أَيْ بِأَنَّ الْكَلَامَيْنِ أَيْ كَلَامَ الْبَغَوِيِّ وَالدَّمِيرِيِّ لَمْ يَتَوَارَدَا فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى الْمَهْمُوزِ فَقَطْ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ. فَقَطْ لِأَنَّ النَّصَّ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ الْبَغَوِيّ فِي غَيْرِ الْمَهْمُوزِ وَاَلَّذِي قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَهْمُوزِ. بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ النَّصِّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ السُّؤَالِ) أَيْ الْإِشْكَالِ أَيْ أُجِيبَ بِأَنَّ نَاقِلَ النَّصِّ حَرَّفَهُ. فَإِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَى الْجَمِيعِ إنَّمَا هُوَ الْقُرْآنُ بِلَا هَمْزٍ لِكَوْنِهِ عِنْدَهُ اسْمُ جَمْعٍ بِخِلَافِ الْمَهْمُوزِ فَيُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَالنَّكِرَةِ اهـ. م د

<<  <  ج: ص:  >  >>