للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إغْمَاءِ السَّيِّدِ وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ وَفِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ إنْ بَقِيَ وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ وَالسَّيِّدُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْعِتْقِ. فَإِنْ اتَّحَدَ وَاجِبُ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ تَقَاصَّا وَلَوْ بِلَا رِضًا وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْفَضْلِ بِهِ، هَذَا إذَا كَانَا نَقْدَيْنِ فَإِنْ كَانَا مُتَقَوِّمَيْنِ فَلَا تَقَاصَّ أَوْ مِثْلِيَّيْنِ فَفِيهِمَا تَفْصِيلٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَغَيْرِهِ مَعَ فَوَائِدَ مُهِمَّةٍ لَا بَأْسَ بِمُرَاجَعَتِهَا، فَإِنَّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ل ح وَمَعْنَى كَوْنِهِمَا فَاسِدَيْنِ أَنَّ عِوَضَهُمَا فَاسِدٌ وَإِنْ كَانَا نَافِذَيْنِ بِدَلِيلِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَحُصُولِ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا أَتَى الشَّارِحُ بِمَنْ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَيْضًا الْفَرْقُ فِي كُلِّ عَقْدٍ صَحِيحٍ غَيْرِ مُضَمَّنٍ كَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ فَإِنَّهُ لَوْ صَدَرَ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ صَبِيٍّ وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُتَّهِبِ وَجَبَ الضَّمَانُ لِبُطْلَانِهِمَا وَلَوْ كَانَا فَاسِدَيْنِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُمَا لِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ كَمَا نَقَلَهُ الزِّيَادِيُّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (بِنَحْوِ إغْمَاءِ السَّيِّدِ وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَظَّ فِي الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ لَا لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّعْلِيلُ لَا يَبْطُلَانِ بِذَلِكَ. وَخَرَجَ بِالسَّيِّدِ الْمُكَاتَبُ فَلَا تَبْطُلُ الْفَاسِدَةُ بِنَحْوِ إغْمَائِهِ وَحَجْرِ سَفَهٍ عَلَيْهِ وَحَجْرِ الْفَلَسِ. فَلَا تَبْطُلُ بِهَا فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ بَطَلَتْ اهـ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: لَا لِلسَّيِّدِ فَهِيَ تَبَرُّعٌ مِنْ السَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَكُلٌّ مِنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّفِيهِ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ كَذَا فِي ح ل وز ي وع ش وَفِيهِ أَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالسَّفَهَ طَرَآ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَقَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ الْفَاسِدَةُ بِنَحْوِ إغْمَائِهِ فَإِذَا أَفَاقَ وَأَدَّى الْمُسَمَّى عَتَقَ شَرْحُ م ر وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ مَالِهِ إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَتَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ يُؤَدِّي بِشُرُوطِهِ.

قَوْلُهُ: (وَفِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ) : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُهُ وَقْتَ أَخْذِهِ وَعِنْدِي لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يَمْلِكُهُ فَإِذَا عَتَقَ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْمِلْكُ وَاسْتَشْهَدَ بِمَا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى إعْطَاءِ دَرَاهِمَ فَأَعْطَتْهُ غَيْرَ الْغَالِبِ مِلْكُهُ، وَلَهُ رَدُّهُ وَطَلَبُ الْغَالِبِ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْكِتَابَةِ يَرْتَفِعُ الْمِلْكُ قَهْرًا وَهُنَا بِالِاخْتِيَارِ سم.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ) خَرَجَ الْخَمْرُ أَيْ غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَخَمْرٍ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا كَجِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ فَيَرْجِعُ بِهِ لَا بِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ اهـ وَقَوْلُهُ: كَخَمْرٍ أَيْ غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ أَيْ الْمُؤَدَّى مُحْتَرَمًا كَمَا قَالَهُ: الشَّوْبَرِيُّ. وَقَوْلُهُ: كَجِلْدِ مَيْتَةٍ كَأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى جُلُودِ مَيْتَةٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ.

وَقَوْلُهُ: لَمْ يُدْبَغْ قَيَّدَ بِهِ لِعَدَمِ ضَمَانِهِ بِالْبَدَلِ إنْ تَلِفَ كَمَا ذَكَرَهُ: إلَّا فَالْمَدْبُوغُ يَرْجِعُ بِهِ وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ. اهـ. شَيْخُنَا قَالَ: ع ش وَهَلْ الْعِبْرَةُ بِالْقِيمَةِ بِوَقْتِ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ أَقْصَى الْقِيَمِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِأَقْصَى الْقِيَمِ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْعِتْقِ) إذْ لَا يُمْكِنُ رَدُّ الْعِتْقِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ: وَقَوْلُهُ: إذْ لَا يُمْكِنُ عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ لِعَدَمِ إمْكَانِ رَدِّهِ. فَهُوَ كَتَلَفِ مَبِيعٍ فَاسِدٍ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَدَّى وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا الْقِيمَةُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ اتَّحَدَ وَاجِبُ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ) فِي الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ كَأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى دِينَارَيْنِ مَثَلًا فِي نَجْمٍ وَدَفَعَهُمَا لِلسَّيِّدِ وَقِيمَةُ الْمُكَاتَبِ دِينَارَيْنِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ التَّقَاصُّ كَمَا ذُكِرَ فَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ رَجَعَ الْعَبْدُ بِثَمَانِيَةٍ وَحُكْمُ عَكْسِهِ عَكْسُ حُكْمِهِ أج.

قَوْلُهُ: (تَقَاصَّا) أَيْ سَقَطَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا فِي نَظِيرِ دَيْنِ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ مَحَلُّ التَّقَاصِّ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَا مُتَقَوِّمَيْنِ) : حَاصِلُ مَا قَالَهُ م ر أَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَرَيَانُ التَّقَاصِّ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَقَطْ فِي الْكِتَابَةِ دُونَ غَيْرِهَا سم. قَوْلُهُ: (فَلَا تَقَاصَّ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَعْلُومَيْنِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ قَالَ سم: فَإِنْ قُلْتَ: مَا صُورَةُ التَّقَاصِّ فِي الْمِثْلِيَّيْنِ فِي الْكِتَابَةِ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ.

قُلْت: مِنْ صُوَرِهِ أَنْ تَكُونَ النُّجُومُ بُرًّا مَثَلًا وَتَكُونُ الْمُعَامَلَةُ فِي ذَلِكَ بِالْبُرِّ فَهُوَ نَقْدُ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَتَكُونُ الْقِيمَةُ مِنْهُ اهـ. وَانْظُرْ أَيْضًا مَا صُورَةُ التَّقَاصِّ فِي الْمُتَقَوِّمَيْنِ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنْ تَكُونَ النُّجُومُ غَنَمًا وَتَكُونَ الْمُعَامَلَةُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بِهَا فَتَكُونُ الْقِيمَةُ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّقَاصَّ فِي الْمُتَقَوِّمَيْنِ لَا يَأْتِي هُنَا حَتَّى يَنْفِيَهُ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَبَدَلِ الْمُتْلَفِ إنْ كَانَ قِيمَةً فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَثَلًا فَمُقَابِلُهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (فَفِيهِمَا تَفْصِيلٌ) : حَاصِلُهُ وُجُودُ التَّقَاصِّ فِي الْمِثْلِيَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>