للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَأْتِي السَّبَايَا وَنُحِبُّ أَثْمَانَهُنَّ فَمَا تَرَى فِي الْعَزْلِ؟ فَقَالَ مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» فَفِي قَوْلِهِمْ: وَنُحِبُّ أَثْمَانَهُنَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَهُنَّ بِالِاسْتِيلَادِ مُمْتَنِعٌ لِذَلِكَ وَاسْتَشْهَدَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

هَمْزًا، وَكَذَا فَعَلَ فِي التَّسْهِيلِ مَعَ كَثْرَةِ جَمْعِهِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (فَهِيَ حُرَّةٌ) أَيْ آيِلَةٌ إلَى الْحُرِّيَّةِ. فَإِنْ قِيلَ: إنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ مُوجِبَةً لِلْحُرِّيَّةِ فَلِمَ تَوَقَّفَتْ عَلَى مَوْتِ السَّيِّدِ. قِيلَ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا بِالْوِلَادَةِ وَلِلسَّيِّدِ حَقًّا بِالْمِلْكِ وَفِي تَعْجِيلِ عِتْقِهَا بِالْوِلَادَةِ إبْطَالٌ لِحَقِّهِ مِنْ الْكَسْبِ وَالِاسْتِمْتَاعِ فَفِي تَعْلِيقُهُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ حِفْظٌ لِلْحَقَّيْنِ فَكَانَ أَوْلَى اهـ شَوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ) بِضَمِّ الدَّالِ وَالْبَاءِ أَيْ بَعْدَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ فَعَنْ بِمَعْنَى بَعْدَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: ١٩] قَالَ فِي الْمِصْبَاح: الدُّبُرُ بِضَمَّتَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ خِلَافُ الْقُبُلِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَصْلُهُ لِمَا أَدْبَرَ عَنْهُ الْإِنْسَانُ اهـ ع ش. فَقَوْلُهُ: عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا حُرِّيَّةَ وَأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهَا إنْسَانٌ كَانَ لِسَيِّدِهَا قِيمَتُهَا فَلَوْ مَاتَا مَعًا أَوْ شَكَّ فِي السَّبْقِ وَالْمَعِيَّةِ مَا الْحُكْمُ. اهـ. عَمِيرَةُ. قَالَ سم: يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِالْعِتْقِ فِي الْأُولَى نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ تُقَارِنُ الْمَعْلُولَ دُونَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ بَقَاءَ الرِّقِّ مُحَقَّقٌ فَلَا يَزُولُ إلَّا بِثُبُوتِ خِلَافِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ أج. قَوْلُهُ: (ابْنُ مَاجَهْ) اسْمُ أُمِّهِ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَصْلًا وَوَقْفًا مَجْرُورٌ بِفَتْحَةٍ مَقْدِرَةٍ نِيَابَةً عَنْ الْكَسْرَةِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لَا يَنْصَرِفُ وَالْمَانِعُ لَهُ مِنْ الصَّرْفِ الْعِلْمِيَّةُ وَالْعُجْمَةُ وَمَنَعَ مِنْ ظُهُورِ الْحَرَكَةِ سُكُونُ الْحِكَايَةِ بِلَفْظِهِ وَمِثْلُهُ سِيدَهْ وَبَرْدِزْبَهْ وَمَنْدَهْ. قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي مُوسَى) الَّذِي فِي شَرْحِ م ر عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

قَوْلُهُ: (إنَّا نَأْتِي السَّبَايَا) جَمْعُ سَبِيَّةٍ كَهَدَايَا جَمْعُ هَدِيَّةٍ وَالْمُرَادُ مَسْبِيَّةٌ وَالْيَاءُ الْأُولَى زَائِدَةٌ فَتُقْلَبُ هَمْزَةً فِي الْجَمْعِ فَيُقَالُ سَبَائِي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ كَصَحَائِفَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ

وَالْمَدُّ زِيدَ ثَالِثًا فِي الْوَاحِدِ ... هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كَالْقَلَائِدِ

ثُمَّ تُفْتَحُ الْهَمْزَةُ فَيُقَالُ سَبَاءَى أَخْذًا مِنْ قَوْلِهَا بَعْدُ وَافْتَحْ وَرُدَّ الْهَمْزَ يَا وَبَعْدَ الْفَتْحِ يُقَالُ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلْفًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهَا

مِنْ يَاءٍ وَوَاوٍ بِتَحْرِيكِ أَصْلِ ... أَلِفًا ابْدَلْ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِلِ

ثُمَّ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهَا الْمَارِّ وَرُدَّ الْهَمْزُ يَا فَصَارَ سَبَايَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَعْمَالٍ سَبَائِي وَسَبَاءَى وَسَبَبَا أَوْ سَبَايَا وَإِذَا كَانَ الْمُفْرَدُ مَهْمُوزًا زِيدَ فِيهِ عَمَلٌ خَامِسٌ بَعْدَ الْعَمَلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَلْبُ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ يَاءً كَخَطِيئَةٍ جَمْعُهَا خَطَائِي بِهَمْزَتَيْنِ أُولَاهُمَا مَكْسُورَةٌ ثُمَّ قُلِبَتْ الثَّانِيَةُ يَاءً فَيُقَالُ خَطَائِي ثُمَّ تَأْتِي بِالْأَعْمَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ

وَافْتَحْ وَرُدَّ الْهَمْزَ يَا فِيمَا أُعِلَّ

لَامًا وَفِي الْمُخْتَارِ السَّبِيَّةُ الْمَرْأَةُ الْمَسْبِيَّةُ، قَوْلُهُ: (أَنْ لَا تَفْعَلُوا) قِيلَ إنَّ لَا زَائِدَةٌ لِيُطَابِقَ السُّؤَالَ لِأَنَّ السُّؤَالَ عَنْ الْعَزْلِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى زِيَادَتِهَا مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ الْعَزْلُ لَكِنْ قَوْلُهُ: مَا نَسَمَةٌ إلَخْ يَقْتَضِي أَنْ لَا أَصْلِيَّةٌ وَيَكُونُ الْمَعْنَى مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي عَدَمِ الْفِعْلِ أَيْ الْعَزْلِ لِأَنَّ مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلَخْ. فَالسُّؤَالُ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَتِهَا وَقَوْلُهُ: مَا مِنْ نَسَمَةٍ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَصَالَتِهَا وَاخْتَارَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَوَازَهُ وَعَنْ الْأَمَةِ مُطْلَقًا وَعَنْ الْحُرَّةِ بِإِذْنِهَا نَعَمْ هُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ وَعِبَارَةُ م ر. وَالْعَزْلُ حَذَرًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ. اهـ أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ مَا مِنْ نَسَمَةٍ إلَخْ أَيْ مُقَدَّرَةٍ عِنْدَ اللَّهِ اهـ. وَنَقَلَ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ قَرَّرَ أَنَّ الْعَزْلَ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ وَفِي شَرْحِ السَّيِّدِ النَّسَّابَةِ لِمَنْظُومَةِ ابْنِ الْعِمَادِ فِي الْأَنْكِحَةِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: الْعَزْلُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَهُوَ أَنْ يُجَامِعَ فَإِذَا قَارَبَ الْإِنْزَالَ نَزَعَ فَأَنْزَلَ خَارِجَ الْفَرْجِ وَالْأُولَى تُكْرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَأَطْلَقَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ كَرَاهِيَتَهُ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ فِي السُّرِّيَّةِ صِيَانَةً لِلْمِلْكِ وَلَا يَحْرُمُ فِي الزَّوْجَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ بِالْإِذْنِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ: يَحْرُمُ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَقِيلَ يَحْرُمُ فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا الْمُسْتَوْلَدَةُ فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهَا غَيْرُ رَاسِخَةٍ فِي الْفِرَاشِ وَلِهَذَا لَا يُقْسَمُ لَهَا. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَحَيْثُ حَرَّمْنَا الْعَزْلَ فَذَلِكَ إذَا نَزَعَ بِقَصْدِ أَنْ يَقَعَ الْإِنْزَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>