وَفِي أَنَّهُ يَتْبَعُهُ إذَا عَتَقَ كَسْبُهُ وَكَالتَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِغَيْرِ أَدَاءِ الْمُكَاتَبِ كَإِبْرَائِهِ أَوْ أَدَائِهِ غَيْرَهُ عَنْهُ مُتَبَرِّعًا وَفِي أَنَّ كِتَابَتَهُ تَبْطُلُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَفِي أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَفِي أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لَهُ سَهْمُ الْمُكَاتَبِينَ وَفِي صِحَّةِ إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَتَمْلِيكِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ السَّفَرِ وَجَوَازِ وَطْءِ الْأَمَةِ. وَكُلٌّ مِنْ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَكِنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْأُولَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَالْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ عِنْدَنَا سَوَاءٌ إلَّا فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَةٍ مِنْهَا الْحَجُّ، وَالْعَارِيَّةُ وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ وَتُخَالِفُ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ الصَّحِيحَةَ وَالتَّعْلِيقَ فِي أَنَّ لِلسَّيِّدِ فَسْخَهَا بِالْقَوْلِ وَفِي أَنَّهَا تَبْطُلُ بِنَحْوِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
السَّيِّدُ طَرَفَهُ فِي الْفَاسِدَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ فِي الصَّحِيحَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ أَدَاءِ الْمُكَاتَبِ) : فِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ فِي الصَّحِيحَةِ لِكَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِيهَا الْمُعَاوَضَةَ فَالْأَدَاءُ وَالْإِبْرَاءُ فِيهَا وَاحِدٌ شَرْحُ م ر أَيْ وَالْمُغَلَّبُ فِي الْفَاسِدَةِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَاخْتَصَّتْ بِأَدَاءِ الْمُسَمَّى لِلسَّيِّدِ كَيْ تَتَحَقَّقَ الصِّفَةُ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (وَأَدَاءُ غَيْرِهِ عَنْهُ) أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَدَاءُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: مُتَبَرِّعًا لَيْسَ بِقَيْدٍ.
قَوْلُهُ: (تَبْطُلُ) اسْتَشْكَلَهُ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ فَكَيْفَ يُقَالُ: بَطَلَ قَالَ: فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بُطْلَانُ الصِّفَةِ اهـ. سم قَالَ الْحَلَبِيُّ: وَإِنَّمَا بَطَلَتْ الْفَاسِدَةُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَقَوْلُهُ: بِمَوْتِ سَيِّدِهِ أَيْ قَبْلَ الْأَدَاءِ إنْ لَمْ يَقُلْ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَوْ إلَى وَارِثِي كَمَا فِي الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْعَجْزِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ فِيهَا إلَّا إنْ قَيَّدَ الْعَجْزَ سم.
قَوْلُهُ: (وَتَمْلِيكُهُ) أَيْ تَمْلِيكُهُ لِلْغَيْرِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ بِأَنْ يُمَلِّكَهُ سَيِّدُهُ لِلْغَيْرِ أَوْ يُمَلِّكَهُ سَيِّدُهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ: اهـ عَبْدُ الْبَرِّ فَهُوَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ اهـ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَتَمْلِيكُهُ أَيْ تَمْلِيكُ السَّيِّدِ إيَّاهُ الْأَجْنَبِيَّ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ) أَيْ بِخِلَافِهِ فِي الصَّحِيحَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِلَا إذْنٍ مَا لَمْ يَحِلَّ النَّجْمُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ: وَجَوَازُ وَطْءِ الْأَمَةِ أَيْ وَطْءِ السَّيِّدِ الْأَمَةَ الْمُكَاتَبَةَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَطْءَ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً أَمَتَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ حَتَّى فِي الصَّحِيحَةِ. كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ. سم وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: وَجَوَازُ وَطْءِ الْأَمَةِ أَيْ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً فَاسِدَةً وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَنْعُهُ مِنْ وَطْئِهَا.
وَأَجَابَ الْحَلَبِيُّ بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى السَّفَرِ أَيْ وَمَنَعَهُ مِنْ جَوَازِ الْوَطْءِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْمَنْعِ مِنْ الْجَوَازِ وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ إضَافَةُ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ وَمَنَعَهُ مِنْ الْوَطْءِ الْجَائِزِ لَوْلَا الْكِتَابَةُ وَعَلَى هَذَا فَلَا تَكُونُ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ كَالتَّعْلِيقِ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا مِثْلُهُ فَالْأَنْسَبُ الْقَوْلُ: بِالتَّضْعِيفِ وَكَلَامُ الْحَلَبِيِّ ضَعِيفٌ اهـ لَكِنَّ الْمَدَابِغِيَّ لَمْ يُضَعِّفْ كَلَامَ الشَّارِحِ بَلْ أَقَرَّهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا وَعَلَّلَ مَنْعَهُ مِنْ السَّفَرِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْفَاسِدَةَ فِيهَا شَبَهَانِ شَبَهٌ بِالصَّحِيحَةِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: اسْتِقْلَالِ الْمَكَاتِبِ بِكَسْبِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ بِأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ وَعِتْقِهِ بِالْأَدَاءِ وَتَبَعِيَّةِ كَسْبِهِ لَهُ، وَشَبَهٌ بِالتَّعْلِيقِ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ: فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ وَلَا بِأَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ تَغْلِيبًا لِمَعْنَى التَّعْلِيقِ بِإِعْطَائِهِ وَلَوْ غَلَّبْنَا جَانِبَ الْمُعَاوَضَةِ لَعَتَقَ بِذَلِكَ وَفِي بُطْلَانِهَا بِمَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلَ الْأَدَاءِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ يَنْقَطِعُ حُكْمُ التَّعْلِيقِ بِانْتِقَالِهِ لِمِلْكِ غَيْرِهِ وَفِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَفِي أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ لَهُ مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِينَ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالصَّحِيحَةِ وَفِي إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهُ يَصِحُّ إعْتَاقُهُ عَنْهَا وَفِي جَوَازِ تَمْلِيكِهِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ وَفِي مَنْعِهِ مِنْ السَّفَرِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُهَا لَا تَزُولُ وِلَايَةُ السَّيِّدِ عَنْهُ وَفِي جَوَازِ وَطْءِ الْأَمَةِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَجُوزُ وَطْؤُهَا. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ) بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى لِغَيْرِ السَّيِّدِ كَالْوَارِثِ يَعْتِقُ وَقَوْلُهُ: مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِدَلِيلِ أَنْ لَوْ أَدَّى لِلْوَارِثِ يَعْتِقُ. قَوْلُهُ: (الْحَجُّ) : فَإِنَّهُ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ وَيَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ فَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي الْفَاسِدِ دُونَ الْبَاطِلِ وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ فَتَصَوُّرُهُ بِإِعَارَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِغَيْرِ الزِّينَةِ فَعِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ فَاسِدَةٌ فَتُضْمَنُ وَعِنْدَ الْمَرَاوِزَةِ بَاطِلَةٌ فَلَا تُضْمَنُ لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ بِخِلَافِ بَاطِلِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَصَحِيحِهِ كَمَا فِي الدَّمِيرِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَالْخُلْعُ وَالْكِتَابَةُ) فَإِنَّ الْبَاطِلَ فِيهِمَا مَا كَانَ عَلَى عِوَضٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ أَوْ رَجَعَ إلَى خَلَلٍ فِي الْعَاقِدِ كَالصِّغَرِ وَالسَّفَهِ، وَالْفَاسِدُ مِنْهُمَا خِلَافُهُ وَحُكْمُ الْبَاطِلِ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي وَالْفَاسِدُ كَأَنْ كَانَ عَلَى خَمْرٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ بِالْقِيمَةِ وَالزَّوْجُ بِالْمَهْرِ. أَيْ عَلَى الزَّوْجَةِ اهـ