للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَبَيْعٍ. فَيَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ أَيْضًا وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ حَمْلٍ كَمَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ، وَلَا تَتْبَعُهُ أُمُّهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ، فَإِنْ بَاعَهَا فَرُجُوعٌ عَنْهُ وَلَا يَتْبَعُ مُدَبَّرًا وَلَدُهُ. وَإِنَّمَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ.

(وَحُكْمُ) الرَّقِيقِ (الْمُدَبَّرِ فِي حَالِ حَيَاةِ السَّيِّدِ حُكْمُ الْعَبْدِ الْقِنِّ) فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي رَهْنِهِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ الَّذِي قَطَعَ الْجُمْهُورُ بِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِهِ. وَالْقِنُّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ هُوَ مَنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمُعْتَقِ وَمُقَدَّمَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَالْمُسْتَوْلَدَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَبَوَاهُ مَمْلُوكَيْنِ أَوْ عَتِيقَيْنِ أَوْ حُرَّيْنِ أَصْلِيَّيْنِ بِأَنْ كَانَا كَافِرَيْنِ وَاسْتُرِقَّ هُوَ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ.

تَتِمَّةٌ لَوْ وُجِدَ مَعَ مُدَبَّرٍ مَالٌ أَوْ نَحْوُهُ فِي يَدِهِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَتَنَازَعَ هُوَ وَالْوَارِثُ فِيهِ فَقَالَ الْمُدَبَّرُ: كَسَبْته بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِي. وَقَالَ الْوَارِثُ بَلْ قَبْلَهُ صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ بِيَمِينِهِ. لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ فَتَرَجَّحَ وَهَذَا بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ إذَا قَالَتْ وَلَدْته بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ الْوَارِثُ بَلْ قَبْلَهُ فَهُوَ قِنٌّ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَارِثِ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ حُرِّيَّتَهُ وَالْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرِ عَلَى بَيِّنَةِ الْوَارِثِ إذَا أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ عَلَى مَا قَالَاهُ لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ وَلَوْ دَبَّرَ رَجُلَانِ أَمَتَهُمَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا لَحِقَهُ، وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ مَهْرِهَا، وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَرِيكُهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى أَخْذِهَا وَيَلْغُو رَدُّ الْمُدَبَّرِ التَّدْبِيرَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، كَمَا فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي بِعَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا لَمْ تُعْتَقْ إلَّا بِمُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا فِي حُكْمِ الصِّفَةِ إلَّا إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَيَتْبَعُهَا ذَلِكَ فَيُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَشْهُرٍ مِنْهُ. فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ لَمْ يَتْبَعْهَا. وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ يَفْتَرِشُهَا فَلَا يَتْبَعُهَا. وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ تَبِعَهَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ حَمْلُ مَنْ دُبِّرَتْ أَيْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ أَمْ لَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أج وَيُعْرَفُ وُجُودُهُ إلَخْ كَمَا أَفَادَهُ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (مُدَبَّرٌ تَبَعًا لَهَا) : أَيْ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ لَمْ يَتْبَعْهَا فِي التَّدْبِيرِ إلَّا إنْ عَتَقَتْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ حَامِلًا بِهِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا ح ل وَعِبَارَةُ. ع ش عَلَى الْمَنْهَجِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهَا وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ كَمَا مَرَّ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَضَعْفِ التَّدْبِيرِ. قَوْلُهُ: (بِلَا مَوْتِهَا) فَإِذَا مَاتَتْ وَانْفَصَلَ مِنْهَا حَيًّا بَعْدَ مَوْتِهَا بَقِيَ مُدَبَّرًا مَعَ بُطْلَانِ تَدْبِيرِهَا فَقَدْ ثَبَتَ الْحُكْمُ لِلتَّابِعِ مَعَ انْتِفَائِهِ لِلْمَتْبُوعِ.

قَوْلُهُ: (وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ حَمْلٍ) أَيْ اسْتِقْلَالًا فَغَايَرَ مَا قَبْلَهُ. وَقِيَاسُهُ عَلَى عِتْقِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ حَمْلَهَا وَهُوَ مُضْغَةٌ أَوْ عَلَقَةٌ لَمْ يَصِحَّ ق ل.

قَوْلُهُ: (فَرُجُوعٌ عَنْهُ) أَيْ التَّدْبِيرِ لِتَبَعِيَّةِ الْحَمْلِ لَهَا فِي الْبَيْعِ. فَلِذَا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَتْبَعُ مُدَبَّرًا وَلَدُهُ) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: حَمْلُ مَنْ دُبِّرَتْ حَامِلًا مُدَبَّرًا اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر عَبْدًا مُدَبَّرًا فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا يَتْبَعُ أُمَّهُ) أَيْ مُطْلَقُ الْوَلَدِ بِمَعْنَى الْحَمْلِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ. مَرْحُومِيٌّ وَأُطْلِقَ الْوَلَدُ عَلَى الْحَمْلِ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى كَوْنِهِ وَلَدًا بَعْدَ انْفِصَالِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمُقَدِّمَاتُهُ) تَفْسِيرٌ.

قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَكَانَ) أَيْ الْمُدَبَّرُ

قَوْلُهُ: (مَالٌ أَوْ نَحْوُهُ) كَاخْتِصَاصٍ.

قَوْلُهُ: (إذَا قَالَتْ وَلَدْته بَعْدَ مَوْتِ إلَخْ) وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا اخْتَلَفَا فِي وَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ هَلْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَهُ. أَوْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ أَوْ بَعْدَهُ أج.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِي) أَيْ إذَا مَضَى بَعْدَ الْمَوْتِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ كَسْبُ مِثْلِهِ زي.

قَوْلُهُ: (بَلْ قَبْلَهُ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حَالَ التَّدْبِيرِ وَإِلَّا فَهُوَ مُدَبَّرٌ.

قَوْلُهُ: (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرِ) رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَا قَالَاهُ) أَيْ مِنْ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ لِاعْتِضَادِهَا بِالْيَدِ إنَّمَا يُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ.

قَوْلُهُ: (وَنِصْفُ مَهْرِهَا) أَيْ إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِهَا لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُغَيِّبْهَا إلَّا فِي مِلْكِهِ، وَانْظُرْ مَا إذَا كَانَ مُقَارِنًا وَلَا يَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى أَخْذِهَا) الضَّمِيرُ لِلنِّصْفِ لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا) أَيْ الْمُنْفَصِلُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهَا فَقَطْ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِالْوَلَدِ الْحَمْلُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ التَّعْلِيقِ تَبِعَهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ انْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، أَوْ بَعْدَهُ. وَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَوَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ لَا يَتْبَعُهَا، بَلْ لَا يَعْتِقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>