الْجَوْهَرِيُّ وَيُقَالُ فِي جَمْعِهَا أَيْضًا أُمَّاتٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ، وَقَالَ آخَرُونَ: يُقَالُ فِيهِمَا أُمَّهَاتٌ وَأُمَّاتٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَكْثَرُ فِي النَّاسِ وَالثَّانِيَ أَكْثَرُ فِي غَيْرِهِمْ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَوَّلِ إلَى هَذَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ: «أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ. وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْأَصْلِيَّةِ قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ. وَقَوْلُهُ: بِدَلِيلِ جَمْعِهَا لِأَنَّ الْجَمْعَ يَرُدُّ الْأَشْيَاءَ إلَى أُصُولِهَا. قَوْلُهُ: (قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ) أَيْ فِي صِحَاحِهِ وَحِينَئِذٍ فَأُمَّهَاتٌ جَمْعٌ لِلْفَرْعِ دُونَ الْأَصْلِ وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ وَهُوَ الْمَحَلِّيُّ أَنَّهُ قَالَ: أُمَّهَاتٌ جَمْعُ أُمَّهَةٍ أَصْلِ أُمٍّ فَهُوَ أَيْ الْجَمْعُ لِلْأَصْلِ دُونَ الْفَرْعِ خِلَافُ مَا قَرَّرْته فَقَدْ تَسَمَّحَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ عَنْهُ حَيْثُ نَسَبَ لِلصِّحَاحِ غَيْرَ لَفْظِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَا يَثْبُتُ لِلْفَرْعِ يَثْبُتُ لِأَصْلِهِ غَالِبًا سَاغَ لَهُ أَنْ يَنْقُلَ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّ أُمَّهَاتٍ جَمْعُ أُمَّهَةٍ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْمَحَلِّيُّ لَمْ يَنْقُلْ مَا ذَكَرَهُ عَنْ صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ بَلْ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ وَالْجَوْهَرِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الصِّحَاحِ. اهـ. طَبَلَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ فِي جَمْعِهَا أُمَّاتٌ) يَحْتَمِلُ أَنَّ مُفْرَدَهُ عَلَى هَذَا أُمٌّ الَّتِي لَيْسَ أَصْلُهَا أُمَّهَةً بَلْ هِيَ أَصْلٌ بِرَأْسِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُفْرَدَهُ أُمٌّ الَّتِي أَصْلُهَا أُمَّهَةٌ إلَّا أَنَّ الْهَاءَ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ عَدَمِ رَدِّهَا فِي الْجَمْعِ حَرِّرْ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ) هُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ فِيمَا يَأْتِي بِالْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَوَّلِ إلَى هَذَا) كَأَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ أَيْ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِمَا وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ أَيْ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهَا. اهـ. شَيْخُنَا. وَيُقَالُ يَا أُمَّاهْ بِهَاءِ السَّكْتِ بَعْدَ الْأَلْفِ وَيَا أُمَّهْ بِإِسْقَاطِ الْأَلْفِ وَتُشَبَّهُ بِهَاءِ السَّكْتِ تَاءُ التَّأْنِيثِ كَمَا لَوْ قَالُوا: يَا أَبَتْ وَجَعَلَهَا الْجَوْهَرِيُّ عَلَامَةَ تَأْنِيثٍ عِوَضًا عَنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ.
فَائِدَةٌ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْأُمَّ تُطْلَقُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى خَمْسَةِ مَعَانٍ الْأَصْلِ وَمِنْهُ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ} [الزخرف: ٤] وَالْوَالِدَةِ وَمِنْهُ {فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] وَالْمُرْضِعَةِ وَمِنْهُ {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣] وَالْمُضَاهِيَةِ لِلْأُمِّ فِي الْحُرْمَةِ وَمِنْهُ {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦] وَالْمَرْجِعِ وَالْمَصِيرِ {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: ٩] . وَقِيلَ الْمُرَادُ أُمُّ رَأْسِهِ وَقِيلَ النَّارُ لِأَنَّهُ يَأْوِي إلَيْهَا اهـ.
قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَيْ فِي أَحْكَامِهَا وَقَدَّمَ الدَّلِيلَ عَلَى الْمَدْلُولِ لِأَنَّهُ رُتْبَةُ الدَّلِيلِ الْعَامِّ التَّقْدِيمُ لِيُفَرِّعُوا عَلَيْهِ الْمَسَائِلَ كَمَا قَالَهُ م ر. قَوْلُهُ: (أَيُّمَا أَمَةٍ) إمَّا بِالْجَرِّ عَلَى زِيَادَةِ مَا، أَوْ عَلَى أَنَّهَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِتَأْوِيلِ أَمَةٍ بِرَقِيقَةٍ لِيَكُونَ الْوَصْفُ فِي مَعْنَى الْمُشْتَقِّ عَمَلًا بِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ:
وَانْعَتْ بِمُشْتَقٍّ كَصَعْبٍ وَذَرَبٍ
إلَخْ أَوْ نَكِرَةٍ تَامَّةٍ وَأَمَةٌ بَدَلٌ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ مَا اسْمُ مَوْصُولٍ وَأَمَةٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ وَالْمَعْنَى أَيْ الَّذِي هُوَ أَمَةٌ لَكِنْ فِيهِ حَذْفُ صَدْرِ الصِّلَةِ فِي غَيْرِ أَيٍّ وَهُوَ قَلِيلٌ فَالْأَوْلَى تَخْرِيجُ الرَّفْعِ عَلَى أَنَّ مَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِجُمْلَةٍ مَحْذُوفٌ صَدْرُهَا وَالتَّقْدِيرُ: أَيُّ شَيْءٍ هُوَ أَمَةٌ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَا زَائِدَةٌ لِتَوْكِيدِ مَعْنَى الشَّرْطِ فَيَكُونُ أَمَةٌ مَرْفُوعًا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ أَيِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَيُّ أَمَةٌ أَوْ بِالنَّصْبِ تَمْيِيزٌ لِلنَّكِرَةِ التَّامَّةِ أَوْ حَالٌ مِنْ أَيٍّ الْمُخَصَّصَةِ بِالْإِضَافَةِ وَأَيُّ شَرْطِيَّةٌ وَوَلَدَتْ فِعْلُ الشَّرْطِ وَهُوَ خَبَرٌ وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ تَحْصُلْ الْفَائِدَةُ بِهِ بَلْ بِقَوْلِهِ: فَهِيَ حُرَّةٌ لِأَنَّ الْخَبَرَ قِسْمَانِ مُفِيدٌ بِنَفْسِهِ وَمُفِيدٌ بِانْضِمَامِ غَيْرِهِ إلَيْهِ وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِي. فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي إعْرَابِ أَمَةٍ ثَمَانِيَةَ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٌ فِي الْجَرِّ وَثَلَاثَةٌ فِي الرَّفْعِ وَاثْنَانِ فِي النَّصْبِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ وَلَدَتْ صِفَةٌ لِأَمَةٍ أَغْنَى عَنْ فِعْلِ الشَّرْطِ اهـ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ أَيٍّ لَكِنَّهُ قَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُ إذَا أُبْدِلَ اسْمٌ مِنْ اسْمٍ مُضَمَّنٍ مَعْنَى شَرْطٍ إبْدَالًا تَفْصِيلًا أُعِيدَ الشَّرْطُ نَحْوُ: مَنْ يَقُمْ إنْ زَيْدٌ وَإِنْ عَمْرٌو أَقُمْ مَعَهُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ أَغْلَبِيٌّ فَقَدْ قَالَ فِي التَّصْرِيحِ: وَقَدْ يَتَخَلَّفُ كُلٌّ مِنْ التَّفْصِيلِيِّ وَإِعَادَةِ الشَّرْطِ، فَفِي الْكَشَّافِ أَنَّ يَوْمَئِذٍ بَدَلٌ مِنْ إذَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: ١] وَكَذَا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: وَلِهَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ. فَقَالَ:
وَبَدَلُ الْمُضَمَّنِ الْهَمْزُ يَلِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute